الجمعة 29 تموز (يوليو) 2011

السلطة تحول المصالحة ورقة للمناورة والمساومة

الجمعة 29 تموز (يوليو) 2011 par نافذ أبو حسنة

مع اقتراب موعد «استحقاق أيلول»، بدأ يظهر في تصريحات المسؤولين الفلسطينيين، حديث عن الربط بين الاستحقاق المذكور وإنجاز المصالحة الفلسطينية، وفي آخر تلك التصريحات قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح «السلطة» عزام الأحمد : «لا يمكن أن تكون هناك تسوية سياسية تقود إلى حل الدولتين في ظل الانقسام»، وأضاف: «باختصار، من المستحيل إقامة دولة فلسطينية، طالما هناك انقسام».

ومما يلفت الانتباه في تصريحات الأحمد إشارته الصريحة إلى أن الأميركيين يستخدمون المصالحة كسلاح، ملاحظاً أن الأميركيين لا يريدون دولة فلسطينية، وهم لا يفصحون عن ذلك علناً، ويقولون: «لا نريد طرفاً أساسياً من مكونات الشعب الفلسطيني» وذلك في إشارة لحركة «حماس»، وأعرب الأحمد عن استهجانه سياسة الكيل بمكيالين، من قبل واشنطن التي لا تجد غضاضة في رفض أفيغدور ليبرمان، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك عدم اعتراف «الليكود» باتفاقات أوسلو، بينما من غير المسموح للشعب الفلسطيني، التعبير عن خياراته بحرية.

تناقض تصريحات الأحمد هذه الانطباعات التي راجت في الآونة الأخيرة، وارتكازاً إلى سلوكيات ملموسة لرئيس السلطة حول الموقف من المصالحة الفلسطينية، وإكمال ملفاتها العالقة، وكان التقدير ـ وربما ما زال كذلك ـ أن الرئيس عباس، لا يريد الشروع الفعلي في تطبيقات بنود المصالحة بانتظار مصير التحرك باتجاه الأمم المتحدة، وقال للجميع : لا شيء قبل أيلول/ سبتمبر.

التفسيرات التي اعتمدها المراقبون، راوحت بين احتمال أن عباس لا يريد شريكاً حين التوجه إلى الأمم المتحدة، وبين أن رئيس السلطة قد أدخل موضوع المصالحة ضمن مناورته الكبرى المتعلقة بالتوجه المذكور، فالرئيس يريد المفاوضات أولاً، وهي مقدمة عنده على أي شيء آخر، ويتوقع أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، سيعملان على أخذه إلى طاولة التفاوض مجدداً، قبل أيلول/سبتمبر، ولا يريد حتى ذلك الحين وضع عقبات إضافية في طريق الذهاب المتجدد المأمول إلى طاولة التفاوض.

ما الذي تغير إذاً؟ وعلى النحو الذي يظهر في تصريحات الأحمد، يتحدث المراقبون هنا عن احتمالات عدة، منها :

• غضب الأحمد، وضيق عدد من قيادات حركة «فتح» تجاه موقف عباس المتعنت، والمتمسك بسلام فياض مرشحاً وحيداً، لرئاسة حكومة السلطة. والواقع أن الأحمد قد عبر صراحة عن الاستياء، معتبراً أن عباس عملياً قد أتخذ موقفاً ألحق ضرراً بالمصالحة، ولكن هناك من يشير إلى صعوبة التعويل على مواقف عضو اللجنة المركزية، والذي سرعان ما يقوم بانعطافات حادة، ويتنصل مما كان قد قاله، إذا أحس بغضب فعلي من قبل رئيس السلطة.

• تشدد الولايات المتحدة على موقفها الرافض لتوجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، ولكنها بالمقابل لا تفتح أمام السلطة، أي احتمال جدي للعودة التي يريدها الطرفان «واشنطن والسلطة» إلى المفاوضات المباشرة، وعليه يمكن احتساب موقف الأحمد من ضمن ممارسة نوع من التلويح لواشنطن، بإتمام المصالحة، واستمرار السير في مخطط الذهاب إلى الأمم المتحدة، لعلها تقوم أخيراً بالخطوة التي تأملها السلطة الفلسطينية.

• يربط البعض بين تصريحات الأحمد، والدعوة التي وجهها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني؛ سليم الزعنون إلى حركة «حماس»، لحضور اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله، وذلك في ما اعتبر قفزاً على مندرجات اتفاق المصالحة، والإيحاء بأن الأمور تسير بشكل جيد، وهو ما يمكن أن يساعد في عملية التسويف والتأجيل للقيام بتنفيذ حقيقي وجدي لمقتضيات الاتفاق الموقع في القاهرة.

بعيداً عن المناورات، والتصريحات التي قد يأخذها البعض بوصفها خطوات إيجابية، ثمة خطوات فعلية مطلوبة، وهي الشروع في العمل من أجل أن تصبح المصالحة واقعاً قائماً، ولكي يكون الأمر كذلك ينبغي الكف عن وضع هذه الأولوية الوطنية الكبرى في بازار المساومة المتصلة بالمفاوضات والعودة إليها، ودون ذلك ليس هناك ما يمنع من اعتبار كل ما تقوم به السلطة نوعاً من المراوغة وذر الرماد في العيون.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2176792

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2176792 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40