الأحد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

من أسر إلى أسر

الأحد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par حسام كنفاني

خلال الساعات المقبلة ستكون الأراضي الفلسطينية على موعد مع عرس جديد للحرية مع خروج الدفعة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بين «حماس» و«إسرائيل|». 450 أسيراً سيغادرون سجونهم إلى بيوت لم يزوروها منذ سنوات طويلة، وسيلتقون أهلهم وأبناءهم الذين تركوهم صغاراً، وسيستمعون إلى أخبار أناس فارقوا الحياة بعدما يئسوا من الانتظار الطويل على أبواب السجون.

قصص كثيرة قد تكون لهذا الأسير أو ذاك، غير أن الأهم هو أن هؤلاء الأسرى، وخصوصاً الذين سيتوجهون إلى قطاع غزة، سيخرجون من سجن صغير إلى سجن أكبر. أليس القطاع، بحسب الكثير من المسؤولين الدوليين، أكبر سجن مفتوح في العالم. هو كذلك بفعل الحصار «الإسرائيلي» الذي لا يبدو أنه سيخف جراء إطلاق الجندي الأسير جلعاد شاليت.

مفارقة مثيرة للتأمل، فالقطاع الذي سيستقبل أغلبية الأسرى المحررين، لا يزال هو نفسه بانتظار من يحرره أيضاً، ويخرجه من العزل الموضوع فيه منذ ما يزيد على خمس سنوات. الأسرى قد لا ينتبهون إلى انتقالهم إلى السجن الكبير، لكن أهالي القطاع لن تتغير عليهم أشياء كثيرة، فهم منذ سنوات بانتظار تحرير من نوع آخر. تحرير لم يأت مع صفقة إطلاق الجندي «الإسرائيلي» جلعاد شاليت، رغم أن أسر الأخير كان مدخلاً لفرض الحصار على القطاع.

الوضع في الضفة الغربية قد يكون أفضل حالاً بشكل نسبي، فإذا كان القطاع سجناً واحداً مفتوحاً على أقسام متعددة، من بيت حانون شمالاً إلى رفح جنوباً، بفعل الانسحاب «الإسرائيلي» منه، فإن الضفة الغربية عبارة عن مجموعة سجون مغلقة ومحاصرة بمستوطنات وحواجز «إسرائيلية» تمنع الهواء من التسرّب إلى رئات الفلسطينيين، لو أرادت ذلك. قد يكون خير مثال على ذلك الاحتفال «الإسرائيلي» الحالي بما يسمى «عيد العرش»، حيث فرضت قوات الاحتلال إغلاقاً كاملاً للضفة الغربية لمدة أسبوع، تمنع خلاله الفلسطينيين من التنقل بين المدن، التي هي أساساً تحتاج في الأيام العادية إلى تصاريح مرور على الحواجز بعد اجتياز مضايقات جنود الاحتلال.

كذلك فإن الضفة الغربية لا تزال مهددة بالسلب، فالأسير المحرر قد يهنأ طويلاً بالحرية في بيته، أما بيته فسيكون تحت تهديد المصادرة أو هو نفسه سيكون في دائرة إمكان الاعتقال، طالما أن دوريات الاحتلال تمارس يومياً هواية المداهمات والاعتقالات، خصوصاً أن لا ضمانات للأسرى المحررين بعدم تعرضهم للملاحقة، بحسب ما أعلن المسؤولون «الإسرائيليون»، رغم أن حركة «حماس» أعلنت غير ذلك.

فرحة الحرية ستكون كبيرة يوم الثلاثاء، والأسرى الذين قضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال سيبتهجون بالعودة إلى الحياة الطبيعية، لكنهم لن يلبثوا أن ينضموا إلى نحو ثلاثة ملايين أسير فلسطيني محتجزين في الضفة الغربية وقطاع غزة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2166009

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2166009 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010