السبت 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

هل الإسلاميون كذابون؟

السبت 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par نصري الصايغ

الأممية الإسلامية قادمة. الربيع العربي الذي حطّم أصنام الاستبداد، في عدد من الدول العربية، فتح الطريق واسعاً، لتقدم الإسلاميين الى السلطة برمتها، أو المشاركة الوازنة فيها. تحوَّل الإسلاميون في مواقفهم. طوَّروا نظرتهم إلى حدود الشريعة، ووسعوا رحابتها، حتى باتت تقول بالديموقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وتداول السلطة والانتخاب الحر.

هل نصدّق الإسلاميين؟ ما هو المعيار الذي به نحكم على تصريحاتهم ومواثيقهم وبياناتهم؟ هل نبصم على ما يقال أم نشك فيه أم نتهم الإسلاميين بالخبث والتلوُّن والرياء والنفاق، مستعيدين تاريخهم المتقلب بين العنف والمسالمة، وبين الدعة والتجبر، وبين الرحابة والتكفير، وبين الجاهلية والتنوير؟

لستُ ممن يبنون على الأقوال، ولست ممن يلغي هذه الأقوال، لأن معيار التبدل الكبير الذي طرأ على الإسلاميين في خطابهم السياسي، هو فعلهم السياسي. مع التمييز الضروري، بأن إسلاميي الصومال، وميولهم «القاعدية»، تختلف عن إسلاميي ليبيا المتمتعين بسذاجة تشريعية تكاد تكون أقرب إلى العالم البدائي، (رغم ادعاءاتهم الديموقراطية واحترامهم لحقوق الإنسان). كما يختلف إسلاميو «النهضة» في تونس، عن فروع الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والخليج. فالإسلاميون ليسوا واحداً. وعليه فإن الحكم الجمعي على التعدد الكمي غير جائز.

وبانتظار الوقائع التي ستسفر عنها حركة ما بعد اندلاع «الربيع العربي»، ودخول الإسلاميين سدة السلطة من بابها الانتخابي الديموقراطي، فإن الوقائع الماضية تؤكد على أن التغيُّر سمة الإسلاميين، لا بل ان تغيرهم وتبدلهم وتطورهم، تفوق على أحزاب عقائدية علمانية ويسارية تجمدت في الطقوس والمفاهيم، حتى طلقت الواقع وانحازت إلى جانب أحكام السلطات الاستبدادية العربية.

لقد دخلت الحداثة بنسب متفاوتة فرقاً إسلامية سياسية مختلفة. فكيف نفسر انخراط علمانيين ويساريين وليبراليين في حزب النهضة التونسي؟ كيف نفسر قبول هذا الحزب نساءً سافرات يترشحن على لوائحه ويفزن بالمراتب الأولى من نسب الأصوات؟ وكيف نفسر إقدام الأزهر وسواه على الاقتراب من قيم الحداثة، وتطويع الماضي الإسلامي ليصير متوافقاً مع منطق التفكير والفكرة، وليس منطق «التكفير والهجرة».

هذا التبدل لا يعطي الإسلاميين شيكاً على بياض، وهم على وشك صياغة سياسات بديلة من سياسات أنظمة الاستبداد. أول امتحان لهم، هو في كيفية التعامل مع مسألتين مبدئيتين :

الأولى، دين الدولة. والثانية، مصدر التشريع. انطلاقاً من هذين المبدأين يمكن الحكم على مدى مواءمة «ديموقراطيتهم» مع الديموقراطية المبنية على مبدأ المساواة، ومبدأ المواطنة التامة، مع ما يلزم ذلك من احترام الحرية والحرص عليها بحدود القيم الاجتماعية التي يفرزها الواقع، وليس بحدود الشرع التي تفرضها قراءة عمياء للنص الديني. وستبقى العيون شاخصة لمتابعة سلمية تحركهم وعدم لجوئهم إلى ممارسة الاستبداد، الذي إن مارسوه يفتح الطريق بسرعة لربيع مدني جديد مضاد للإسلاميين.

أما الاختبار الحاسم، فهو الموقف من العلمانيين. هل يتخطى الإسلاميون «كذبة» الإلحاد العلماني ليقيموا علاقة طبيعية مع من يختلف معهم عقيدة وإيماناً وسلوكاً وطقوساً؟

هذه الاختبارات، أي الوقائع المستقبلية التي ستنتجها سياسات الإسلاميين الجدد، هي التي تفرض علينا الجواب عن السؤال : هل نصدقهم أم نكذبهم؟

سنلحق بهم إلى باب الدار... ونتمنى أن يكونوا صادقين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178528

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2178528 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40