الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011

دولة الغيتو.. من «الجدار» إلى «القبة»

الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011 par عريب الرنتاوي

تستطيع «إسرائيل» أن تحتفل ما تشاء وكيفما تشاء، بالنجاحات «الباهرة» التي حققتها قبتها الفولاذية في التصدي لصواريخ «حماس» المنطلقة من قطاع غزة... ويستطيع جنرالاتها الزعم بخيلاء، بأن اعتراض سبعة صواريخ غراد وإسقاطها، أنقذ «إسرائيل» من كارثة إنسانية محققة... سبحان الله، الصواريخ التي أُسقطت كانت وحدها ستفضي للكارثة أم تلك التي نجحت في تخطي القبة الفولاذية، فلم يترتب عليها شيء يذكر.

ولا شك أن ألسنة جنرالات الحرب في «إسرائيل» «ستندلق» من حلوقهم في مواجهة السيد حسن نصر الله ونظريته الردعية في قادمات الأيام، وسيُقال له، أن ترسانتك الصاروخية ستصبح عمّا قريب «كومة خردة»، لا تساوي قيمتها ما ينفق عليها من أموال للصيانة والتخزين... وربما ينطبق الحال بدرجة أكبر على أحمدي نجاد وصواريخ إيران بعيدة المدى.

ولقد سبق لـ «إسرائيل» أن احتفت منتشيةً، بنصر مماثل في الضفة الغربية عندما نجح جدار الفصل العنصري، في تقليص عدد العمليات الفدائية ضد أهداف داخل الخط الأخضر، واعتبرت ذلك نصراً عظيماً وفتحاً مبيناً... وفي تجربتي «الجدار» والقبة»، ليس بمقدور عاقل أن ينكر أثر التفوق التكنولوجي و«البناء على الأرض» في الحد من مستوى وسوية العمل الفلسطيني المقاوم.

لكن ما لن تستطيع «إسرائيل» الاحتفاء به، لا اليوم ولا غداً أو بعد غذٍ... هو نجاحها في كسر إرادة الشعب الفلسطيني واحتواء توقه الجامح للحرية والاستقلال... عند هذه النقطة بالذات، لن تكون هناك مزاعم ولن تكون هناك احتفالات... فالشعب الفلسطيني اختبر الصراع وتمرّس فيه، ولأزيد من مئة، مع عدو متفوق عليه في مختلف المجالات، من دون أن تلين له قناة، أو تضعف له همّة أو عزيمة.

ومن يعد قليلاً للوراء، إلى تجربة العمل الوطني الفلسطيني، يلحظ بسهولة، كيف استطاع الشعب الفلسطيني ومقاومته، أن يتكيفا مع الظروف المتحوّلة من حولهما، من المقاومة عبر الحدود (الدوريات) وعمليات القصف المدفعي... إلى المقاومة من الداخل، استهداف الجنود والمستوطنات والمنشآت، إلى «العمليات النوعية» من الخارج، براً وبحراً وجواً، مروراً بحرب الاستنزاف اليومي عبر جبهة جنوب لبنان وعمليات القصف المدفعي والصاروخي، عطفاً على العمليات الانتحارية (الاستشهادية) وصولاً إلى صواريخ غزة هذه الأيام... ولا أحسب أن طاقة الخلق والإبداع الفلسطينية ستتوقف عند «جدار» أو تنحني لسقف «القبة».

وفي ظني أن «الاحتفالية الإسرائيلية» بنجاح تجربة القبة، لا تنطوي على قدر كبير من المبالغة والدعائية فحسب، بل وتسعى للتغطية على القلق «الإسرائيلي» الأعمق، من مغبة أن ينجح الشعب الفلسطيني في «استعارة» أساليب أشقائه العرب ووسائلهم، فيقدم على إشعال فتيل انتفاضة جماهيرية واسعة، ضد الجدار والاحتلال والاستيطان والقبة... عندها لا أدري كيف ستتعامل «إسرائيل» مع طوفان بشري كهذا... وأية وسائل ودفاعات ستستخدم في الرد على ثورة الشعب وغضبه... لا أدري ولا يدرون، كيف ستكون عواقب أي سلوك أحمق، على موقع «إسرائيل» وصورتها ومكانتها وعناصر التفوق التي تمتلكها.

في «إسرائيل»، ثمة جدل يحتدم ومخاوف تندلع من «مخاطر نزع الشرعية» عن دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية... هذا الجدل وتلك المخاوف مرشحان للتفاقم والانتشار مع اتساع نطاق ثورات الحرية والاستقلال في العالم العربي... والمؤكد أن لا صلة لهذه المخاوف بصواريخ «حماس» ولا بالقبة الفولاذية... المؤكد أن هذا الجدل نابع في الأساس، من عجز «إسرائيل» عن قهر إرادة الحياة عند الفلسطينيين، ومن الحدود الضيقة لما يمكن للقوة الغاشمة أن تنجزه على هذا الصعيد، ومن الضيق العالمي المتنامي من الاستخدام المفرط للقوة «الإسرائيلية» العمياء بغرض إسقاط الحقوق الوطنية المُعترف بها للشعب الفلسطيني.

من منظور «إسرائيلي»، فإن أكثر السناريوهات تفضيلاً ونجاحاً هو ذاك الذي يترتب عليه، «تحييد صواريخ حماس وإبطال مفعولها ومنعها من امتلاك أي أثر ردعي»... ومن منظور فلسطيني، فإن قضية الشعب الفلسطيني لن تتضرر أبداً من نتيجة كهذا، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد يجد هذا الشعب وقواه الوطنية أن الوقت قد حان لاجتراح استراتيجية جديدة، تقوم على «المقاومة الرشيدة» في شتى ميادينها العسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والحقوقية... استراتجية لا تستهدف «نزع الشرعية» عن «إسرائيل» فحسب، بل والتسريع في إنهاء احتلالها للأرض ومصادرتها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني... والأيام وحدها، كفيلة بالإجابة على سؤال : أي المنظورين سينتصر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2178034

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178034 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40