السبت 19 شباط (فبراير) 2011

سلطة رام الله إلى أين؟

{{الشعب يريد تحرير فلسطين. }}
السبت 19 شباط (فبراير) 2011 par منير شفيق

لم يطرف جفن سلطة رام الله أمام فشل استراتيجيتها التفاوضية مما كان يفرض عليها، مع قليل من الشجاعة واحترام النفس، أن تعلن استقالتها بسبب ذلك الفشل لسياسات رهنت وجودها عليها. ولكنها لم تفعل وهربت إلى مجلس الأمن حيث راحت تدور حول نفسها فاشلة هنالك كذلك.

ولم تقف أمام فضائح الوثائق التي نشرتها قناة الجزيرة وقد كشفت عن تنازلات خطيرة قدّمت في قضية حق العودة وفي الإستيطان وتهويد القدس واقتسام المسجد الأقصى والمساومة على أحياء قديمة في القدس محيطة به، كما في التعاون الأمني مع قوات الإحتلال ضدّ كل محاولة مقاومة أو ممانعة في الضفة الغربية ومن ثم تقديم خدمات للإحتلال لا مثيل لها.

طبعاً حاولت في البداية التشكيك في صحّة الوثائق ثم اضطرّ صائب عريقات إلى الإستقالة لأنها سُرقت من مكتبه. وليس بسبب ما قدّمه من تنازلات هي تعليمات من محمود عباس. وهذا الأخير عاقبه بسبب الإهمال ونسي الشيء الأساسي وهو ما احتوته تلك الوثائق ومسؤوليته عنها.

ثم جاءت الضربة القاضية بفقدان السند الذي يرعى سلطة رام الله ويحمي تنازلاتها ويغطيها فلسطينياً وعربياً وهو حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعب مصر المليونية.

وبهذا تكون سلطة رام الله أمام موقف لا ثانية له إن أرادت أن تعفي نفسها من ارتكاب خطايا جديدة يحق الشعب الفلسطيني. فما وصلته استراتيجية المفاوضات، وما كشفت عنه الوثائق التي بثتها قناة الجزيرة، وما حلّ بها من كارثة سياسية بسقوط حسني مبارك، ومن قبله حليفها زين العابدين بن علي، يفرض عليها الإعتذار من فتح ومن الشعب الفلسطيني ومن العرب والمسلمين ومن شعب مصر، وترحل إلى حيث رحل زين العابدين أو حسني مبارك أو إلى أي مكان يحتمل أن يأويها.

سلطة رام الله أصبحت الآن عبئاً على نفسها بعد أن كانت وما زالت عبئاً على الشعب والقضية. ومع ذلك ما فتئت تبحث عن مخرج من دون أن تتخلى عن السلطة المدمّرة للقضية الفلسطينية. فقد جاءت آخر تقليعاتها على لسان ياسر عبد ربه بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية قبل شهر أيلول من هذا العام.

ويبدو أن المقصود كسب الوقت، وتجنب انتفاضة شعبية في الضفة الغربية تطالب محمود عباس وسلام فياض بالرحيل، وسلطتهما بالسقوط. فكما وعد كل من زين العابدين وحسني مبارك بعدم الترشح للتجديد بعد انتهاء الولاية أو البقاء لبينما تمرّ بضعة أشهر إلى حين إجراء انتخابات جديدة، ذهب محمود عباس إلى الموقف نفسه باعتبار أنه لا يريد ترشيح نفسه، ومن ثم لا حاجة إلى إسقاطه كما سقط معلماه وقائداه زين العابدين ومبارك.

المبادرة هنا مكشوفة ومفضوحة، لأن المشكل في الضفة الغربية هو السلطة المتعاونة أمنياً مع قوات الإحتلال ومن ثم يكون حلها هو الطريق لمقاومة الإحتلال وإنزال الهزيمة به.

أما التقليعة الثانية فجاءت باستقالة حكومة سلام فياض غير الشرعية أصلاً وتكليفه تشكيل حكومة جديدة تتورّط فيها فتح. وذلك لإغلاق الطريق أمام فتح لغسل يديها من محمود عباس وسلام فياض. ومن ثم إنقاذ نفسها من الإرتباط بسياساتهما، وما ألحقاه من أذى بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

فبدلاً من أن يتحمّل محمود عباس مسؤولية تكريس سلام فياض رئيساً لحكومة رام الله وما ارتكبته من تعاون أمني وتصفية لقيادات وكوادر فتح من السلطة والأجهزة الأمنية يذهب إلى توريط فتح معه في حكومة مدانة ويجب إسقاطها فوراً.

وبدلاً من أن يتحمّل محمود عباس مسؤولية فشل سياساته ويعفي فتح منها ليترك لها فرصة أن تبدأ من جديد عَمَدَ إلى توريطها في المشاركة بحكومة تتعاون مع الإحتلال وتمنع إنتفاضة الشعب واستعادة روح المقاومة.

على محمود عباس أن يدرك أن الهروب إلى انتخابات مزورّة ممكنة لن تعفيه من مسؤولية المأزق الذي أدخل فيه الشعب الفلسطيني، ولن ينقذ السلطة بعد سقوط حسني مبارك وعمر سليمان.

وعليه أن يشعر بثقل الجريمة التي سيرتكبها بحق فتح حين يورّطها بحكومة سلام فياض المدانة والساقطة حتماً.
إن الرياح هبّت لإنهاء سلطة رام الله والعودة بالضفة الغربية إلى معادلة شعب واحتلال.. معادلة احتلال ومقاومة وعندئذ تستقيم الأمور فيصبح على الإحتلال أن يرحل بدوره كذلك وبلا قيد أو شرط.

ولهذا فإن كل محاولة للمصالحة مع سلام فياض ومحمود عباس غير ممكنة بعد سقوط ورقة عمر سليمان، وبعد أن انتهى دور قيادات ارتبطت بمرحلة زين العابدين وحسني مبارك.

المصالحة ممكنة مع استقالة محمود عباس لتكون مع فتح تحرّرت من سياسات محمود عباس وسلام فياض. لأن أية مصالحة يجب أن تبني وحدة وطنية على أساس مقاومة الإحتلال، ولا مجال لمقاومة الإحتلال مع سلطة ملتزمة بالتعاون الأمني مع قوات الإحتلال ومرتهنة لأميركا واستراتيجية المفاوضات.

والذين يقولون أن الشعب يريد إنهاء الإنقسام فقط عليهم أن يقولوا أن الشعب يريد مقاومة الإحتلال. والشعب يريد إسقاط التعاون الأمني. والشعب يرفض المفاوضات والتنازلات.

الشعب يريد تحرير فلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165250

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165250 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010