الاثنين 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

الفلسطينيون والإبداع النضالي

الاثنين 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par أمجد عرار

مهما مارس الفلسطينيون من أشكال نضال ضد الاحتلال والاستيطان وما ينتج عنهما من جرائم قتل وسلب وتهويد وتزوير، يبقى الكثير في جعبة هذا الشعب ليقوم به وحيداً منفرداً في عالم النفاق والدجل والتواطؤ والتآمر. يعرف الفلسطينيون قبل غيرهم أن لديهم وسائل وأوراقاً لم يستخدموها في معركة تحرر وطني لا تقتصر على المقاومة المسلحة التي أنتجت حالة نهوض وبلورت مقومات القضية وأوصلتها إلى كل زاوية في بقاع الأرض.

ما قامت به الحركة الجديدة «بادر» لتوسيع المقاطعة الفلسطينية للبضائع «الإسرائيلية»، يؤشر إلى قدرة الشعب الفلسطيني على اللعب بأوراقه الذاتية وسط ظروف قاهرة يتخلى فيها أشقاؤه عنه، بل يتواطأ بعضهم مع العدو عليهم في المحاصرة السياسية والحصار الاقتصادي. «إسرائيل» تدخل إلى أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ما تصل قيمته إلى أربعة ملايين ونصف المليون دولار، وهذا يوازي نصف ما تصدّره إلى دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. هذا يعيدنا إلى الحقيقة القائلة إنه عندما يصبح الاحتلال مشروعاً خاسراً بشرياً واقتصادياً، فإنه يوضع على سكة الزوال لا محالة وينتهي.

المعطيات التي تقدمها حركة «بادر»، بعد المسح والرصد، تقول إنه كل عشرة في المئة مقاطعة لبضائع الاحتلال توفر مئة ألف وظيفة للعاطلين عن العمل. هذا يعني أن المقاطعة تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ولا يقتصر مفعولها على تكبيد الاحتلال خسائر فادحة في عصبه الحساس. حسناً فعلت حركة «بادر» حين اتخذت خطة علمية محكمة تركز بموجبها على صنف واحد حتى تقضي عليه وتنهي وجوده في الأسواق الفلسطينية، وقد بدأت هذه الحملة بنوع من العصائر الذي أثبتت التجارب أنه مضر بالصحة الفلسطينية، في حين أن له بدائل وطنية صحية وأرخص سعراً، كما أن فلسطين لديها من الحمضيات والفواكه ما يمكن العديد من أسرها من الاعتماد على العصائر الطبيعية الطازجة، ولطالما تعودت الأمهات منذ القدم على تحضير العصير الطبيعي لأفراد الأسرة، بلا إضافات كيماوية ومواد حافظة.

ولعل أحد المؤشرات المهمة على نجاح الحملة ما كتبته الصحافة «الإسرائيلية» عن الخسائر الباهظة التي تكبدها أحد المصانع «الإسرائيلية» في عيد الأضحى. ومن دون شك أن المقاطعة عندما تشمل كل البضائع «الإسرائيلية» التي لها بدائل محلية وطنية، ستفعل فعلها المؤثر بالإضافة إلى وسائل المقاومة الشعبية الواسعة، ولن يعدم الشعب الفلسطيني ابتداع المزيد من وسائل المواجهة المفتوحة مع هذا الاحتلال البغيض. يدرك الفلسطينيون أن نضالهم ضد جدار الفصل العنصري جذب مئات الأحرار من شتى أنحاء العالم لتحدي حكوماتهم المتواطئة مع «إسرائيل»، وأفضى إلى قرار محكمة لاهاي القاضي بعدم شرعية هذا الجدار والداعي لإزالته وتعويض أصحاب الأراضي المتضررة. صحيح أن هذا النضال لم يزل الجدار، لكن مفاعيل النضال لا بد ستثمر تراكمياً، كما أن أكثر ما يؤرق «إسرائيل» هو فضحها وكشف الزيف الفاضح لروايتها عن نفسها.

إن معركة العضوية في الأمم المتحدة وما رافقها من مواقف، كشفت وقاحة ما يسمى المجتمع الدولي ومشاركته «إسرائيل» في سلب الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية، كما أن التجارب المريرة مع النظام الرسمي العربي بيّنت بلا مواربة عجز هذا النظام وانتقاله من مرحلة الصمت دهراً إلى النطق كفراً، حين يترك «إسرائيل» تهوّد المقدّسات وتصادر أرض الفلسطينيين وتهدم منازلهم ومزارعهم وتجوّعهم. التجربة كافية ليدرك الفلسطينيون أنه ليس لهم ما يحك جلودهم إلا أظفارهم، فأمريكا لن تنفعهم ولا تستطيع أن تقهرهم، ولا أمتا المليارين قادرتان على حماية حجر في جدران المسجد الأقصى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2165418

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165418 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010