الثلاثاء 30 آب (أغسطس) 2011

متى يجتاح «الربيع العربي» فلسطين؟

الثلاثاء 30 آب (أغسطس) 2011 par الياس سحاب

أما وإنا قد قاربنا على الدخول في رحاب شهر أيلول من العام الحالي، فإننا عمليا لم نعد بحاجة الى استعادة النقاش النظري في المسألة التي اثارها محمود عبّاس لمناسبة مشروعه بإدخال القضية الفلسطينية رحاب الجمعية العامة للامم المتحدة، طالبا من دول الجمعية الاعتراف بدولة فلسطين. فالنقاش النظري بهذا الشأن لم يعد مجديا، ما دام المشروع سيدخل مجال الامتحان العملي. إنني من الفريق الذي ما زال مصرا على ان مبادرة شهر ايلول للسلطة الفلسطينية، ستكشف، حتى لو نجحت في أحسن احوالها، ان لا شيء قابل لاعادة استنهاض القضية الفلسطينية من سباتها الذي اقحمتها فيه اتفاقيات اوسلو الشهيرة، سوى روح فلسطينية جماعية، تتجاوز السلطة وتتجاوز منظمتي «فتح» و«حماس»، وسواها من المنظمات الاقل أهمية، الى اعادة توحيد صفوف العشرة ملايين فلسطيني ونيف المنتشرين في شتى بقاع الكرة الارضية، على استراتيجية نضالية واحدة، تعبر عنها مؤسسة واحدة هي منظمة التحرير الفلسطينية. ومع ان موسم الربيع العربي لم يعطِ أكله بعد، حتى في حالتيه الاقصى نجاحا في كل من تونس ومصر، فإن الساحة الفلسطينية ستبقى أسيرة ركودها وجمودها ومرارتها الحالية البائسة نفسها، حتى تجتاحها رياح الربيع العربي، على ارض فلسطين المحتلة اولا، ثم في جميع البقاع التي ينتشر فيها عرب فلسطين. لقد طال عهد النظام الرسمي الفلسطيني، شقيق انظمة الاستبداد العربية وصنوها، في تفريغ القضية الفلسطينية من محتواها التاريخي، عبر سلسلة من المبادرات السياسية الخطرة، التي لم يجر على اي واحدة منها استفتاء شعبي عام يوما ما، أدت في العقدين الاخيرين بالذات الى وضع فلسطين، ارضا وقضية وشعبا، تحت رحمة الاجنحة الاكثر تطرفا من الحركة الصهيونية التي تحكم دولة «اسرائيل»، وحليفتها الولايات المتحدة الاميركية. هذه المبادرات أدت إلى التفريط بكل اوراق القوة الفلسطينية التاريخية، ورقة اثر ورقة، حتى وصلنا الى الحالة التي عبر عنها بوضوح شديد الرئيس عبّاس نفسه، عندما صرح بشأن مشروعه لانتزاع اعتراف من الجمعية العام بدولة فلسطين، من انه اذا فشل في هذا المشروع، فلن يكون امامه سوى المفاوضات، ثم المفاوضات، ثم المفاوضات، التي لم يكن لها في اي يوم من الايام اي معنى سوى الرضوخ الفلسطيني للارادة السياسية للحركة الصهيونية. تمضي في عملية تهويد الاراضي المحتلة (التي لم تتوقف يوما واحدا منذ احتلالي 1948 ثم 1967)، الى ما لا نهاية، وتقطيع اوصال ما تبقى من الارض العربية المفترض ان تكون ارض الدولة الموعودة، الى ما اصبح لا يتجاوز في مجموعه العشرة في المئة من ارض فلسطين التاريخية. تقام عليها الدولة التي يبشروننا بها، وتكون تلك الدولة منزوعة السلاح، وخاضعة للسيطرة العسكرية «الاسرائيلية» على كل حدودها. الربيع العربي، كما تجلى حتى الآن، خاصة في مصر وفي تونس، يقول لنا ان عقودا من السنين قد مرت على استئثار سلطة انظمة الاستبداد العربية بالتعبير عن الارادة السياسية المغيبة لشعوبها وانه آن الاوان لتوقف هذا الاستئثار، ولاستعادة الشعوب العربية، واحدا بعد الآخر، حقوقه في التعبير مباشرة عن ارادته السياسية، خاصة عندما تكون هذه الارادة تسير في طريق مناقض لذلك الذي تسير فيه ارادة انظمة الاستبداد، واحدا بعد الآخر. ان قضية فلسطين هي القضية العربية المركزية، بمعنى ان المصير الذي ستؤول اليه لن يحدد مصير شعب فلسطين وحده، بل مصير المنطقة العربية وشعوبها. الامر الذي يجعل من تسريع وتفعيل اجتياح رياح «الربيع العربي» أرض فلسطين، امرا لم يعد يحتمل التأجيل. ولعل انقشاع سراب ايلول في الايام القليلة القادمة، يكون اقوى عوامل تسريع هذه العملية، التي لا طائل من تأجيلها سوى زيادة اهتراء المحتوى التاريخي للقضية الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2180630

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2180630 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40