الاثنين 21 آذار (مارس) 2011

الله.. وأوباما.. وأميركا وبس!

الاثنين 21 آذار (مارس) 2011 par شريف عبدالغني

بعدما ساعد زوجته ميشيل، في مذاكرة الأولاد وتجهيز «السندوتشات» لليوم الدراسي صباح الغد، وبعد أن نام الجميع، شعر الرئيس الأميركي باراك أوباما بحالة أرق جعلته لا يستطيع الذهاب إلى فراشه، وجلس مع نفسه وحيدا في حديقة البيت الأبيض يفكر في أحوال الكرة الأرضية بصفته العين الساهرة على حمايتها، أيقن الرئيس أنه قصّر في حق بعض زملائه الزعماء الذين تخلى عنهم وتركهم وحيدين في مواجهة ثورات شعوبهم، تأمل في النجوم اللامعة بالسماء وراح يفكر قليلا، ثم سرعان ما التقط هاتفه الجوال من على المنضدة وراح يتصل بهؤلاء الزملاء. البداية كانت مع زين العابدين بن علي، اطمأن على أحواله وعلى صحته وصحة السيدة ليلى، وأن أمورهما على ما يرام، وأن المليارات التي في حسابهما ما زالت بخير لتعينهما على الأيام القادمة، ثم اتصل بحسني مبارك، وقال له بنبرة خجل: «سامحني عندما قلنا: إن التغيير في مصر يجب أن يكون الآن، وأن الآن تعني أمس، ثم إنك في عمر والدي وأردت فقط أن تستريح من عناء السلطة وتوفير الخبز والشاي للمصريين ومواجهة قدرتهم الفائقة على زيادة النسل التي طالما شكوت منها». لكن مبارك لم يعلق على كلامه سوى بعبارة: «روح يا ابني العب بعيد..أنا أستاهل إني صدقت كلام واحد زيّك عن العلاقة الاستراتيجية معي» ثم أغلق الخط. وأخيرا اتصل أوباما بالعقيد معمر القذافي، لكن الأخير لم يرد لانشغاله بتوجيه خطاب جديد إلى الليبيين استمر حتى الفجر، وأكد لهم فيه أنه سيوقف الزحف المقدس عليهم، بعد تطهير الجماهيرية العظمى من آخر الجرذان، ووعد بإعادة الزحف بعدما يستورد شعبا من المرتزقة ليحكمه. عاود أوباما الاتصال بعد الخطاب ففوجئ بـ «الأخ القائد» يرد عليه بعصبية: «من أنت.. أنا معي الله والملايين.. إلى الأمام.. لا رجوع.. زنقة.. زنقة» واستمر في ثورته ولم يسمع اعتذار أوباما له ومدى تقديره لكلمات الإشادة التي طالما ذكرها القذافي في حقه وبأصله الزنجي، كما لم يسمع الزعيم الليبي اعتراف الرئيس الأميركي بتبعيته للقذافي باعتبار الأخير قائداً أممياً وعميداً للحكام.

انتهت المكالمات ومعها شعر أوباما بغصة في حلقه، واتجه فوراً إلى غرفة زوجته وأيقظها، فزعت ميشيل من اضطرابه وقالت له: «كفى الله الشر.. مالك يا راجل؟.. في إيه؟.. بن لادن هجم علينا في القصر؟.. ولاّ الصين ضربتنا بسلاح كيماوي؟.. ولاّ اللي ما يتسموا بتوع كوريا الشمالية هددونا بالنووي؟». هدأها أوباما: «ولا حاجة من دي حصلت.. كل الحكاية إني فعلا قصّرت في حق الزين ومبارك والقذافي وغيرهم من رجالنا، ولم نتدخل للدفاع عنهم». ثم راح الرئيس الأميركي يلوم نفسه: «هل جننت يا أوباما حتى تنسى الخدمات التي قدمها لنا بن علي في شمال إفريقيا؟ وكيف تغافلت عن أن مبارك هو منبع الحكمة والمدافع الدائم عن مصالحنا ومصالح إسرائيل والمشارك في حصار غزة والمساهم في تدمير العراق؟ ولماذا تنكرت لتخلي القذافي عن المشروع النووي وتنكرت لإهداره ثروات ليبيا يمينا ويسارا وعدم تحويله هذا البلد إلى قوة تهدد وجودنا في المنطقة؟ وكيف نسيت أن هذا الرجل نشر الخزعبلات؟ وكل هذا يؤدي إلى تقوية نفوذنا هناك».

ثم استدار الرئيس إلى زوجته، وقال لها بنبرة حاسمة: «عموما اللي انكسر يتصلح.. ولا بد من كل بد أن أتخذ قرارات تحسّن صورتي أمام هؤلاء القادة العظماء».

نام أوباما عدة ساعات، وبمجرد صياح ديك الصباح في الحديقة، استدعى مجلس الأمن القومي الأميركي لاجتماع عاجل لبحث أمر خطير، توافد الأعضاء إلى الاجتماع وهم يفكرون في هذا الأمر الجلل وكيفية مواجهته، بدأ الاجتماع والكل في انتظار مفاجأة أوباما الذي دخل في الموضوع مباشرة وقال بصوت مبحوح: «وردتني أنباء خطيرة تهدد مستقبل الأمة الأميركية كلها، وهي أن الجيش الأحمر الياباني يعمل على نشر قواعد نائمة له في أراضينا ثم إذ به فجأة يستيقظ لإسقاط نظامنا الحر، ونشر الشيوعية الملعونة في بلدنا الحبيب».

سأله الأعضاء: وكيف نواجه هذه المؤامرة الخطيرة يا «مستر بريزدنت»؟

أجاب أوباما: «بعد طول تفكير مع الخبراء طوال الليل، وجدنا أن الجيش الأحمر يعتمد في نشر مؤامراته على جو الديمقراطية الأميركية والانفتاح الموجود في البلد، ولذلك الحل هو سد هذا الباب أمامه، وقد توصلت إلى قرار أرجو أن تعينونني عليه وهو إعلان الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، وتعديل الدستور وعدم قصر فترة الرئاسة على مدتين، وإتاحة فرصة الترشح أمام الرئيس لفترات مفتوحة وألا يخضع للمسائلة». ثم استطرد: «وهذه الأمور وحياة أولادي ليس طمعا في السلطة ولكن حفاظا على استقرار الدولة لمواجهة المؤامرة التي ستدمر بلدنا وتسرق دولاراتنا، ولو كنت أكذب عليكم يا رب ينهار مركز تجارة عالمي على نافوخي أو يدهسني مترو الأنفاق في نيويورك، فما رأيكم أدام الله فضلكم؟».

رد الأعضاء في نفس واحد، وقد تبين بعد ذلك أنهم أيضا أجروا اتصالات مماثلة مع نظرائهم في أنظمة بن علي ومبارك والقذافي: «طبعا موافقة على كل ما تجود به قريحة سيادة الرئيس المعظم». قبل أن يهتفوا بصوت جهوري: «بالروح بالدم نفديك يا أوباما».

.. وهكذا تم تعديل الدستور، وتحول النظام الأميركي إلى نظام بوليسي على غرار «تونس بن علي»، وإلى قمعي حرامي وراثي تشبهاً بـ «مصر مبارك»، وإلى جماهيري دموي جنوني تقليدا لـ «جماهيرية العقيد».
واستمر أوباما في السلطة 50 سنة متصلة فقدت خلالها الولايات المتحدة مكانتها العالمية، وانهار اقتصادها، وتحولت إلى بلد متلقٍ للمعونات، وتعرضت لغارات من قطاع الطرق والقراصنة، وهام الأميركيون على وجوههم في مشارق الأرض ومغاربها بحثا عن فرص عمل، وكثيرون منهم غرقوا في مراكب بدائية أثناء محاولات للهجرة غير الشرعية إلى الصومال.

وبعدما ظن العالم أن الأميركيين أصبحوا شعبا ميتا، فوجئ الجميع باندلاع ثورة شاملة في مختلف المدن والولايات، ونظم المتظاهرون مسيرات مليونية نحو البيت الأبيض هاتفين: «الشعب يريد إسقاط النظام» ولم يخشوا رصاص الشرطة أو يستجيبوا لنداءات من يوصفون بـ «حكماء أميركا» بالعودة إلى منازلهم مقابل تعهد أوباما بعدم الترشح لفترة جديدة أو توريث ابنته «ساشا» السلطة، وهتفوا: «مش هنمشي.. هوّ يمشي».
ولم يجد أوباما وسيلة لمواجهة المناوئين له سوى جلب أقاربه من كينيا ومعهم مجموعة من المرتزقة الأفارقة، وأطلقهم في الشوارع لقمع المتظاهرين وهم يهتفون: «الله.. وأوباما.. وأميركا وبس»!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2178768

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178768 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40