الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011

هزّة أرضية تاريخية

الخميس 14 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد السعيد ادريس

حتماً لم تأت عصبية أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية «الإسرائيلي» ورفضه القاطع قبول مبادرة التهدئة مع قطاع غزة ووصفه لهذا القبول بأنه «خطأ فادح» من فراغ، فإلى جانب كل الأسباب الخاصة بالجانب الفلسطيني التي ترى أن التهدئة ستكون من الناحية الأمنية في مصلحة حركة «حماس» وبقية حركات المقاومة، للاستفادة من التهدئة لاستكمال بناء قدراتها العسكرية، وأنها ستكون من الناحية السياسية لمصلحة تحقيق المصالحة الفلسطينية ومشروع السلطة للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بقيام دولة فلسطينية، إلى جانب هذا كله هناك ما يتعلق بالكيان الصهيوني نفسه، وهو الأهم، حيث يواجه الكيان ما يمكن اعتباره خللاً بنيوياً في استراتيجياته الأمنية والسياسية بسبب جملة متغيرات فرضت نفسها مجتمعة في وقت واحد، أبرزها بالطبع التغييرات الثورية التي تحدث في العديد من الدول العربية.

هذه المتغيرات الجديدة تُحدث الآن تصدعات في بنية الكيان الصهيوني، وصفها إيهود باراك وزير الحرب بأنها أشبه بـ «هزّة أرضية تاريخية» سوف تدفع بحدوث ما يعتبره «تسونامي دبلوماسي» في اللحظة ذاتها، من شأنها أن تدفع باتجاه إفقاد «إسرائيل» شرعيتها بالكامل.

إذا كان هذا هو إدراك وزير الحرب، فالأمر إذن وصل إلى مرحلة الخطر الحقيقي، وهو إدراك حاول أن يقرأه بعناية شلومو أفنيري، أستاذ العلوم السياسية المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية «الإسرائيلية»، بقوله إن جدول الأعمال في «إسرائيل» الذي سيفرض نفسه حتماً بسبب التحولات السياسية التي تحدث في الدول العربية هذه الأيام سيختلف حتماً عن نظيره في أوروبا وأمريكا، ويقول «إذا كنت تعيش في أوروبا، وقد تحولت مصر إلى فوضى (!!) فهذا سيئ، أما هنا «إسرائيل» فليس فقط سيئاً جداً، بل هو تغيير حياة، لقد كان لدينا سلام مع مصر على مدى ثلاثين عاماً .. أما اليوم فلا نعرف».

غياب اليقين هذا أحدث إرباكاً سريعاً في ردود الفعل «الإسرائيلية»، وبالذات لدى المسؤولين الأمنيين في ردود فعل غير محسوبة، حتى قبيل سقوط نظام حسني مبارك في شكل طلب وزارة الحرب رصد ميزانيات إضافية قدرت بحوالي 200 مليون دولار كميزانيات إضافية للجيش، واعتبر ذلك بمثابة مرحلة أولى سوف تتبعها حتماً مراحل أخرى أكثر جدية لتوظيف المزيد من الميزانيات والأموال للأهداف الأمنية والعسكرية.

ردود الفعل السريعة هذه لم تكن أكثر من انفعالات عصبية غير محسوبة، لكن العقل الاستراتيجي «الإسرائيلي» سرعان ما تحرّك ليضع يديه على حقائق الموقف كما هو، وجرى الكشف عن هذا الدافع خلال جلسات مؤتمر هرتزيليا الذي كان قد بدأ أعماله يوم 16 فبراير/ شباط الماضي بالإعلان عن «تراجع المناعة القومية».

فقد توصّل البروفيسور جبرائيل بن دور، أحد الخبراء البارزين في هذا المجال إلى أن نتائج الاستطلاع الجديد لمقياس المناعة القومية تظهر انخفاضاً جوهرياً في منسوب وطنية اليهود في «إسرائيل»، وجاهزيتهم للقتال من أجلها لم تشهده الاستطلاعات التي بدأت قبل عشرين عاماً.

النتيجة المهمة التي يمكن اعتبارها خلاصة الموقف جاءت على لسان مدير قسم الشؤون السياسية والاستراتيجية في «حركة هرتزيليا أليكس مونتس» الذي قال «إن الزمن لم يعد في مصلحة «إسرائيل» التي كانت تراهن على ضعف العرب وخلافاتهم». أما التوصية المهمة للتحرك «الإسرائيلي» العاجل لإنقاذ الموقف فجاءت على لسان داني روتشيلد رئيس مؤتمر هرتزيليا، بدعوته «إسرائيل» إلى استباق التطورات المستقبلية في المنطقة، واتخاذ قرار حاسم، وإنجاز صفقة مع الفلسطينيين قبل فوات الأوان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178534

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178534 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40