الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2011

قراءة ثانية في كتاب الفقر

الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. سمير التنير

تقول المنظمات الدولية التي تساعد الفقراء : «نعطيهم البذار فلا يزرعون، والشبكات التي تقي من البعوض فلا يستعملونها، ونقدم لهم النقود فلا يزدادون إلا فقراً. هل من مجال بعد لإنقاذهم؟».

هل هذه الأقوال صحيحة؟ تقوم استر دافلو الباحثة الاجتماعية في جامعة العلوم والتكنولوجيا (MIT) بالتحقق من ذلك، والسفر إلى مختلف بلدان العالم حيث ينتشر الفقر.

لقد التقت في مدينة حيدر أباد في الهند بامرأة حصلت على قرض صغير بمئات الروبيات من البنك وبفائدة قدرها 24%. ثم أودعت النقود في حساب توفير في بنك آخر ولكن بفائدة 4% فقط.

في نظر الاقتصاديين من المدارس القديمة فإن هذا التصرف خاطئ. ولكن تلك المرأة تجمع بعض المال من أجل المساهمة في نفقات زواج ابنتها.

يتصرف الفقراء على هذا النحو، لأنهم مجبرون على ذلك. ولأن البنك الذي يقدم القرض يعرف الأحوال جيداً فهو يتنازل عن تسديده فيما بعد. ولكن كيف لإنسان يحصل على دخل يومي يقدر بيورو واحد ان يتغلب على صعوبات الحياة والمعيشة؟

تقوم استر دافلو بدراسة اقتصاد الفقر. والأسباب التي تجعل من المساعدات التي تقدم إلى الفقراء، ان تذهب أدراج الرياح، ولا يُستفاد منها. وتقول أيضاً: «إن المانحين لا يعرفون الكثير عن الموضوع. ليس لديهم معلومات وإحصاءات. يقومون بحفر الآبار فلا يُستفاد منها، والمدارس تُفتح من دون معلمين».

تقول استر دافلو إن المساعدات إلى الفقراء يجب الإفادة منها إلى الحد الأقصى ودراسة أنجع الوسائل لبلوغ ذلك. ويجب أولاً مكافحة الفساد في أجهزة الدول المعنية. وإعطاء المساعدات المالية التي تؤدي إلى رفع المستوى التعليمي للطالب وليس فقط دفع الأقساط وتقديم الكتب مجاناً. يجب وضع الدراسات ومعرفة الحقائق قبل البدء بتقديم المساعدات. وهي من أجل ذلك قامت بزيارة الهند وكينيا والمغرب ورواندا، مستعملة القطارات وسيارات الأجرة والطائرات. وبعد الجولة الميدانية تقرر المساعدات وكيفية تقديمها.

بعد خمسة عقود من تقديم المساعدات إلى الفقراء، لم تنجح المحاولات في القضاء على الفقر. وفي ذلك يقول الخبير الاقتصادي الهندي بهاجيت برانجي، الذي يرافق دافلو: «إن المنظمات الدولية ترفض تحليل النتائج. وتستمر في العمل الخاطئ».

لا بد من التساؤل هنا عن مدى نجاح مساعدات البلدان الغنية لفقراء البلدان النامية. ولماذا يبقى عشرات الملايين من الأفارقة غارقين في هاوية الفقر. وفي ذلك تقول دامييزا مويو، الخبيرة الاقتصادية الافريقية في كتابها «المعونة الميتة» ان ذلك الدعم يضعف المؤسسات الحكومية، وتخلق فرق ضغط تتألف من لجان المساعدة التي يتلقى أفرادها رواتب عالية. ومن ثم انصراف الفقراء عن العمل لتحسين اوضاعهم. ويتصدى الخبير جيفري ساكس لأفكار مويو في كتابه «نهاية الفقر» قائلاً إن مكافحة الفقر، تبدأ ببناء البنية التحتية في البلدان النامية. ويجب التركيز على هذه النقطة. ودون ذلك ستبقى البلدان النامية فقيرة لوقت طويل من الزمن.

إن القضاء على الفقر في البلدان النامية يقع بالضبط في السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها الدولة. والتي يجب ان تتوجه لاستئصال هذه الآفة. اما المعـونة المقدمة من الغرب فهي جزء صغير، لا يقدم ولا يؤخر في القضاء على الفقر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165825

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165825 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010