الأربعاء 1 حزيران (يونيو) 2011

«القدس بتتكلّم عربي»

الأربعاء 1 حزيران (يونيو) 2011 par أمجد عرار

ليس أمام وسائل الإعلام سوى أن تعلن عجزها في السباق الذي تخوضه تغطيتها لعمليات التهويد «الإسرائيلية» في مدينة القدس المحتلة، إذ إنها ما أن تنشر أو تذيع خبراً عن مخطط استيطان في حي، أو هدم مجموعة منازل، أو سلب مقدسيين حقهم في الإقامة في مدينتهم، حتى يصبح ما تم نشره، خبراً قديماً خلال أربع وعشرين ساعة، ليفسح المجال لخبر عن مخطط جديد.

قبل عامين قررت السلطات «الإسرائيلية» إزالة المسميات العربية عن اللافتات التي تدل على مناطق تاريخية وبلدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، واستبدالها بأسماء وكتابات عبرية. هذه السياسة ذاتها يسعى الاحتلال لتطبيقها في مدينة القدس، وقد قدّم مشروعاً في «الكنيست» يقضي بمنع استخدام الأسماء العربية في الوثائق ووسائل الإعلام الرسمية. بموجب هذا التوجّه ستصبح أبو ديس «كدمات صهيون»، وحي الطور سيتحول إلى «تل حنانيا»، وراس العامود «معاليه زيتيم». وللتذكير، فإن مسمى المسجد الأقصى لا وجود له في وسائل إعلام الاحتلال ووثائقه التي تسميه «جبل الهيكل»، مثلما تسمي سلوان «بلدة داوود».

لم تعد أولى القبلتين وثالث الحرمين مزروعة ومحاصرة فقط بالاستيطان الذي سيدفنها تماماً حتى عام 2020 وفق خطة «عشرين عشرين» التي يعمل عليها الاحتلال ليل نهار بلا كلل أو ملل، ولم يعد الخطر محصوراً في عملية التطهير العرقي والتهجير من خلال هدم المنازل وسحب المواطنة وجلب المستوطنين بالجملة للاستيلاء على منازل المستوطنين، بل وصلت مخططات التهويد مستوى أشد خطورة من خلال تزوير تاريخ المدينة وسرقة حضارتها ومصادرة مستقبلها ونزعها تماماً من عروبتها وتهويد مقدّساتها الإسلامية والمسيحية.

أبناء القدس يكاد صوتهم يختفي ونفسهم ينقطع وهم يناشدون العالم العربي والإسلامي وما يسمى المجتمع الدولي، إنقاذهم ومدينتهم من وحش التهويد، مع أننا نعرف مقدسيين كثيرين، سياسيين وكتاباً ومحللين، يعتقدون أنه لا معنى للكلام بعد حرق المسجد الأقصى عام 1968، وتعرض المصلين في المسجد للعديد من المجازر، وفي ظل اقتحامات المستوطنين والمنظمات الاستيطانية التي لا تتوقّف، من دون أن يصدر عن أمة العرب والمسلمين وكل المنظمات الإنسانية والحقوقية، سوى مواقف لا تتعدى رفع العتب، وبيانات مقتضبة خجولة مكرورة تدور حول الكلمات ذاتها من نوع «نشجب ونستنكر وندين ونناشد»، فهل لهذه الكلمات رصيد يمكن صرفه لحماية مكان تاريخي من التهويد، أو منزل من الهدم.

لا نراهن أن يغير مقال أو طن كلمات هذا الواقع، لكننا متأكدون أن الاحتلال يسير في تضاد مع التاريخ، وأن مخططاته ستفشل، ومهما فرض خرافته ومخططاته ولغته، سيأتي اليوم الذي تعود فيه الروح لكي يتأكد العدو والصديق أن «القدس بتتكلّم عربي».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165402

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165402 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010