الاثنين 19 كانون الأول (ديسمبر) 2011

أسرار المصالحة الفلسطينية وكواليسها

الاثنين 19 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par نافذ أبو حسنة

تتقاطر وفود التنظيمات والهيئات الفلسطينية إلى القاهرة، للمشاركة في اجتماعين يفترض أنهما على درجة من الأهمية. الأول سيكون مخصصاً لإطلاع هذه الفصائل والقوى، على ما تم التوافق عليه في اجتماعات وفدي «فتح» و«حماس» المستمرة منذ السبت الماضي. والثاني سوف يكون مخصصاً للشروع في تنفيذ بند مؤجل منذ عام 2005، ويتعلق بتفعيل أو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية. وهذا الاجتماع على ما تفيد مصادر قريبة من أجواء الاجتماعات الفلسطينية مخصص للأمناء العامين للفصائل، ويفترض أن تنتج عنه صيغة إطار قيادي، مشكل من هؤلاء، ويتولى البحث في مستقبل المنظمة وبضمن ذلك انتخابات، أو تركيب المجلس الوطني.

والحقيقة أن العودة للبحث في بناء أو تفعيل المنظمة، قد أضفى أجواء من الحيوية، وكسر الرتابة المملة للنقاش حول الموضوعات العالقة بين «فتح» و«حماس». وهي كثيرة وشائكة، ومن نوع المضحك المبكي أحياناً.

في المعلومات الرسمية التي يطلقها مسؤولون من الحركتين في القاهرة، أن وفديهما، أمضيا ساعات طويلة من النقاش حول وضع آليات لتنفيذ بنود الاتفاق. وأنه تم التركيز على خمس قضايا، وهي : الانتخابات، والمصالحة المجتمعية، والحكومة والأمن، ومنظمة التحرير. وتضيف مصادر «حماس» إلى ذلك، نقاطاً تفصيلية تتعلق بجوازات السفر، وملف المعتقلين.

واقع الحال أن هاتين النقطتين، هما اللتان حازتا وقت النقاش كله، وفي ما تسرب عن أجواء الاجتماعات الماراثونية، فإن «حماس» طالبت بإجراءات ملموسة على الأرض. وأولاً إطلاق سراح المعتقلين. وقد تعمد الناطقون باسمها، قبل بدء اجتماعات القاهرة، إلى الحديث عن أن «الناس في الضفة لا تلمس انعكاساً حقيقياً على الأرض لنتائج المصالحة». ووصل البعض إلى التلويح بإمكان انهيار كل ما تم البناء عليه، إذا لم يطلق سراح المعتقلين. فضلاً عن إشارات إلى أطراف في الأجهزة الأمنية، تريد إفشال تنفيذ بنود الاتفاق بين الحركتين.

ووفق ما تسرب أيضاً، فقد شهدت مراحل من الاجتماعات توتراً شديداً، بسبب إصرار وفد «فتح»، على لازمة تقول : «لا يوجد في سجون أمن السلطة معتقلون سياسيون». ولكن «تخريجة» مصرية أعادت شيئاً من الهدوء إلى المجتمعين، وتقضي بوضع «آلية تشرف مصر على تنفيذها بشأن المعتقلين لدى الطرفين» ما يعني في الواقع عودة إلى نقطة الصفر.

موافقة «حماس» على الاقتراح المصري، ظلت في موضع الموافقة المبدئية، على ما تفيد مصادر قريبة من وفدها، وهي ستربط الموافقة النهائية، بما سيتم إنجازه في الملفات الأخرى، وتعول على موقف داعم لها في اجتماع الفصائل.

غير أن مشاركاً مداوماً في اجتماعات الفصائل الفلسطينية، يقلل من أهمية تشكيل موقف داعم لـ «حماس» في موضوع المعتقلين. وهذا برأيه يعود لسببين، الأول : إن لـ «فتح» من يؤيد موقفها أيضاً. والثاني : إن العادة جرت بأن يعرض ما اتفق عليه الفصيلان، للمصادقة فقط ودون نقاش، مذكراً بما كتبه أحد الأمناء العامين إلى جانب توقيعه، على اتفاق المصالحة، في أيار/ مايو الماضي، وهو «شاهد ما شافش حاجة».

في حينه أتيح لكل الصحافيين والمراقبين الذين كانوا في بهو الفندق الذي اجتمعت فيه الفصائل، أن يروا كيف جرى جمع قادة الفصائل، لنحو عشرين دقيقة، لوضع تواقيعهم على الاتفاق المبرم بين الحركتين، ودون نقاش فعلاً.

على كل حال، من المؤكد أن اجتماع الفصائل المخصص، لإطلاعها على الآليات التنفيذية للاتفاق، والموافقة عليها، سيكون للموافقة عليها، أو لتسجيل اعتراضات طريفة، خصوصاً أن لحظ رعاية مصرية، لآلية التنفيذ، سيزيد في حرج من يريد الاعتراض، أو حتى المناقشة.

المشكلة الفعلية ستكون في الموضوعات التي جرى وضع آليات التنفيذ لها. من المعلوم أن موضوع الحكومة مؤجل إلى الشهر القادم، بناء على طلب رئيس السلطة. وعليه من المفترض أن تكون الآليات الجاري الحديث عنها متصلة، بالقضايا ذات الطابع الثنائي مثل المعتقلين، والمصالحة الاجتماعية، وجوازات السفر وهيكلة أجهزة الأمن. وأن تترك قضايا الانتخابات، والمنظمة، إلى اجتماع الإطار القيادي، المشكل من الأمناء العامين، والمقرر عقده في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

في حال كان الوضع مغايراً، فإن الاجتماع المذكور، والمعول عليه، سيكون بلا قيمة كبيرة، وينسحب عليه وضع سابقه : الإطلاع والمصادقة.

تستبعد مصادر متابعة، أن يكون الأمر على هذا النحو. وهي تلفت الانتباه إلى أن جانبا كبيراً من الحراك الذي انخرطت فيه الفصائل، يرتبط أساساً بطرح موضوع المنظمة للمناقشة. وتشير أيضاً، إلى جهود بذلت من أجل تسهيل مشاركة، كافة الأطراف الفلسطينية في نقاش مستقبل المنظمة. ولهذه الغاية جرى تداول اقتراح بأن تغير بعض الفصائل، التي انشقت عن أخرى، لها ممثلوها في اللجنة التنفيذية، أسماءها لتسهيل انضمامها مجدداً كفصائل «جديدة». وقد تجاوب أكثر من فصيل مع هذه الصيغة، في حين شرع آخرون في نقاشات، تعيدهم إلى فصائلهم الأولى، ومن ثم يشاركون من خلالها وباسمها.

مما لا شك فيه أن مجرد النقاش في مستقبل منظمة التحرير، سوف يعيد شيئاً من الحيوية إلى المشهد الفلسطيني. وإذا نجحت الفصائل حقاً في إعادة بناء المرجعية الوطنية، على أساس برنامج كفاحي وطني مقاوم، فهذه نقطة انطلاق لمسار أفضل.

لا يكف البعض عن التحذير من رسم طموحات كبيرة. الخشية تظل قائمة من مشهد احتفالي فارغ. أيضاً ثمة من يثير مخاوف بشأن البرنامج الذي سيتم اعتماده. وشكل التعامل مع تركة الإهمال والتهميش الطويلة.

هناك سبب آخر لتلك المخاوف. يؤكد كل من يلتقون رئيس السلطة، أنه لن يرشح نفسه لانتخابات رئاسة السلطة القادمة. هل عينه على منظمة التحرير؟ وهل لذلك وافق على فتح ملفها؟ ربما. في كل الحالات توجد فرصة لفصل المنظمة عن السلطة. هذه نقطة في غاية الأهمية للمستقبل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2180998

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2180998 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40