السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011

كتّاب «إسرائيليون» يحذّرون من وهم «القوة العظمى» : الدولة العبريّة لن تصمد ... والغرب لن يهب لحمايتها

السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par حلمي موسى

ثمة في «إسرائيل» من يستشعر فائض قوة دفعت به للاعتقاد بأن «إسرائيل» ليست دولة محدودة السكان وقليلة المساحة ومعرضة للكثير من المخاطر في منطقة تزداد عداء لها، فبات يعرض نفسه وكأنه ليس مجرد دولة قوية بل قوة عظمى وربما الأعظم في العالم.

ولا تخلو هذه النزعة من بعد عنصري لافت بات يتمظهر في سن قوانين فاشية وإطلاق ادعاءات لا تقف عند حدود حول ما تحتويه هذه الدولة من ذخر أخلاقي وعلمي وعسكري. ولكن في حمى هذا الإحساس ثمة «أنبياء غضب» يحذرون من مغبة التمادي ويشرحون أن تفسير الواقع يمكن أن يكون مختلفا. وبين أبرز هؤلاء الأديب والشاعر «الإسرائيلي» نتان زاخ الذي ترجمت كتبه إلى العديد من اللغات والبالغ من العمر 81 عاما.

يقول نتان زاخ، الحائز على جائزة «إسرائيل»، في مقابلة مع صحيفة «معاريف» يوم أمس إن «هذه الدولة لن تصمد». كما أن الأديب الروائي أ. ب. يهوشع يعتقد في مقالة نشرها أمس في «هآرتس» أن «إسرائيل» تتجه نحو أن تكون دولة ثنائية القومية برغم إجماع كل التيارات فيها على أن هذا خيار سيئ على المديين القصير والبعيد. ويرى الدكتور رؤوفين باركو في «إسرائيل اليوم» أن الإسلاميين في المنطقة العربية ومحللين سياسيين ليسوا مسلمين يعتقدون بأن الغرب الذي فشل في الماضي في المحافظة على ممالكه الصليبية المسيحية في الشرق لن يهب في لحظة الحسم لمناصرة الدولة اليهودية. ويؤكد أن الإسلاميين يحلمون بـ«صلاح الدين مرة أخرى».

ويرى زاخ في مقابلته مع «معاريف» أنه «ليس مفاجئا أن الدولة تصل الى وضع يكون فيه الانسان للانسان ذئباً. في نهاية المطاف نحن نعود الى فترة ديفيد بن غوريون لانتاج أتون صهر. فقد اعتقد بأنك اذا اخذت أناسا مختلفين من عقائد مختلفة، من أجزاء اخرى من العالم، تقاليد وثقافات متنوعة وتضعهم كلهم في مطحنة واحدة فإنهم جميعهم سيصبحون متشابهين. في الحياة هذا ليس بسيطا بهذا القدر. والدليل، أن أميركا لم تنجح خلال 300 عام من التغلب على الفوارق الاجتماعية لناسها. اليهودية التي تمثلها الكتب الدينية واليهودية المتطورة جدا من الادب اللاحق لعهد الهيكل الثاني، هما دينان مختلفان. في الدين أيضا تقررت ثغرات وإن كان لزمن قصير خيل أنه عامل موحد بين المتدينين الاشكيناز والمتدينين الشرقيين، ناطوري كارتا، جماعة حباد، بار سليف والباقين».

ويشدد على أن «هذا الامر الذي يسمى «إسرائيل»، هو شعب لاجئين من كل أنواع البلدان، بلغات مختلفة، طبائع مختلفة، آداب مختلفة، ثقافة مختلفة وتقاليد مختلفة. هذه الامور لا يمكن أن تلتحم بالضغط، حيال عدو خارجي، سواء كان هذا محمود احمدي نجاد أم العالم العربي الآخذ في التأسلم. كان غباءً كبيراً الظن بأن يكون هنا مجتمع عسكري من جهة، ولكنه مجتمع يدار مثلما في الدانمارك مثلا. هذا عبث».

ويقول زاخ أن ما يقلقه هو «انعدام القاعدة المشتركة. فالقواعد المشتركة كالدين، التاريخ، ذكرى صهيون، حائط المبكى والرموز التي ساعدتنا على فهم أنفسنا كشعب واحد نجح في تصميم شخصية يهودية حيال المسيحية، كل هذا اختفى. ليس لدينا في واقع الامر شيء. وفي كل مكان الشر يتعاظم. وحتى في الجيش، الذي كان القاسم المشترك للجميع. اعتقدنا بأنه مع دخول الاصوليين الى الجيش، ستزداد المشاركة فأخطأنا. المتدربون المتدينون غير مستعدين لان تغني امرأة امامهم. نحن ببساطة آخذون في الانغلاق في اطار الظلام الذي يخرج فيه الجنين من بطن امه».

ويخلص زاخ إلى القول «لا اعتقد أن هذه الدولة ستصمد. هذا الشعب تفتت الى فصائل متعددة مفعمة بالكراهية والحسد ومستويات اقتصادية مختلفة تماما. نضيف الى هذا المشكلة العربية والاحتمالات في أن يحصل هنا شيء طيب تلغى. المجتمع تفتت الى شظايا، ومع هذه الشظايا ينبغي للجميع رغم أنفهم ان يخلقوا جبهة موحدة ضد عدو خارجي. ولكن كيف يمكن لهذه الشظايا ان ترتبط؟ فشظايا الزجاج لا يمكنها أن ترتبط من جديد». وهي تحتاج على الاقل إلى ألفي سنة. الناس لم يعودوا يقولون انا «إسرائيلي». يقولون أنا أسكن في «إسرائيل». في نظري لا مستقبل لمفهوم «إسرائيل» كهوية جامعة. قنبلة ذرية واحدة يمكنها أن ترتب كل هذا الموضوع، وإن لم تكن واحدة، فثلاث».

وبعد أن يعدد يهوشع مظاهر اندفاع «إسرائيل» نحوة الدولة الثنائية القومية يشير إلى أنها لن تنشأ فقط بسبب أفعال «إسرائيل» بل أيضا «انطلاقا من تعاون خفي من جانب الفلسطينيين، سواء داخل «إسرائيل» أم خارجها. وحتى الاشخاص البراغماتيين في «حماس» معنيون بجر «إسرائيل» في المرحلة الاولى الى هذه الامكانية. ليس فقط بسبب الفرضية المشكوك فيها في أنه اذا كان هذا سيئا لليهود فإنه بالتأكيد جيد للفلسطينيين. غير أنه كونه من ناحية الشعب الفلسطيني في المدى البعيد دولة ثنائية القومية في كل «إسرائيل» هي إمكانية أكثر وعدا من ربع فلسطين مقسمة ومبتورة قد يكون ممكنا، بعمل جم وربما ايضا بسفك دماء استخلاصها من فكي «إسرائيل»».

ويقول إن «دولة ثنائية القومية، حتى وإن كانت شبه ديموقراطية، يمكنها أن تضمن للفلسطينيين، بفضل الاقتصاد القوي لـ «إسرائيل» وعلاقاتها العميقة مع الغرب، حياة اكثر جودة وأمانا، ولا سيما رحابا اقليميا واسعا يمكن أن يؤدي بهم بعد عشرات السنين للعودة الى فلسطين الكاملة».

ويخلص إلى أن «اولئك الذين آمنوا وحلموا بهوية «إسرائيلية» يهودية مستقلة، تقف، خيرا كان أم شرا، في اختبار شمولية واقع وطني اقليمي خاص بها، فإن دولة ثنائية القومية هي تحطم أليم لحلمهم، مصدر لم يخيب الأمل لنزاعات شديدة، كما ثبت في ثنائية القومية التي فشلت في أماكن عديدة في العالم بين شعوب كانت قريبة في دمها، في اقتصادها، في قيمها وفي تاريخها أكثر بكثير من اليهود والفلسطينيين».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2165797

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165797 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010