السبت 19 آذار (مارس) 2011

هل يستغل الفلسطينيون رياح التغيير العربية؟

السبت 19 آذار (مارس) 2011 par الياس سحاب

مع أن رياح التغيير التي تهب على الوطن العربي تبدو كأنها أعطت أكلها في بلدين عربيين فقط: تونس ومصر، بينما تبدو متعثرة في بلدان أخرى، فان هذه الوقائع يجب أن لا تحجب عن أعين المراقب أن أحداث مطلع العام ،2011 وإن كان نجاحها ما زال محصوراً حتى الآن في تونس ومصر، فقد دشنت عصراً جديداً في الوطن العربي بأسره، هو عصر دخول العرب المعاصرين عالم الحداثة من أبوابه الواسعة . قد يختلف التعبير عن ذلك بين بلد عربي وآخر، وهذا هو الأرجح، غير أن ذلك لا يمنع أن رياح التغيير ستلفح بلا شك كل بقعة من الوطن العربي، وإن اختلف التعبير عن ذلك بين بلد عربي وآخر .

نقول هذا الكلام ونحن نشاهد بداية تأثر الأجواء الشعبية الفلسطينية، بالذات في الضفة الغربية وغزة، تفاعلاً مع أحداث ثورة مصر بشكل خاص .

في البداية، قال البعض إن سبب اهتمام شعب فلسطين بأحداث مصر، يعود إلى اهتمامهم بمصير معبر رفح وحصار قطاع غزة . غير أن الأيام التالية ما لبثت أن سفهت هذا التفسير السطحي، وأثبتت أن جماهير فلسطين، المغلوبة على أمرها حتى الآن تحت أثقال اتفاقية أوسلو، وتحت أثقال الانقسام بين فتح وحماس، قد استوعبت تماما درس الجماهير العربية في كل من تونس ومصر بشكل خاص، حيث ادى التحرك الجماهيري، مجرد التحرك الجماهيري الأعزل، إلى اسقاط أوضاع سلبية رزح تحتها شعب تونس ربع قرن، وشعب مصر ثلث قرن .

وهنا لا بد للمراقب أن يتوقف لأخذ العبرة . فقبل هبوب رياح التغيير العربية في مطلع هذا العام، كانت الجماهير الفلسطينية، كما سائر الجماهير العربية في حالة احباط يصل احياناً إلى حد اليأس، مما كان يدفع للاعتقاد أن لا جدوى من التحرك الجماهيري الأعزل، في مواجهة القوى المسلحة الضاغطة على انفاس الجماهير، من الخارج ومن الداخل .

ولا اعتقد هنا أن الجماهير الفلسطينية هي وحدها التي استوعبت الدرس، بل قوى السلطة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أيضاً، التي ادركت حتماً أن صبر جماهير الشعب، على ويلات الانقسام الفلسطيني وويلات الاحتلال “الإسرائيلي”، ليست حالة دائمة أبدية . إن استيعاب دروس ما أحدثته رياح التغيير العربية، ولو في تونس ومصر فقط، أصبح قاسماً مشتركاً بين سلطة فتح وسلطة حماس وجموع الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع .

لذلك، لا يبدو غريباً، بل منطقيا جداً، ذلك التحرك الشعبي الفلسطيني، المستوحى من ساحات تونس، وميدان التحرير في القاهرة، رافعاً رغبات الشعب، ومعبراً عنها، كأوامر إلى السلطة كما إلى الاحتلال .

لقد أنهى هذا التحرك، منذ الآن، وقبل أن يتطور إلى ما هو أهم وأكثر فاعلية، حالة السجال العظيم بين سلطة فتح في الضفة، وسلطة حماس في القطاع، فكلا السلطتين تحولت إلى شاهد يتفرج على مزيد من التطرف “الإسرائيلي” في ابتلاع المزيد من عروبة القدس وعروبة الضفة الغربية .

إن حصة الفلسطينيين من موسم رياح التغيير التي تجتاح الوطن العربي، ستكون انتفاضة شعبية جماهيرية ثالثة، لكنها في هذه المرة موجهة إلى سلطتي فتح وحماس، كما إلى الاحتلال “الإسرائيلي”: لا لاتفاقيات أوسلو، ولا للانقسام الفلسطيني .

إنها بدايات عصر الجماهير، والجماهير الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام أقل جدارة من جماهير تونس ومصر، وسائر أرجاء الوطن العربي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165514

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165514 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010