الثلاثاء 2 آب (أغسطس) 2011

«إسرائيل» وذرائع الحرب

الثلاثاء 2 آب (أغسطس) 2011 par أمجد عرار

كما هي الحقائق المطلقة تتشكل بعد سلسلة من الحقائق النسبية، تندلع الحروب الكبيرة بعد سلسلة من الحوادث الطفيفة. كل ما في الأمر أن يكون طرف ما يريد شن الحرب لأسباب تتعلّق بظروف داخلية أو لمعطيات وظروف خارجية وترتيبات إقليمية ودولية.

الحادث الأخير على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، حيث جرى تبادل لإطلاق النار بين قوات من الجيش اللبناني وقوات من الجيش «الإسرائيلي» في منطقة «مزارع شبعا» الحدودية المحتلة، ليس حادثاً كبيراً إذا تم التعاطي معه بمعزل عن الظروف المحيطة، لكنّ أهميته تزداد إذا ربطناه بتطورات الوضع «الإسرائيلي» خصوصاً، والإقليمي والدولي عموماً.

عندما تنضج الظروف الذاتية والموضوعية بالنسبة لطرف يخطط لحرب تخدم أهدافه ومخططاته الآنية أو الاستراتيجية، فإنه لا يحتاج سوى لذريعة مهما كانت صغيرة، ليطوّرها ويضخّمها ويجعل منها سبباً للحرب قابلاً لصياغته كرواية، علماً بأن «إسرائيل» كثيراً ما نفذت اعتداءات حتى من دون ذرائع، لأنها نجحت في ترويج نفسها كـ «حمل وديع» في مواجهة «الذئب» العربي، وهي تتحدّث عن الأمن أكثر مما تتنفّس، بل لم تترك أجهزتها العسكرية والأمنية منطقة في العالم إلا وعبثت بها وشنت اعتداءات فيها، ومع ذلك جيشها هو الوحيد في العالم الذي يحمل اسم «جيش الدفاع».

منذ عام 1948 لم تتوقف عن العدوان على الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وفي خضم حرب الـ 48 ذاتها ارتكبت العصابات الصهيونية العديد من المجازر بحق أناس عزل من السلاح، بعضها نفذته العصابات ليلاً وراح ضحيته فلسطينيون نائمون لم يعطهم المجرمون فرصة أخيرة فقط لمعرفة أنهم سيموتون.

الاجتياح «الإسرائيلي» الشامل للبنان واحتلال بيروت العاصمة العربية الثانية بعد القدس، حدث بذريعة إطلاق النار على السفير «الإسرائيلي» في لندن. ورغم أنه جُرح ولم يُقتل، وقبل أن تتضّح هوية منفذ العملية، اجتاحت «إسرائيل» لبنان ودمّرت وحرقت وقتلت ورعت وشاركت في مجازر مروّعة، في ذروتها مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا التي لا يمكن لصاحب ضمير حي في هذا العالم أن ينساها، رغم أن أصحاب القرار تجاهلوها وحموا سفاحيها من المحاكمة.

«إسرائيل» أنهت قبل فترة وجيزة مناوراتها العسكرية «نقطة تحوّل 5»، ولم يكن عنوانها ليبتعد عن جبهة لبنان، ولا هذه التسمية بعيدة عن طعم الهزيمة مرّة المذاق التي ألحقت بجيش «إسرائيل» وجبهتها الداخلية خلال حرب تموز 2006 عندما تعترف «إسرائيل» علناً بأنها هزمت أو أخفقت، فإن في هذا الاعتراف قرار بـ «تصحيح الأخطاء» وتجاوز حالة تعرضت فيها «قوة الردع» للاهتزاز، وهذا لا يعني سوى الاستعداد لحرب «انتقامية» تعيد لها «هيبتها» المفقودة و«قوة ردعها» المتآكلة.

البعض يعتقد أن «إسرائيل» تحسب حساباً كبيراً لما ينتظرها من ترسانة قتال وسلاح في لبنان، هذا صحيح، لكنها بالمقابل إن أطالت فترة «الهدوء» ستغامر بترك المقاومة تراكم قوة وعتاداً واستعداداً. ومهما يكن من أمر فإن الحرب المقبلة مسألة وقت، وعندما تشعر «إسرائيل» بأنها جاهزة عسكرياً ودبلوماسياً، وعلى صعيد جبهتها الداخلية، ستبحث عن حادث كالذي حدث أمس لكي تشعل الحرب العدوانية التي أدمنتها منذ النكبة، مع ثقتنا بأنها دخلت عصراً جديداً ستدمن فيه على الهزائم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165768

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165768 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010