السبت 12 شباط (فبراير) 2011

الشباب" بنسخة فلسطينية

السبت 12 شباط (فبراير) 2011 par أمجد عرار

على نحو ابتهاجي، أسهبت صحف “إسرائيل” في “تبشيرنا” بثورتي “فيس بوك” بنسخة فلسطينية، لكن ليس ضدها، إنما ضد السلطتين في قطاع غزة والضفة الغربية . واضح أن “إسرائيل”، مثلما أسعدها الاقتتال الفلسطيني الداخلي وما تبعه من انقسام مازال مستمراً، سعيدة أيضاً بما تتابعه على مواقع الشبكة العنكبوتية من خيوط عبثية ترمي للإيقاع بما تبقى من أنفاس فلسطينية تلهج بالوحدة والنضال بشكل لا يكل ولا يلين لإنجاز التحرر الوطني، وليس أقل منه .

لا تعنينا “إسرائيل” وما تقوله لنا أو علينا كفلسطينيين وعرب، ولا نظن أن طفلاً فلسطينياً واحداً يساوره واحد في المئة من الشكوك بأن “إسرائيل” يهمّها مصلحة الفلسطينيين ومعاناتهم التي هي السبب فيها منذ قرن . ولا يعنينا أيضاً ما يصدر عن المسؤولين “الإسرائيليين” ووسائل إعلامهم ومؤتمراتهم من تحليلات ومواقف مسمومة ومرتعشة مما يجري في تونس ومصر .

ما يهمّنا هو هؤلاء الشباب الفلسطينيون الذين تستهويهم تجربة نظرائهم في تونس ومصر في التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي لتهيئة مكان نظيف تحت الشمس لهم وللأجيال القادمة . لكن ما عليهم أن ينتبهوا له هو الوجه الأجمل في الحراك الشعبي التونسي والمصري . فهناك يتحرك الشباب من وحي ضميره وانتمائه الوطني تحت خيمة الوطن كله ولصنع مستقبل أفضل، وهناك نرى الطوفان البشري يموج تحت رفرفات علم واحد وعلى ايقاع صوت واحد كان له بعض ما أراد وسيكون له كل ما يريد . لكننا نخشى أن يبقى الشباب الفلسطيني منقسماً إلى شراذم بعدد الفصائل ومتمترساً خلف متاريسها ويتحرّك على إيقاع الانقسام . الشباب في تونس ومصر انحازوا للوطن والشعب والمستقبل لا لحزب أو سلطة أو شخص، ومن غير اللائق أن ينحاز الشباب الفلسطيني لحزب أو سلطة أو شخص ضد الوطن والشعب، وليس نموذجهم الملائم غوغائيون يعبثون ويحرقون و”يبدعون” في الهمجيّة والفوضى دفاعاً عن شخص، مدفوعين بتحشيد غبي فيه كل الدوافع والعوامل إلا مصلحة الوطن، وفيه استجابة لخطاب متخلّف لا يقدّم جملة مفيدة واحدة .

الشباب الفلسطيني يجب أن يكون هاجسه وطناً حراً مستقلاً متحرراً عادلاً، وأن تتشابك السواعد لرفع أعمدة خيمة واحدة تظلل التحرك الواعي على المستوى الداخلي نحو هدف ناظم واحد هو إنهاء الإنقسام كمقدّمة لصياغة أداة تحرر وطني موحّدة تعتمد استراتيجية سياسية ونضالية واحدة تحمي الثوابت وتحافظ على نقاء المجتمع وحمايته من مستغليه باسم القضية والواجب الوطني .

الشباب الفلسطيني مطالب باليقظة من الدسائس “الإسرائيلية” وشياطين الهمس الفتنوية التي تعمل لإلهائه داخلياً وإبعاده عن عدوه الحقيقي . فوسائل الإعلام “الإسرائيلية” التي دأبت على وصف الثورة الفلسطينية بالإرهاب تتحدث الآن عن “ثورة كرامة” وتردد بأن “شباب غزة سيقومون بعمل ضخم سيغير وجه التاريخ” . وفي حين تصف “إسرائيل” الانتفاضة ضدها بأنها “أحداث شغب وإخلال بالأمن”، تعتبر أي تحرّك في الضفة “انتفاضة شعبية” .

بات واضحاً أن الأولوية التي تعلوها خطوة، هي تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأن يكون الشباب عنصراً ضاغطاً على الفصائل في هذا الاتجاه، وليس أدوات لتكريس الانقسام، واستهلاك طاقتهم في خدمة رموز وسلطتين، فيما كلهم وكلتاهما وكل الشعب تحت الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178241

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178241 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40