السبت 23 نيسان (أبريل) 2011

تنافس على قاعدة عدم التكافؤ

السبت 23 نيسان (أبريل) 2011 par عوني صادق

لأسابيع عديدة مضت ولأسابيع عديدة آتية، كان الحديث المسموع وسيظل يدور في رام الله وتل أبيب حول ما سماه وزير الحرب «الإسرائيلي» إيهود باراك «تسونامي سبتمبر/ أيلول»، ذلك «الحراك» المتعلق بتوجه السلطة الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المقبلة للحصول على اعتراف بـ «دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». السلطة الفلسطينية في رام الله «تعتمد» وتعلق الآمال الكبيرة (طالما اعتمدت وطالما علقت)، على تأييد إدارة الرئيس باراك أوباما لمطلبها، وحكومة نتنياهو، في المقابل، تهيئ نفسها على أكثر من صعيد لإحباط تلك الآمال. ولكل منهما معطياته التي يراها تعمل لمصلحته، ويأمل أن يحقق بها الفوز في المنافسة المحتدمة على كسب الموقف الأمريكي .

المعطيات لدى السلطة الفلسطينية واضحة، عبّر عنها الرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة كان آخرها في مقابلة له مع صحيفة (الأيام- 19/4/2011) حيث قال: «نحن نعتمد على ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه يريد أن يرى دولة فلسطينية في سبتمبر/ أيلول المقبل، وهو الموعد الذي حددته اللجنة الرباعية». كرر ذلك في المقابلة نفسها وقال : «سأذهب إلى الأمم المتحدة . لماذا؟ لأن الرئيس أوباما قال إنه يريد رؤية فلسطين بعضوية كاملة في سبتمبر/ أيلول». هذه الثقة الزائدة بالرئيس أوباما تبدو أكبر بكثير مما تسمح به التجارب معه . أما الاعتقاد بأن ما بين 130 - 150 دولة في الجمعية العامة ستعترف بالدولة الفلسطينية، فإنه من دون الاعتراف الأمريكي (وربما معه)، لا يغير شيئاً على الأرض. بمعنى آخر، كل اعتماد أبو مازن على أوباما.

المعطيات لدى حكومة نتنياهو ليست في بساطة معطيات السلطة الفلسطينية، بل هي معقدة أكثر قليلاً، وللمفارقة لا توجد لدى نتنياهو تلك الثقة التي لدى الجانب الفلسطيني بالرئيس أوباما . لذلك، يعتمدون في تل أبيب على «تأثير» الخطاب الذي سيلقيه نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي في النصف الأول من شهر مايو/ أيار المقبل لإقناع إدارة أوباما أو لممارسة الضغط اللازم عليها لكبح جماح المسعى الفلسطيني. ويرى يارون ديكل في صحيفة (معاريف 18/4/2011) أنه «إذا لم يقنع نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس بجدية نواياه لحل النزاع ... فسيتحمل خسارتنا المعقل الأخير».

في الوقت نفسه، سربت الصحافة «الإسرائيلية» في الأيام القليلة الماضية أنباء عن «اتساع شقة الخلاف» بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، وأن أوباما مصرّ على إقامة دولة فلسطينية وسيؤيد طلب الاعتراف بها في الأمم المتحدة (يديعوت أحرونوت 10/4/2011). وبسبب ذلك الخلاف، تحدثت الصحافة «الإسرائيلية» عن «مبادرة لتسوية شاملة» سيتقدم بها أوباما، أكدتها وزيرة الخارجية الأمريكية في كلمة لها في المنتدى الأمريكي الإسلامي العالمي، وقالت : إنها ستعلن خلال أسابيع، ولمواجهة هذا الموقف الأمريكي، كما بينت الصحف «الإسرائيلية»، بدأ الحديث عن «خطة» ينوي نتنياهو أن يتقدم بها، تتلخص في انسحاب محدود من أماكن مأهولة من المنطقتين (ب، ج حسب أوسلو) لا تشمل المستوطنات ولا الأغوار ولا القدس. ويرى محللون «إسرائيليون» أن الخطة ليست أكثر من «حيلة» يراهن نتنياهو على أنها ستكون مرفوضة فلسطينياً، ويعتقد أنه بتقديمها يكون قد أنجز ما عليه. لكن الجهد الأكبر الذي تبذله حكومة نتنياهو، ومنذ أشهر، لإحراز الفوز في المنافسة ينصب على الجبهة الأمريكية الداخلية : الكونغرس . وفي مقال نشر في صحيفة (يديعوت أحرونوت 17/4/2011)، أوضح أليكس فيكشمان أن «زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، إيريك كنتور، أبلغ نتنياهو، مع تسلمه مهام منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، أنه سيعمل كسترة واقية لـ «إسرائيل» ضد مبادرات الإدارة. وقد نجح كنتور في تجنيد رئيس مجلس النواب، جون باينور، أيضاً للقيام بالمهمة نفسها». ويضيف فيكشمان في مقاله : «رسالة «إسرائيل» والجمهوريين إلى الفلسطينيين هي : الكونغرس لن يسمح لكم بالمس بـ «إسرائيل»».

ومعتمداً على حقيقة أن الرئيس أوباما ينوي ترشيح نفسه لولاية ثانية، ولن يغامر باتباع سياسات أو اتخاذ مواقف تغضب «إسرائيل»، يجد نفسه في الموقع الأقوى بالنسبة لأوباما وعباس معا . ومن الصعب ألا يقال، من هذه الزاوية للنظر، إنه على حق. وقد يفسر ذلك ما استبق به خطابه المنتظر أمام الكونغرس ووعد به الجيش «الإسرائيلي»، في احتفال أقامه الجيش بمناسبة عيد الفصح اليهودي (13/4/2011) حيث قال : «سنقف وقفة قوية أمام كل من يحاول أن يملي علينا الشروط» وأضاف قائلاً : «مررنا بعامين أكدنا فيها المبادئ، وأولها اعتراف فلسطيني بدولة «إسرائيل» كدولة للشعب اليهودي. والمبدأ الثاني هو الترتيبات الأمنية التي يجب أن تضمن أمن «إسرائيل» إذا ما انهارت التسوية». وقد جاء في مقابلة للرئيس عباس مع وكالة (فرانس برس 18/4/2011) في ما يبدو تعليقا على هذه المسألة، قوله : «نتنياهو يريد وجوداً عسكرياً «إسرائيلياً» لمدة 40 عاما في المنطقة بالمتاخمة لغور الأردن، وهو بالتالي سيواصل احتلاله».

إن أول شروط المنافسة العادلة، أيا كان نوعها أو موضوعها، أن تتم على قاعدة من التكافؤ حيث يخضع كل المشاركين للقواعد نفسها، وحتى تتوفر فرصة للمقارنة والمفاضلة. والثابت أن التكافؤ مفقود في منافسة على قلب البيت الأبيض يكون أحد أبطالها رئيس حكومة «إسرائيل»، وهو ما يجعلها قائمة على قاعدة اللاتكافؤ، ويجعل منها أكثر من مغامرة غير محسوبة بل مقامرة عواقبها غير محمودة حتى لو لم يكن الفلسطينيون هم الطرف الأخر، فما بالكم عندما يكونون؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2181420

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181420 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40