الجمعة 15 تموز (يوليو) 2011

حتى يحمي لبنان حقوقه في الغاز والنفط

الجمعة 15 تموز (يوليو) 2011 par رغيد الصلح

تعقد لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه التابعة لمجلس النواب اللبناني اجتماعاً خلال الأسبوع المقبل من أجل متابعة الاهتمام بموضوع الحدود البحرية مع “إسرائيل” . إذا ما ترك ل”الإسرائيليين” التفرد بهذا الأمر فإنهم سوف يستحوذون بالكامل على الغاز والنفط المكتشف في المياه الإقليمية شرق المتوسط ويحرمون لبنان حقوقه الطبيعية والمشروعة في هذه الثروات . وكانت اللجنة قد عقدت مطلع هذا الأسبوع اجتماعاً خصص لهذا الموضوع الخطير أعلن خلاله رئيسها نائب بيروت محمد قباني أنه من الضروري وضع استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى الحفاظ على حقوق لبنان في النفط والغاز . ودعا قباني أيضاً إلى تعاون البرلمان والحكومة في تنفيذ هذه الاستراتيجية .

تأتي دعوة النائب قباني في محلها تماماً إذا أخذنا بالاعتبار احتدام الصراع السياسي العنيف في لبنان بين فريقي الرابع عشر من آذار والثامن من آذار . في هذا الصراع تعطى الأولوية إلى مسألة تداول السلطة وتشكيل الحكومة الأخيرة وإلى المحكمة الدولية والقرار الظني الصادر عنها بصدد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، أما قضية الغاز والنفط فإنها تلقى اهتماماً محدوداً . بل إن أحد النواب البارزين في فريق الرابع عشر من آذار المعارض ذهب إلى حد اعتبار الاهتمام بهذه القضية وتسليط الأنظار عليها مناورة سياسية يقوم بها الفريق الحاكم بغرض إعطاء المبرر لحزب الله للتمسك بسلاحه .

إن هذه النظرة لا تعبر، بالضرورة، عن آراء سائر نواب الرابع عشر من آذار، فالنائب قباني ينتمي إلى هذا الفريق، ولكنه يشدد على أهمية مسألة الغاز والنفط ويدعو، كما قلنا أعلاه، إلى اعتبارها مسألة ترقى إلى مصاف القضايا الوطنية العامة . من أجل تأكيد هذا النوع من المقاربة للصراع المتوقع مع “إسرائيل” حول الثروات الطبيعية فإنه من الضروري الاضطلاع بتنفيذ خطوات سريعة منها:

1- توفير معلومات وإحصاءات وبيانات كافية حول سائر الجوانب المتعلقة بهذه المسألة ووضعها تحت تصرف النواب وسائر المعنيين بهذه المسألة، بحيث تعطى حقها من الاهتمام . ولقد وعدت اللجنة النيابية بتنفيذ هذه الخطوة إذ أعلنت أنها سوف تستعين بخبراء من الإدارات اللبنانية فضلاً عن خبراء عالميين من مستوى رفيع في حقول القانون الدولي وترسيم الحدود البحرية . على الأرجح فإن الاستعانة بهذه الطاقات سوف يأتي في سياق إعداد ملف شامل يستعان به في المفاوضات مع الأطراف الدولية المعنية بهذه المسألة وفي طرح المسألة على المحافل الدولية .

2- أن تسعى اللجنة النيابية ومعها سائر المعنيين بحقوق لبنان المشروعة إلى إيصال هذه المعلومات إلى سائر اللبنانيين واللبنانيات . المقصود هنا أن يتكون وعي عام لمتطلبات الحفاظ على هذه الحقوق . فمثل هذا الوعي هو الضمانة الأفضل للاتفاق على أساس راسخ للمطالبة بالحفاظ على الثروات اللبنانية الطبيعية واستثمارها بشكل سليم . في غياب مثل هذه المعرفة وهذا الوعي، فإنه يخشى التفريط بحقوق لبنان .

3- أن يبادر المعنيون بمسألة الغاز والنفط إلى اعتبارها مدخلاً لمراجعة صحية ونزيهة لعلاقات لبنان الإقليمية ودوره في الصراع العربي “الإسرائيلي” . ففي أوساط الرأي العام اللبناني هناك من يعتبر أنه ليس هناك من مصلحة للبنان في دخول هذا الصراع، وأنه انجرّ إلى دخوله لأنه التزم بالقضايا العربية . واستطراداً يطالب بعض السياسيين اللبنانيين ب(الوقوف على الحياد بين الدول العربية و”إسرائيل”) . ويتبنى هذا الفريق، بصورة غير مباشرة بعض الأقوال التي صدرت عن المسؤولين “الإسرائيليين” حول طبيعة العلاقات بين البلدين مثل تأكيد الرئيس “الإسرائيلي” شيمون بيريز “أن “إسرائيل” لا تطمع بأي شبر من أراضي لبنان، ولا بأي قطرة من مياهه!”

مقابل هذا الفريق من اللبنانيين هناك فرقاء آخرون، في لبنان وخارجه، ينظرون إلى لبنان كمجرد بيدق في الصراع مع “إسرائيل”، بصرف النظر عن موازين القوى بين الطرفين، وبمعزل عما يقرره اللبنانيون بصورة جماعية وعبر إطارات العمل الشرعي والمؤسسات العامة .

إن المراجعة الواعية لهذه المواقف والسياسات والمستندة إلى إحاطة معرفية واسعة بموضوع الغاز والنفط سوف تشكل مدخلاً سليماً لولوج مرحلة جديدة في رسم سياسة لبنانية وطنية وفاعلة تجاه التحدي “الإسرائيلي” وتجاه اخطاره على لبنان . ومن المأمول أن يتجه لبنان في هذه المرحلة إلى اعتماد الخطوات بعيدة المدى التالية:

1- تشكيل حكومة وحدة وطنية تأخذ على عاتقها تعبئة طاقات اللبنانيين وقدراتهم، في الداخل وفي المغتربات لمنع “إسرائيل” من الاستحواذ على ثروات لبنان الطبيعية من الغاز والنفط، هذا فضلاً عن المياه . إن تحقيق هذا الهدف لن يكون أمراً سهلاً . التجارب تقول إنه في كل معركة أو كل منافسة دخلتها “إسرائيل” مع الدول العربية الأخرى من أجل الاستحواذ على ثروات هذه الدول بأقل كلفة وخلافاً لمصالح هذه البلدان، تمكن “الإسرائيليين” من الخروج بالربح . هذا ما تدل عليه فصول بيع الغاز المصري إلى “إسرائيل” بسعر مجحف، وإخلال “الإسرائيليين” بالتعهدات التي قدموها إلى الأردنيين بصدد الشراكة في استثمار المياه . هذه التجارب تدل على قدرة “إسرائيل” على فرض الشروط المجحفة على الأطراف العربية الأخرى . إذا أراد لبنان خوض معركة الغاز والنفط فإن وجود حكومة وحدة وطنية يحدد الشروط الأفضل لها . هذه الحكومة سوف تكون أكثر قدرة على كسب تأييد المجتمع الدولي من حكومة أحادية اللون والطابع .

2- العمل على تعديل موازين القوى بين لبنان و”إسرائيل” عن طريق تطبيق سياسة الدفاع الشامل . هذه السياسة تطبق في سويسرا والسويد وماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة والعديد من الدول الأخرى التي تخشى جيرانها الأقوياء ومن التحديات الضخمة المحيطة بها . نقطة البداية في تنفيذ هذه السياسة هي إحياء قانون خدمة العلم بعد إدخال تعديلات عليه تخلصه من ثغرات أدت إلى إلغائه كلياً . تطبيق هذه السياسة في الدول المشار إليها أعلاه سمح بتدريب وتسليح وتجهيز ما يعادل 10% من سكانها للاشتراك في الدفاع عن الوطن فأسهمت في تحصينها ضد التهديدات والانتهاكات الخارجية . لبنان اليوم هو بأمس الحاجة إلى اتباع مثل هذه السياسة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165626

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165626 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010