الأحد 30 أيار (مايو) 2010

فيـــلم هنـــدي

الأحد 30 أيار (مايو) 2010 par عبدالشافي صيام العسقلاني

صديق عزيز .. يقيم في مكان ما من وطن الأمل ، حاولت الاتصال به أكثر من مرة ولم أتمكن . ولأن هاتفه يعمل على رمـزين دوليين قلت بأنه سيتصل إن لم يكن “ضيــفا” لدى جهة ما .

رغم تأخر الوقت فقد اتصل صاحبنا ، وقبل أن أردّ على تحيته وأطمئن عليه بادرته بسؤالي الثقيل أين كنت ولماذا لم ترد على اتصالاتي .. فقال ضاحكا لقد كنت أحضر “فيلم هندي” نازل حديثا للعرض .

تفهمت موقف الرجل ، وتحدثنا في الأمر الذي طلبته من أجله ، وقلت له وهل كان الفيلم .. سكوب وبالألوان الطبيعية ؟ فضحك وقال كالعادة لأنه لنفس المخرج الذي اعتاد على هذا النمط من الأفلام .. نعـــــم .

ولأنني لست من رواد دور السينما ولا من هواة مشاهدة الأفلام على الشاشة الصغيرة لذلك فثقافتي “الفيلمية” تبقى محدودة ولا تتعدى بعض المعلومات العامة التي لا تصل إلى ثقافة “أبو الروم” مسئول الإعلانات في “سينما السامر” بمدينة غزة منذ خمسينيات القرن الماضي .

ما نقصد قوله بأن الأفــلام الهندية تبنى على قاعدتين ثابتتين .. الغنائية والبكائية . بمعنى أن أي فيلم هندي يخلو من إحدى القاعدتين لا يكون فيلما هنديا ولا بد من شموله على عدد من الأغاني المرتبطة بموضوع الفيلم ، ومن دراما بكائية اجتماعية حزينة تجعل “النمــر” المتوحش في الغابة إذا رآها يُلقي فريستهُ ويذرفُ بعض الدموع ثم يعود لحالة الافتراس الوحشي .

ولو أخضع الباحثون والمعنيون المختصون بهذا الشأن عددا من مواضيع الأفلام الهندية لهذه المقاييس لما اختلفت النتائج كثيرا ، وهذا ليس تقليلا من قيمة هذه الأفلام أو نقدا سلبيا لها . فالعاطفة الإنسانية واحدة وإن تعددت درجاتها ودوافعها وأسبابها على عكس الشر الذي لا يتشابه لأنه مرتبط بالشياطين .

إذا من هذا المخزون العاطفي الإنساني يعكس منتجو الأفلام الهندية لعبة استجداء العواطف وترطيب الجفون الجافة بالدموع التي لا تخرج من المآقي بل تتحول مرايا تعكس حالة التأثر الوجداني لسرد قصة حب بين فتاة فقيرة تعمل وأسرتها لدى أسرة ثرية ، إذ يحبها الابن الثري الوحيد لعائلته ، وتدور أحداث القصة التي تدفع المشاهدين للانتصار لهذا الحب .

ويأتي منتج آخر لينقل الرواية من زاوية أخرى فيجعل الفتاة الثرية هي التي تحب الفتى الفقير .

أما فيلم صاحبنا الذي نتحدث عنه ، فتدور أحداثه حول قصة “مهراجا” يحيط به الخدم والحشم ، ويعمل في إقطاعيته آلاف العمال ، وتحرسه الكلاب التي تأكل ربما أكثر من حاجة كل من يعمل لدى “المهراجا” المبجل ، والذي إذا همس ركع بين رجليه المئات من أصحاب الرتب والمناصب والمناقب . وإذا عطس تسابق المئات لتلقي الرذاذ وترديد ربي “يهمي” مهراجـــا .

فكيف إذا ما اضطر السيد المهراجا لسبب طارئ .. استدعاء من يقومون على خدمته ، وأخذ يصيح وينادى .. بأعلى صوته .. حراسات .. سواقات مهراجــا .. أين الحرس ‼ أين حراسنا من عاديات الليالي ‼

فلا يجد حارساً يحرس ولا كلبا ينبح .. وهو مضطر أن يجهزوا له العربة ويسرجوا الخيل لينقل حالة ولادة طارئة إلى المدينة ، وهو رجل مسن ومصاب بعدد من الأمراض ، إلخ .

أحداث الفيلم تقفز عن الوسيلة التي أوصل بها السيدة إلى دار الولادة ولا حتى كيف وصل هو . فالمشهد ينتقل من الصراخ لنري “المهراجا” في المستشفى بلا خدم ولا حشم ، وبلا حراس ولا مستشارين ..

فكيف وصل السيد المهراجا إلى المستشفى وكيف نقل المريضة والمسافة بين السرايا التي يقيم فيها وبين دار الولادة تحتاج على مشيته النشيطة وعلى حمل الحامل قرابة الساعة ؟

ونعتقد أن المخرج ترك هذا الموضوع لتقدير وحسابات المتفرج . لكنه يركز على الجانب الذي تقوم عليه فكرة الفيلم وهو القيم والعاطفة الإنسانية التي جعلت الناس تنظر لهذا المهراجا نظرة فيها تعاطف ومحبة واحترام ، وهو الذي لا تبارح صورته الحقيقية البشعة مخيلاتهم لكثرة ظلمه وفساده ، وأكله حقوق الناس ظلماً .

قلت لصاحبنا لن أقول كما هو دارج .. فيلم هندي جديد ..

بل أقول .. لمن تقرع الأجراس .. ‼



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165288

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165288 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010