الخميس 21 نيسان (أبريل) 2011

ناصر الخرافي .. العربي القدوة

الخميس 21 نيسان (أبريل) 2011 par إيهاب السيد

مفجع كان خبر وفاة ناصر الخرافي، رجل المبادئ والأخلاق العالية الذي حرص على التمسك بالقيم العليا بعيداً عن أي حسابات لمصلحة أو منفعة ذاتية. هو رجل الأعمال الأبرز لكنه أبداً ما اهتم بجمع المال والمباهاة بثروته، وكأنما هو متجرد في إخلاص لعمل يبغي فيه وجه الله ومساعدة الخلق فأتى إليه المال سعياً.

ناصر الخرافي ابن العائلة العريقة، كان رجلاً توضحت معاني الرجولة في شخصيته منذ بداية شبابه، فها هو يترك مقاعد الدراسة وينزل إلى شوارع بورسعيد يقاوم العدوان مع المقاومين، وبورسعيد في ذلك الوقت كانت رمزاً من رموز المقاومة الشعبية في العالم العربي.

وحينما دلف إلى عالم التجارة والأعمال، ظلت قوميته متقدة بعيداً عن السياسة ودهاليزها. فهو الحريص على الاستثمار في الدول العربية المختلفة، كاشفاً بعمله لا بقوله كذب أو خطأ من نادى من رجال الأعمال العرب بالابتعاد عن الاستثمار في الوطن بحجة عدم الاستقرار أو عدم الجدوى الاقتصادية وغير ذلك. إذ أصبح ناصر الخرافي من أبرز رجال الأعمال العرب وأنجحهم وأكثرهم ثروة من وراء استثماراته في الدول العربية التي فتحت له قلوبها قبل اقتصاداتها لأنها رأت فيه نموذج رجل الأعمال الوطني الذي يسعى لأن يفيد اقتصاد البلد في نفس الوقت الذي يطور فيه الأعمال ويحقق فيه الأرباح. وتلك هي المعادلة الرابحة لمن يعي.

مشاريع الخرافي الممتدة على طول العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، ومن شماله إلى جنوبه تحكي قصة نجاح ممتدة عبر الزمن في إطار التعاون والتضامن العربي المشترك. فمن يملك يقدم لمن لا يملك. يقدم فرص العمل ومشاريع البنية التحتية وغيرها من مشاريع تساهم في تطوير اقتصاديات الدول، دون التغافل عن الجدوى الاقتصادية لأي مشروع من هذه المشاريع. ولا غضاضة في ذلك، لأن رجل الأعمال إن لم يحقق الربح فلن يستطيع تمويل المزيد من المشاريع وتطوير أعماله.

أبو مرزوق الرجل كان بحق رجل المواقف السياسية، ليس من منطلق السياسة التي ابتعد عنها طيلة حياته، وإنما من منطلق الرجولة والشهامة والكرامة. ولعل هذا ما يفسر وقوفه الصلب والمبدئي مع المقاومات العربية المختلفة عبر سنين عمره. فمن مشاركته العملية في المقاومة في مصر إلى دعمه الثابت للمقاومة الفلسطينية، ونصرته الدائمة للمقاومة اللبنانية. كانت رسائله في الدفاع عن هذه المقاومات عبر السنوات القليلة الماضية تأتي في أوقات حرجة يتكاثر فيها هجوم الطابور الخامس على عناصر هذه المقاومات وقياداتها، في محاولة لإضعاف تأثيرها على الشعوب العربية وزعزعة مكانتها عندهم. كان بحسه الذي لا يخطئ وبنظرته الاستراتيجية الثاقبة يتلمس اللحظات الحرجة هذه فيخرج صوته مدوياً في نصرتها. ليذكر الجميع بأن دعم ونصرة المقاومات الساعية لتحرير الأرض العربية من الاحتلال الصهيوني هو الواجب الأهم والأسمى لكل عربي يحترم نفسه وأمته.

كان يمكن لهذه المواقف أن تؤثر على أعماله في بعض الدول إن لم يكن في أغلبها، لكنه كان يطلقها غير خائف. كانت كرامته ونخوته تمنعانه من أن يتراجع عن نصرة الحق في سبيل المصلحة الذاتية. هكذا تربى ناصر الخرافي وهكذا نأمل أن يكون ورثته وتلاميذه، لا يخافون في الحق لومة لائم. فهم أبناء ذلك الأسد الجسور الذي اقتحم بحور الأعمال والسياسة فكان في كلاهما نبراساً وقدوة لشباب الكويت والأمة كلها وخصوصاً رجال الأعمال.

رحمك الله يا ناصر الخرافي فقد امتلكت شجاعة الموقف في زمن عز فيه الرجال. فأكرمك الله حقاً بالعيش العزيز والموت الكريم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 68 / 2178362

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178362 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40