الأحد 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

لماذا رفضت الأسيرة آمنة منى الذهاب إلى غزة؟

الأحد 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par حسن خليل

أمست الثلاثاء (19/10/2011) ونحن ننتظر بكل شوق وسعادة وصول أسرانا الأبطال المحررين من سجون الصهاينة اليهود، وجّهت إلينا وكالات الأنباء صدمة خفيفة أثارت في نفوسنا بعض التخوف من ألاعيب قادة «إسرائيل» التي عوّدتنا على التنغيص علينا كلما لاحت في الأفق تباشير فرحة لنا لهذا السبب أو ذاك، وخشينا أن يؤدّي ذلك الخبر وتلك الصدمة إلى تعكير صفونا سواء كنا في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية أو في أيّ بقعة نحن موجودون فيها.

فلقد قالت الأخبار أنّ الأسيرة الوحيدة التي كان مقررا لها أن تتوجه إلى غزة حسب بنود صفقة الإفراج عن ألف وسبعة وعشرين من أسرانا لدى «إسرائيل» التي أبرمتها حركة «حماس» مع بني إسرائيل بوساطة مصرية، هذه الأسيرة الشابة (آمنة منى) رفضت الذهاب إلى غزة، وتعطّلت عملية التنفيذ لبعض الوقت إلى أن وافقت حركة حماس على تلبية طلبها لتذهب آمنة إلى حيث تشاء..

إنّها آمنة منى السعدي التي أعرف عنها الكثير، فهي ابنة شقيق صديقي مروان منى السعدي، وكنا نتناولها كثيرا في أحاديثنا، خاصة عندما تحدّثت الأنباء عن قصة اعتقالها وسجنها عدة مؤبدات كعادة المحاكم «الإسرائيلية» في إصدار الأحكام الغريبة والمضحكة التي تدلّ على تفاهة «إسرائيل» ومفاهيمها البهلوانية.

إنّها آمنة خلف ابنة القدس الطالبة الجامعية التي كانت في السنة النهائية بكالوريوس فلسفة واجتماع، التي أقامت علاقة حب مع شاب يهودي من خلال الشبكة العنكبوتية، وتواعدت معه على اللقاء في مكان ما بضواحي القدس، وقد أخبرت حركة «فتح» بذلك فقام شابان معها بقتل ذلك الشاب اليهودي، وبعد شهرين قام الصهاينة باعتقالها، وخلال محاكمتها اعترفت بما فعلت وردّت على القاضي الذي سألها : كيف ترضى لنفسها أن تعاقب إنسانا أحبها بالقتل، فقالت له: إنّكم في «إسرائيل» تقتلون يومياً شباباً وفتيات من أبناء وطني بينهم مشاعر حب عميقة وتحرمونهم من الزواج كما فعلتم مع صديقتي فلانة وقد حرمتموها من حبيبها فلان!

وصدر الحكم عليها بعدة مؤبدات، وكنّا نشاهدها في القنوات التلفزيونية وهي ترفع يديها المكبّلتين لتحيي أهلها ومعارفها الموجودين في قاعة المحكمة، وكانت آمنة مسجّلة في دائرة السجون «الإسرائيلية»، وقد وضع الصهاينة تحت اسمها عدة خطوط حمراء، وهذا يعني عندهم أنّ يديها ملطخة بالدماء «الإسرائيلية» وأنّه لا يمكن الإفراج عنها أبداً.

وها هي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرّفة ترغم على الإفراج عنها في صفقة الإفراج عن جنديها جلعاد شاليط بعد أكثر من خمس سنوات من أسره على أيدي مجاهدي حركة «حماس»، وقد أرغمتها هذه الصفقة على التخلّي عن ترهاتها وخطوطها الحمراء حيث كانت تحرم الإفراج عن الذين تلطّخت أيديهم بالدماء «الإسرائيلية»، وقد أفرجت عن أكثر من ثلاثمائة فلسطيني من الأسرى الفلسطينيين الذين قاموا بعمليات فدائية قتلوا فيها المئات من الجنود «الإسرائيليين»، وهم من كل ألوان الطيف النضالي الفلسطيني، ينتمون إلى حركات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«فتح» والجبهات «الشعبية» و«الديمقراطية».

و«إسرائيل» ترفض الإفراج عن أبناء القدس وأراضي عام 1948 والجولان، إذ تعدّهم من حملة الجنسية «الإسرائيلية»، وقد أرغمتها حركة «حماس» على الإفراج عن أسرى تابعين لتلك الجهات، ولقد عبّر بعض المحللين السياسيين عن ذلك بقولهم : إنّ حركة «حماس» حطّمت بهذه الصفقة كل المحرّمات اليهودية، وداست على كل الخطوط الحمراء «الإسرائيلية».

ولقد رفضت آمنة خلف منى السعدي الذهاب إلى غزة إذ يصعب عليها رؤية أهلها هناك، وأمامها تجربة شبان كنيسة المهد الذين أمضوا ثماني سنوات في غزة ومنعتهم «إسرائيل» من العودة إلى أهلهم في الضفة رغم الاتفاق على ذلك. واختارت آمنة الذهاب إلى تركيا لتعالج هناك ولسهولة وصول أهلها إليها..

تحية لآمنة حيثما حلّت وأقامت..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 476 / 2166024

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166024 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010