السبت 26 شباط (فبراير) 2011

هل يحترم الغرب إرادة التونسيين والمصريين؟

السبت 26 شباط (فبراير) 2011 par محمد عيادي

على عكس ما كانت تصوره بعض وسائل الإعلام الغربية لسنوات عديدة، كشفت ثورة الشعوب التونسية والمصرية والليبية أن العالم العربي والإسلامي ليس مسكونا بالعداء للغرب ولا يحمل حقدا عليه، وأنه مسكون بحب بالحرية والعدالة، يريد أن يعيش كريما لا تمارس عليه الوصاية بحرمانه من الديمقراطية بدعوى أنه لم يبلغ سن الرشد، والدليل على ذلك أن التونسيين والمصريين لم يرفعوا في ثورتهم شعارات معادية أو مناهضة للغرب، ولم يرفعوا شعارات مسيئة له ولم يحرقوا أعلاماً غربية.. وكانت كل الشعارات موجهة بالأساس للداخل ضد الحاكم ونظامه وسياسته.
وكذلك الأمر في ليبيا رغم استياء الليبيين من الموقف الغربي المتأخر من مواجهة القذافي مطالبَهم بلغة السلاح والقتل، وتخوفهم من مقترحات فرض الحظر الجوي لدرجة حديث البعض عن احتمال تكرر السيناريو العراقي، وهو أمر مستبعد.
وعلى عكس ما كانت تقوله وسائل إعلام غربية وبعض وسائل الإعلام العربية عن فزاعة الإسلاميين، لم نجد لهم سطوة في الشارع الثائر على بن علي ومبارك والقذافي، وانسجموا مع بقية التيارات والأحزاب والمكونات، حيث غابت الشعارات الحزبية والطائفية والفئوية، وحصل تضامن كبير وتسامح لافت، وحضرت وحدة الهدف، وهو التطلع لعهد جديد تشكّل فيه الديمقراطية والتسامح الهواءَ المتنفس، والعدالةُ الاجتماعية والنزاهة والشفافية الروحَ التي تسري في المجتمع.
بمعنى آخر أن الثورة المذكورة لم تُسقط حكاماً وأنظمة فحسب، بل أسقطت مقولاتٍ وأفكاراً سادت لعقود، وتبناها عدد من الأنظمة العربية، ومفادها أن التنمية الاقتصادية والقبضة الأمنية تغني عن إقرار التعددية السياسية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وأنها كفيلة بضمان الاستقرار في المجتمع، وأن الإسلاميين صنف واحد وخطر على الديمقراطية، وهي المقولات التي روجتها وسائل إعلام غربية، وزاد عليها اليمين الغربي المتشدد مقولات أخرى يشوه بها صورة أمة العرب والمسلمين ويرهب الناس بالإسلاموفوبيا.

والحال أن هذا اليمين لا يريد الخير لهذه الأمة ويفرح ويتحمس لتجزئتها ورجوعها لعهد الاستعمار، وتسوؤه تطلعاتها الديمقراطية وحرصها على وحدتها، وخرِس لسانه وخَنَس أمام مطالب الوحدة والتسامح والديمقراطية، والحمد لله أنه يمثل أقلية في الغرب ولا يعكس موقف هذا الأخير، وآمل أن يبقى كذلك حتى لا يعيدنا لعهد هتلر وموسوليني.

بكل تأكيد ثورة التونسيين والمصريين والليبيين، والتطلعات الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، ستجعل الغرب -خاصة أنه براغماتي- يعيد النظر في كثير من حساباته، ويحول المقولات الدبلوماسية المجامِلة أو المؤيدة لهذه التطلعات إلى سلوكيات عملية تتمثل بالأساس في عدم التدخل وترك المصريين والتونسيين يدبرون المرحلة الانتقالية بأنفسهم، وجعل الانتخابات وإرادة الشعب الفيصلَ في اختيار من يحكم حتى تنجح ثورتهم وتصل إلى مبتغاها، ذلك أن كثيرين يضعون أيديهم على قلوبهم ويتخوفون من بقاء رموز من النظام السابق في كل من مصر وتونس في مناصب حكومية ومن دخول دول غربية على الخط، ويتوجسون خيفة من ذلك ومما يجري في الغرف المغلقة.
باختصار هناك مخاوف من سرقة الثورة، والغرب (الرسمي) أمام امتحان كبير، هل سيحترم إرادة هذه الشعوب ولا يتورط في ذلك ولا يشجع عليه؟

وأعتقد أن عدم تدخله، سيحفظ مصالحه المشروعة أكثر ويجعله محل تقدير، ويساعده على فتح صفحة جديدة مع هذه الشعوب أساسها الاحترام المتبادل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165531

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165531 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010