الخميس 7 نيسان (أبريل) 2011

أي مقاومة نريد في غزة؟..

الخميس 7 نيسان (أبريل) 2011 par مصطفى إبراهيم

ما يجري في قطاع غزة الآن من تصعيد «إسرائيلي»، وما يرافقه من تصريحات لمسؤولين «إسرائيليين» يشبه إلى حد كبير ما كان يجري قبل العدوان «الإسرائيلي» في العام 2008، فقادة الجيش «الإسرائيلي» لا يخفون رغبتهم، ولم يتوقفوا عن التهديد والوعيد بتوجيه ضربات عسكرية مؤلمة لقطاع غزة، وكسر حركة «حماس»، وتهديد حكمها، ليس كونها المسؤولة عن قطاع غزة فقط، بل لأنها أصبحت تمتلك قوة عسكرية كبيرة حسب ادعاء الجيش «الإسرائيلي».

ومع ذلك، هل صحيح أن ما يجري من تصعيد محسوب على الأقل من طرف «حماس» حتى الآن وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة، و«إسرائيل» من جهة أخرى هو حرب صغيرة على نار هادئة؟ وهل هناك خوف من أن تتصاعد الأمور بين الطرفين إلى حرب شاملة لا يريدها أي طرف في قطاع غزة؟

وهل صحيح أن الفصائل وفي مقدمتها حركة «حماس» تدرك أن عليها ضبط النفس وعدم التسبب في مقتل «إسرائيليين»؟ وأن «حماس» تقوم بردود محوسبة على العمليات التي نفذتها «إسرائيل» ضدها، حيث غالباً ما تقوم بقصف مواقع عسكرية على الحدود في حال ما لم تقم «إسرائيل» بقتل عناصرها واكتفت بمهاجمة مواقع غير مأهولة أو تم إخلاؤها.

في «إسرائيل» يقولون إن الفصائل الفلسطينية تدرك أن «إسرائيل» في وضع صعب بسبب ما يجري من ثورات عربية، وعدم رغبة الدولة العبرية في الانشغال في معركة يريدها النظامان السوري والإيراني للفت الانتباه عما يحدث في دمشق، حيث أن الرئيس بشار الأسد بحاجة إلى أي تصعيد الآن.

لكن من يدفع الثمن هم الفلسطينيون الذين قتل منهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية 32 شهيداً، من بينهم أربعة من قادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وثلاثة من كتائب القسام أحدهم قيادي كبير في الكتائب، ادعى الجيش «الإسرائيلي» أنهم كانوا يخططون لعملية فدائية في سيناء بمناسبة عيد الفصح اليهودي.

فحركة «حماس» بين نارين، نار المطالبات الشعبية المطالبة بالرد على العدوان «الإسرائيلي» المستمر، ونار الخوف من أن التصعيد الذي ربما يسبب في مقتل «إسرائيليين» فيقع ما تتمناه «إسرائيل» لتنفيذ مخططها بشن عدوان ربما يكون أشد قسوة من عدوان العام 2008.

الفصائل الفلسطينية التزمت بالتهدئة، واتفقت على توافق في آلية الرد على العدوان «الإسرائيلي»، وأن التهدئة ستكون تحت شعار هدوء مقابل هدوء، وأن صبر الفصائل في الرد على العدوان والاغتيالات لن يطول، وأن «إسرائيل» ستدفع ثمن ذلك غالياً، في حين أن «إسرائيل» لم تلتزم بالتهدئة، وكانت التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب ايهود باراك بأن «إسرائيل» غير معنية بالتصعيد، هي تصريحات تضليلية، وقالا إن الجيش سوف يستمر في الاغتيالات، خاصة تلك التي طالت قيادات من كتائب القسام وسرايا القدس.

وادعى قادة الجيش «الإسرائيلي» أن اغتيال خلية «حماس» بغزة الأسبوع الماضي لا يعتبر خرقاً للتهدئة بل يدخل ضمن سياسة الدفاع عن أمن مواطني الدولة العبرية، ومنع تعرضهم للخطر، وأن «قتل وتصفية عناصر ما أسمتهم (بالإرهاب) في كافة التنظيمات ستتواصل لما تشكله تلك العناصر من خطر على الفلسطينيين و«الإسرائيليين» وعلى مستقبل الهدوء بين غزة و«إسرائيل»».

«حماس» وفصائل المقاومة ملتزمون بالتهدئة. وبرغم التهديدات التي أطلقتها فصائل المقاومة، التهدئة جاءت بعد الضغط الذي مارسته حركة «حماس» على حركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة، وحتى الآن «إسرائيل» مستمرة في القتل والاغتيالات واستهداف المدنيين والمنشآت، والفصائل تلتزم بضبط النفس مجبرة، وفي حيرة من أمرها، فهل تقوم بالرد في العمق «الإسرائيلي» على طريقة رد الجهاد الإسلامي الشهر الماضي، أم تنتظر تدخل طرف ثالث يلزم «إسرائيل» بالتهدئة؟ أم أن الفصائل الفلسطينية تدير التصعيد تلبية لرغبة سورية وإيران لصرف الأنظار عن ما يجري في سورية من بداية ثورة شعبية؟

وهذا يطرح السؤال : أي مقاومة نريد في قطاع غزة؟ وهل تستمر الفصائل الفلسطينية بضبط النفس، لعدم استفزاز «إسرائيل» وجرها لشن عدوان جديد يدفع ثمنه المدنيون؟

حتى الآن لا يوجد توافق حقيقي بين الفصائل الفلسطينية على مفهوم التهدئة، وهناك اختلاف كبير فيما بينها على الرغم من ما توصلت إليه الأسبوع الماضي من اتفاق على آلية الرد على الاغتيالات والتصعيد «الإسرائيلي».

المطلوب الاستمرار في بحث وضع آليات لمقاومة الاحتلال، وإعادة تقييم الوسائل والأساليب، وتغليب المصلحة الوطنية، وذلك لا يتم حسب مقاس حركة «حماس» وفرض رؤيتها وموقفها على الكل الفلسطيني، بل من خلال التوافق.

والعودة إلى الالتزام ببنود وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني 2006، خاصة البند المتعلق بتشكيل جبهة مقاومة موحدة باسم «جبهة المقاومة الفلسطينية»، لقيادة وخوض المقاومة ضد الاحتلال وتوحيد وتنسيق العمل والفعل للمقاومة وتشكيل مرجعية سياسية موحدة لها.

إن تغليب المصلحة الوطنية التي تتغنى بها «حماس» والفصائل الفلسطينية تقتضي إنهاء الانقسام وضرورة البحث عن الأساليب والوسائل المناسبة لاستمرار مشاركة الشعب الفلسطيني وقواه السياسية في مقاومة الاحتلال، وعدم جر شعبنا إلى حرب كما تدعي «إسرائيل» خدمة لأجندات إقليمية يدفع ثمنها الناس.

نحن لا نريد العودة إلى ما جرى قبل العدوان «الإسرائيلي» في العام 2008،عندما انفرط عقد التهدئة ولم تعد تمثل المصلحة الفلسطينية، وأعلنت حركة «حماس» انتهاءها لعدم التزام «إسرائيل» بشروطها، وبعد شهر من فرط عقد التهدئة شنت «إسرائيل» عدواناً همجياً على قطاع غزة.

في حينه اتفقت الفصائل على فرط التهدئة، وما جرى من سوء تقدير وتغليب المصلحة الحزبية والمزايدة والمناكفات السياسية وعدم الاتفاق الفلسطيني على آليات وأساليب مقاومة الاحتلال سهل من مهمة دولة الاحتلال في شن العدوان على قطاع غزة.

وما يجري الآن يشبه إلى حد كبير ما جرى قبل العدوان في العام 2008، والفصائل عاندت حركة «حماس» لتفردها باتخاذ قرار التصعيد، وعبرت بذلك بشكل سلبي على «حماس» وعدم العمل مع الفصائل الفلسطينية بمبدأ الشراكة. إن تغليب المصلحة الوطنية تتطلب العمل بشكل مشترك والتوافق على آلية الرد «الإسرائيلي» وتغليب المصلحة الوطنية وتجنيب شعبنا ويلات الحرب والدمار ليس من باب الضعف والاستسلام، لكن من خلال حوسبة الرد المناسب والمؤلم، بما يخدم المصلحة الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2165923

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165923 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010