الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011

حين يصبح الكذب نبراساً والصدق مداساً

الاثنين 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د.امديرس القادري

لا جديد من غربي النهر، هذا ما يردده القادمون من أرض الوطن الفلسطيني، فرئيس السلطة منشغل هذه الأيام بإطلاق التهديد والوعيد بحق كل من يحاول حيازة الأسلحة أو المتفجرات أو المتاجرة بهما في الضفة الغربية لكون هذا النشاط أصبح ممنوع منعاً باتاً، وكل من يعثر معه على تلك المواد سيتم اعتقاله بغض النظر عن تنظيمه، البعض نظر إلى هذه التصريحات على أنها أول خيرات القمة الثنائية التي انعقدت بين الرئيس والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس».

الخبطة الثانية جاءت على لسان نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الذي نفى نفياً قاطعاً وجود شيء اسمه إطلاق سراح معتقلين سياسيين، فسجون ومعتقلات وأقبية السلطة نظيفة ولا يوجد فيها معتقل سياسي واحد، وأضاف أن ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسان في القمة ينص على إمكانية أن يصدر عبَّاس عفواً يشمل بعض المعتقلين لتجاوزهم القانون، وهذا إن صدر سيتيح للمؤسسة الأمنية الإفراج عنهم، يأتي هذا الكلام في الوقت الذي تتواصل فيه الأخبار عن استمرار الأجهزة الأمنية في القيام بهذه الاعتقالات وحسب ما ينشر على موقع «المركز الفلسطيني للإعلام» المقرب من حركة «حماس» او غيره من المواقع الفلسطينية.

الردح الثالث قام به رئيس الوزراء المعين فيَّاض، والذي وكما جرت العادة لا يحلو له سوى الصحافة «الإسرائيلية» التي يجد عندها الطمأنينة والأمان ليبث همومه وشكواه، فالرئيس يقول على صفحات «هآرتس» : «لا لن أكون رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية، ولن أكون عائقاً أمامها، وأنا مستعد للتنحي في أية لحظة، ولن أتولى منصب وزير المالية في الحكومة الانتقالية، لأنني أرفض التحول إلى صرافاً آلياً لأن هذا الأمر يشبه حصان طروادة ولن ينجح معي أبداً»، وهذا يدلل على أن الرجل يعاني من حساسية مفرطة اتجاه كل ما له علاقة بالوحدة الوطنية.

هذه قطفة طازجة من أقوال ثلاث شخصيات نفترض أنها محسوبة على الثورة والمنظمة والسلطة والفصائل، ولذلك فنحن نترفع حتى عن مجرد التعليق على الكلام الذي أدلت به ونترك ذلك للقارئ لكي يمعن التفكير في ما يختفي وراء هذه التصريحات من نوايا لا علاقة لها بفلسطين وقضيتها لا من قريب ولا من بعيد، هذه أمثلة عن العناوين التي ينشغل بها عقل هذه القيادات التي ما عادت قضية شعبنا تعني لها شيئاً أبعد من جمهورية موز يحق لها التصرف بممتلكاتها وفق أهوائها ومزاجها العام.

الأول يهددنا بموضوع السلاح والمتفجرات، والثاني ينفي وجود المعتقلين، والثالث يريد التوقف عن وظيفة الصراف الآلي، ثم علينا نحن أبناء هذا الشعب الصابر أن ننصاع ونهلل ونطبل للمصالحة والانفراج، والويل لنا إذا ما حاولنا التشكيك في ما يصدر عن قممهم ولقاءاتهم من تصريحات، علينا أن نستقبل منهم كل شيء طائعين وراضين بما يخرج عن موائدهم وقاعاتهم المغلقة التي يجتمعون خلف جدرانها وإن اختلفوا أو اتفقوا فلا شأن لنا في ذلك.

هم يقولون أنهم يعرفون جيداً مصلحة شعبنا الأمنية، وهذا يستدعي المحافظة على الضفة الغربية بدون سلاح، كما أنهم لا يريدون لشعبنا الانشغال بالسياسة حتى لا يكون معتقلين سياسيين في السجون، وعليه فإن علينا أن نتعامل مع أكاذيبهم على أنها النبراس، في الوقت الذي يتحول فيه صدق شعبنا وجماهيرنا إلى مداس يعبرون من فوقه بلا أدنى اكتراث أو اعتبار، بعد أن اختاروا التعامل معه من قلاعهم وأبراجهم العالية ومن وراء الحراسات الملتفة حولهم والمستعدة دائماً لحمايتهم من الطير الطائر.

لن نحزن ولن نتألم أكثر من هذه التصريحات التي اعتدنا عليها، وسيبقى عدم الاهتمام والتشاؤم من كل هذه اللقاءات سيد الموقف و عند كل الصادقين من أبناء شعبنا، ما دامت لا توحي أبداً بأن الأطراف بصدد الانتقال بملف الخلاف والانقسام إلى حيز عملي صادق تكون له ترجماته الفعلية على أرض الواقع، ما يبقى في موقع المضحك والمبكي ويحتاج الى التعليق هو أن ينبري بعض «المثقفين» المحسوبين على هذه الأوساط للقول بأن تلك القمة شكلت منعطفاً مهماً وكبيراً في اتجاه صياغة ما يعرف بالربيع الفلسطيني القادم.

شعبنا وقواه الوطنية الصادقة والمخلصة يا سادة ومن خلال كل أشكال النضال التي يأتي الكفاح المسلح في مقدمتها لن يكلوا ولن يملوا ما دامت أبصارهم وأفئدتهم ترنو إلى التحرير والعودة، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي سنرى فيه آلاف البنادق مرفوعة في أيديهم، أما أنتم أيها «المثقفون» فانتظروا الربيع الموهوم من هذه القمم وهذه الاجتماعات التي لم تعد تشبع أو تغني من جوع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165263

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165263 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010