الثلاثاء 20 نيسان (أبريل) 2010

قرار التهجير.. ولنا في التاريخ عبرة

الثلاثاء 20 نيسان (أبريل) 2010 par نواف الزرو

هي ذات المرتكزات التي انتهجتها الحركة والتنظيمات والدولة الصهيونية على مدى العقود الماضية من الصراع..فلم تكن تلك الدولة لتقوم عمليا لولا تلك المرتكزات الارهابية..كانوا يريدون فلسطين كلها بلا سكان، فلجاوا الى سياسات التطهير العرقي بكافة مضامينها وترجماتها على الارض من مجازر وتهجير وتدمير واستعمار استيطاني اقتلاعي احلالي.. وهم يريدون اليوم ايضا القدس والضفة باقل عدد من السكان اذا لم يكن بلا سكان، ولذلك يستحضرون ذات المرتكزات.

فالقرار العسكري الاسرائيلي الاخير بتهجير عشرات الآلاف من اهل القدس والضفة ينطوي عمليا على جملة من المعاني والدلالات الخطيرة جدا، فهو يضعنا مباشرة امام حقيقة فلسفة التطهير العرقي وسياسات الترانسفير المنهجية التي تشكل بالنسبة لهم قاعدة حروبهم المفتوحة ضد الشعب والقضية والارض والحقوق والهوية العربية في فلسطين، الى ذلك فهو من شانه ان يخل بالميزان السكاني تدريجيا لصالحهم، وان يعمل على تمزيق الوحدة الجغرافية –الديموغرافية في الضفة، ويعمل على تكريس حالة الفصل ما بين طرفي الجسم الفلسطيني في الضفة والقطاع، ناهيكم عن انه يأتي في صميم تكريس وتخليد مشروع الاستيطان والتهويد الذي بات ينتشر على نحو سرطاني مرعب في كافة انحاء الجسم الفلسطيني.

لذلك- ربما يكون عنوان “التطهير العرقي في فلسطين” من اهم واخطر العناوين التي يذكرنا بها هذا القرار الذي يستند الى مسوغات وذرائع مبتكرة مزيفة غير قانونية او شرعية.

يحملنا القرار الترحيلي الاخير هنا عبر نفق الزمن الممتد على نحو اثنين وستين عاما مضت من عمر الدولة الصهيونية واغتصاب فلسطين، الى نهج الابادة الجماعية والتطهير العرقي الذي اقترفته التنظيمات الارهابية الصهيونية قبل قيام “اسرائيل” والذي واصلته وما تزال تلك الدولة على مدار سنوات الصراع في فلسطين.

وما يحدث في فلسطين في هذه الايام يعيدنا إلى ذاكرة النكبة والتطهير والتهجير واللجوء، والى نقطة البداية، والى“سياسات التطهير العرقي”.

تقف وراء هذه السياسات العنصرية التطهيرية الابادية الممتدة، ادبيات صهيونية غزيرة كلها تجمع على تهويد فلسطين بالكامل وعلى “اسرائيل دولة يهودية بدون عرب”، وعلى “ان طرد من تبقى من العرب على قمة الاجندة الامنية السياسية الصهيونية”.

وهذا ليس عبثا وبدون مقدمات، فالتاريخ الصهيوني طافح بحروب “التطهير العرقي والابادة الجماعية”، ولنا في ذلك في التاريخ عبرة..بان نستشهد بما جاء في كتاب المؤرخ الاسرائيلي ايلان بابيه“التطهير العرقي في فلسطين”، الذي يورد رسالة كتبها دافيد بن غوريون لأبنه عام 1937 يشرح فيها رؤيته بضرورة “طرد العرب من فلسطين عنوة، عندما تحين اللحظة المناسبة كالحرب مثلاً”، وفي صميم هذه الادبيات ايضا جاء مبكراً على لسان بن غوريون الذي كتب في مقدمة كتاب تاريخ الهاغاناة عام 1954 يقول: “في بلادنا هناك فقط مكان لليهود وسوف نقول للعرب أخرجوا ، فإذا لم يخرجوا وإذا قاوموا فسوف نخرجهم بالقوة”.

ويضيف بابيه:“أن فكرة التطهير العرقي ولدت مع نشوء الصهيونية إلا أنها حولتها لخطة عندما بات اليهود ثلث سكان البلاد، لافتا إلى أن الخطط”ا“(1930) و”ب“(1946) و”ج“(1947) تتحدث عن ذلك لكن الخطة”د“(1948) تحدد معالم خطة التطهير العرقي بوضوح وبشكل صريح”.

ويلفت إلى أن الصهيونية خططت لتطبيق برنامجها في غضون ستة شهور لكنها تمكنت من ذلك في كثير من الأحيان بأقل من ذلك بكثير، منوها إلى أنها دمرت 530 قرية وأفرغت11 مدينة من سكانها.

والى عام 1956 حيث كتب مناحييم بيغن في كتابه “التمرد” يطلب من الإسرائيليين :“ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبداً ، وعندما تقتلون أعداءكم ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي ستبنى على أنقاضها حضارتنا”.
وصولا الى عام 1973 حيث قال موشيه ديان :“لا أرى كيف يمكن أن نقيم دولة يهودية دون أن ندوس على المحاصيل : سيادة محل سيادة ويهود يقيمون في مكان أقام فيه العرب”.

وما بين ذلك الزمن النكبوي الذي اقدمت فيه العصابات الصهيونية على التطهير العرقي والتدمير الشامل، مرورا بالخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات.. وما بين المشهد الراهن، يكشف البروفيسور “أرنون سوفر”، المعروف بأنه الأب الروحي لفكرة ترحيل العرب من الجليل والمثلث، في لقاء أجرته معه مجلة “بماحنيه” الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي عن الفكر الترانسفيري والنوايا المبيتة قائلا:“.. أن التاريخ يعلمنا أن فكرة الترانسفير الطرد والقتل هي أمور قائمة.. وقد يكون هذا خيار قائم أمامنا ، غير أن طرد (200) ألف عربي – فقط – لن يغير من الوضع الديموغرافي”.

الى ذلك- فان المشهد الفلسطيني الماثل امامنا يتحدث عن ان دولة الاحتلال ليس فقط تواصل عن سبق تخطيط وتبييت وترصد سياسات التطهير العرقي، وانما ليس من المستبعد قيامها باستكمال مشروعها بطرد فلسطينيي عام 48 الذي تضعهم تلك الدولة في دائرة استهدافاتها.. فضلا عن ان التطهير العرقي يتواصل في كافة الامكنة الفلسطينية في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية عبر الجدران والاستيطان والحصارات والاطواق والحواجز العسكرية واحكام قبضة الاحتلال على كل المنافذ والمفترقات الفلسطينية، بغية تضييق الخناق على المواطنينىوتحويل حياتهم الى جحيم لاجبارهم على الرحيل بحثا عن الامن واللقمة.

المؤسف في هذا المشهد ان الشعب العربي الفلسطيني يقف وحيدا في مواجهة هذا المشروع الصهيوني الاقتلاعي الاحلالي، بينما الدول العربية تقف عمليا متفرجة، فالمؤتمرات والبيانات وتصريحات الشجب والاستنكار كلها تغدو في النهاية بلا رصيد حقيقي على صعيد ردع الاحتلال عن مخططاته، اذا لم تترافق مع ارادات وقرارات وخطوات عربية جادة ومسؤولة..!

فلعل هذا القرار يوقظ الفلسطينيين والعرب المفاوضين على حقيقة المشهد الماثل هناك على الارض الفلسطينية، حيث نحن نعلن على مدار الساعة تمسكنا بخيار المفاوضات والسلام كخيار استراتيجي وحيد، بينما هم يتمسكون بمشروعهم الصهيوني التاريخي الذي يستهدف تهويد فلسطين من بحرها الى نهرها تهويدا شاملا الى الابد..!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165913

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165913 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010