الأحد 2 كانون الثاني (يناير) 2011

ذكرى الانطلاقة تعني النهوض بالحركة

الأحد 2 كانون الثاني (يناير) 2011 par صلاح صبحية

في الذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية نعيش حالة من الجزع والخوف على حركة “فتح” التي كان لها شرف إطلاق الرصاصة الأولى في الفاتح من كانون الثاني عام خمسة وستين وتسعمائة وألف ، فحركة “فتح” التي قادت المشروع الوطني الفلسطيني بكل أبعاده وتفاصيله وبكل إستراتيجياته وتكتيكاته سواءً على الصعيد الفلسطيني أو على الصعيد العربي أو على الصعيد الدولي ، تجد “فتح” نفسها اليوم أمام أزمة داخلية يجب أن
نعترف ونقر بأنها أزمة خطيرة على “فتح” وخطيرة بانعكاساتها على الوضع الفلسطيني برمته ، لأنّ حركة “فتح” كانت ومازالت هي القرار الوطني الفلسطيني ، وكلُّ حراكٍ داخل “فتح” ينعكس على الساحة الفلسطينية
إيجاباً أو سلباً ، ولا يمكن لحركة “فتح” أن تغطي الحراك الخطير الذي يجري داخلها والذي كان يجب ألا يكون مادة دسمة لكافة وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والدولية وألا يكون ورقة رابحة بيد الذين يعملون ليل نهار على مقارعة “فتح” ومحاولتهم أن يروا “فتح” وقد أصبحت أشلاءً مبعثرة هنا وهناك ، وما أكثر الصيادين في الماء العكر لفتح ، وليس غريباً أن يكون ماء حركة “فتح” عكراً ، ولكن الغريب أن يكون في حركة “فتح” من يمنح الآخرين الصنارات ليصطادوا بها بعض الأدران التي علقت بجسم حركة “فتح” وهم يعلمون إنّ فعلهم هذا هو فعل الصيادين أنفسهم ، ولقد أخطأ من أعطى الضوء الأخضر بالإعلان والإعلام عن وجود لجنة تحقيق تحقق في أمور داخلية ، وأصبح كل ما يخص الوضع الداخلي للجنة المركزية في متناول إجهزة الإعلام ، وكأن الأمر هو تخريب “فتح” من داخلها بتأجيج النار حولها ورميها بشرر هذه النار .

وبغض النظر عمّا يجري داخل اللجنة المركزية بين هذا الأخ وذاك الأخ فإنّ الذي حدث وجرى لم يكن يجري لو كان النظام الأساسي والبرنامج السياسي وقرارات المجلس الثوري دليل العمل اليومي للجنة المركزية ، ولكن الابتعاد لدى البعض عن النظرية الثورية لحركة “فتح” بعدم تحديد طبيعة المرحلة التي نعيشها ، هل هي مرحلة تحرر وطني أم هي مرحلة بناء الدولة أم هي مرحلة التحرر والبناء معاً ، وأي كان توصيف المرحلة ، فإنّ لكل مرحلة أدواتها التي يجب استخدامها بالشكل الصحيح من قبل القادة والكوادر والقواعد ، وقد أكدت “فتح” من خلال برنامجها السياسي للمؤتمر السادس بأنّ هذه المرحلة هي مرحلة التحرر والبناء حيث ورد في البرنامج السياسي ما يلي : ( ما زلنا نمر بمرحلة تحرر وطني بكل متطلباتها، ولكننا لن نكون أسرى لقوالب جامدة، فنحن أيضا نعد مؤسساتنا لإنطلاق دولة مستقلة كاملة السيادة، والمزج بين متطلبات المرحلتين يخلق تعقيدات لا بد من التعامل معها بحكمة وإبداع ) ، و لكن يبدو أننا لم نعد معنيين بالبرنامج السياسي لأنّ البرنامج السياسي في عرف البعض منا أصبح مجرد كلام مسطر على الورق وليس دليل عمل للمرحلة المقبلة ، وفي ظل رمي البرنامج السياسي وراء ضهرنا ظهرت وجهات نظر مختلفة داخل “فتح” وأصبحنا نسمع تصريحات عديدة من أعضاء اللجنة المركزية بخصوص التعامل مع الواقع المر على أرضنا والذي دفع العدّو الصهيوني به في ملعبنا ، التعامل مع الاستيطان ، التعامل مع التنسيق الأمني ، التعامل مع المفاوضات ، النظر إلى السلطة هل هي عبءٌ علينا أم هي إداة نهوض لشعبنا ، وكل ذلك في ظل وجود الاحتلال المرتبط بكل تفاصيل حياتنا اليومية ، وفي ظل الصراع مع العدّو وكيفية التعامل معه ظهرت التباينات فيما بيننا ، فهل نقبل بهذا الاحتلال الرخيص الذي ندفع نحن كلفة وجوده على أرضنا ، أم هل نذهب إلى المفاوضات والتي نعيش في نتائجها المتناقضة بين أنها مفاوضات عبثية لم تصل بنا إلى شيء ، أم أننا تفاوضنا على كل شيء ولم يبقَ لنا إلا التوقيع على ما تفاوضنا عليه ، فالغموض الذي اكتنف المفاوضات وما زال وعدم وضع نتائجها على الطاولة الفلسطينية أغرق الساحة الفلسطينية بجدل عقيم لا يصل بنا إلى الحقيقة ، هل نحل السلطة أم نحافظ على السلطة ، وهل السلطة هدف أم وسيلة ، وهل حققت السلطة ما هو مطلوب منها لمصلحة الشعب الفلسطيني ، أم أنّ السلطة أصبحت عبئاً مفروضا علينا من أجل أن نتحمل فلسطينياً كلفة الاحتلال ، وهل السلطة شيء مقدس يجب ألا تمس بكلمة نقد واحدة ، وهل السلطة أصبحت هي الممثل الشرعي الوحيد لكل الشعب العربي الفلسطيني حتى راحت تمارس صلاحيات ليست من صلاحياتها وخاصة في العلاقات الدولية ودفعنا بدوائر ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية إلى سلة المهملات ، وهل ما زال البعض مصرّا على أنّ “فتح” هي منظمة التحرير وأن ّ منظمة التحرير هي “فتح” ، وأنّ “فتح” هي السلطة والسلطة هي “فتح” .

ويبدو أنّ هذا البعض ما زال يصرّ على الخروج عن البرنامج السياسي للمؤتمر السادس والذي أوضح العلاقة ما بين “فتح” وبين السلطة بقوله (لقد تم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994 بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية وقادتها فتح سنين طويلة، وتولت كوادر حركة فتح غالبية مسئولياتها القيادية والإدارية، ولكن “السلطة” يملكها الشعب الفلسطيني ويتداولها بالانتخاب، كما أنها جسم مستقل عن الحركة تمتلك فتح القدرة على التأثير عليها وبالأخص عندما تتولى قيادتها مباشـرة. لابد للحركة من تكوين رؤية واضحة عما تريده من “السـلطة” وما هي المهام المسـتقبلية التي تلتزم فتح بتنفيذها من خلال السـلطة عندما تقودها من خلال الشرعية الديمقراطية ، وتلك التي ستطالب بتنفيذها إذا كانت خارج السلطة ) ، وهذا يعني أنّ “فتح” ليست السلطة وأنّ السلطة ليست “فتح” ، وذلك لأنّ “فتح” هي جزء من الشعب الفلسطيني وليست كل الشعب الفلسطيني وهي يمكن أن تكون في موقع قيادة الشعب كما أنها يمكن أن تكون خارج موقع القيادة وذلك في ظل العملية الديمقراطية الفلسطينية في إطار
تداول السلطة ، والسلطة ليست مغنماً بقدر ما هي مسؤولية تاريخية لقيادة مرحلة من مراحل البناء والتطور .
وكذلك فإنّ البعض ما زال يصرّ على أنّ “فتح” هي منظمة التحرير وأنّ منظمة التحرير هي “فتح” وهم يعلنون بذلك عدم التزامهم بالبرنامج السياسي للمؤتمر السادس والذي ينصّ على ما يلي : (مع التأكيد على دور منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها السلطة الأعلى لمؤسسات الشعب الفلسطيني والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المجسدة لوحدته الوطنية، إلا أن تطوير مفهوم الوحدة الوطنية إلى الشراكة السياسية أصبح ضرورة ملحة في المرحلة المقبلة بالنظر إلى تنوع المهام الوطنية وانضمام فصائل وأحزاب وتيارات جديدة إلى تيار العمل الوطني مما يقتضي تأسيس قاعدة جديدة للتعايش مع هذه القوى في إطار شراكة منضبطة تسهم في تعزيز مساحات الاتفاق وتقليص نقاط الخلاف ) ، فالمنظمة لا يمكن أن تكون بأي شكل من الأشكال هي “فتح” وحدها ،كون المنظمة هي الكيان السياسي والوطن المعنوي للشعب العربي الفلسطيني وكون “فتح” تؤكد على الشراكة السياسية في قيادة المنظمة كون هذه لشراكة السياسية أصبحت ضرورة ملّحة في حياتنا الفلسطينية ولا يمكن أن يتحمل فصيل أو تنظيم واحد مسؤولية مصير القضية الفلسطينية وذلك في ظل التوزع السياسي لأبناء الشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم .
ولكن وفي الذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية يجد المواطن الفلسطيني نفسه مطالباً حركة “فتح” العودة إلى حراكها الجماهيري بحيث لا تلهيها مواقع السلطة عن الاهتمام بدور الجماهير الفلسطينية لأنّ الجماهير الفلسطينية كانت وما زالت وستبقى هي صاحبة المصلحة الحقيقة في المشروع الوطني الفلسطيني التي تقوده “فتح” ، وهذا يتطلب من قيادة “فتح” ، لجنة مركزية ومجلساً ثورياً ضرورة الالتحام مع الجماهير الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها كما هو ذلك بالأساس مهمة لجان الأقاليم والمناطق والكوادر لأنه لا يمكن لأي فصيل ٍ فلسطيني أن يعيش
ويصل إلى أهدافه دون أن تكون الجماهير هي رئته التي يتنفس بها والتي تمده بالطاقه اللازمة له للاستمرار ، وأن تعود “فتح” لتبقى على اتصال مباشر مع جماهير شعبها ، لأنّ أي عمل لا يمكن أن يكتب له النجاح إذا لم يستطع أن
يحقق مصلحة حقيقية للجماهير الفلسطينية .

وفي الذكرى السادسة والأربعين للانطلاقة المطلوب من حركة “فتح” أن تجدد البيعة لجماهير شعبها الفلسطيني لأمتها العربية بالتمسك بمنطلقاتها الثورية وبمبادئها وبأهدافها وبوسائلها وأسلوبها التي تأسست على أساسها والتي أطلقت رصاصتها الأولى في تفجير الثورة الفلسطينية (اتكالاً منا على الله ، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب ) لأنّ هذا الجزء من الوطن الذي كان مغتصبا عند انطلاقة الثورة ما زال مغتصباً بل أصبح الوطن الفلسطيني من البحر إلى النهر كله مغتصباً ، وإن أخذ النضال أشكالاً عديدة في ظل مرور الثورة الفلسطينية بظروف ومراحل مختلفة فهذا يجب أن لا ينسينا بأن ّ حركة “فتح” وجدت من أجل اللاجئين الفلسطينيين الذين هم أبناء حيفا ويافا وعكا وصفد واللد والرملة ، هم أبناء الساحل والجليل والمثلث والنقب ، هم الذين كانوا وما زالوا وقود الثورة والنضال ، فلا يمكن لحركة “فتح” أن تتنكر لحقهم التاريخي وعليها أن تعلن دائما وفي كل المحافل الفلسطينية والعربية والدولية بأنها ستستمر بالنضال من أجل عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أخرجوا منها عام 1948 والعمل من أجل تحقيق ذلك وفق القرار الدولي رقم /194/ الذي أكد على وجوب عودتهم إلى ديارهم ، فقضية اللاجئين لا يمكن أن تكون محل مساومة في أي محفل من المحافل الدولية أو على طاولة المفاوضات ، بل علينا أن نعي جيداً بأنّ حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وممتلكتهم التي أخرجوا منها عام 1948 ضرورة حتمية وأنّ القرار 1948 لا يمكن التفاوض على مضمونه بل يجب وضع ألية لتنفيذه ووضعه موضع التنفيذ ، ولا
يمكن أن تحل القضية الفلسطينية دون تحقيق حق عودة اللاجئين إلى فلسطين المحتلة عام 1948 وليست عودتهم إلى أراضي السلطة أو أراضي الدولة الفلسطينية تعني حل قضية اللاجئين وإلاّ اعتبرنا ملايين اللاجئين في الضفة والقطاع موجودون على أرضهم وبأنّهم ليسوا جزءاً من قضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وإنّ قضيتهم حلت بوجودهم في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وعلينا أن نتذكر دائماً بأنّ اللاجئين الفلسطينيين ليسوا هم الفلسطينيون الذين يعيشون في المنافي والشتات بل هم جميع اللاجئين الذين يعيشون الآن قسراً في الشتات وفي مخيمات الضفة ومخيمات القطاع وعلى أرض فلسطين المحتلة عام 1948 وفي الذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية نؤكد على ضرورة التزام كافة أعضاء اللجنة المركزية بالبرنامج السياسي لحركة فتح المستند على الباب الأول من النظام الأساسي للحركة ، وأن لا يصبح أي اجتهاد ورأي داخل اللجنة المركزية محل نقاش وجدل في كافة أجهزة الإعلام ، وأنّ حل الاختلاف والخلاف يجب أن يكون داخل الأطر استناداً إلى التمسك بالنظام الأساسي واللوائح الداخلية للحركة ، وإلا فأننا نضع الحركة في وضع خطر جداً ليس من صالحها وليس من صالح فلسطين وشعبها .

وفي الذكرى السادسة والأربعين للانطلاقة على “فتح” أن تسارع إلى وضع برنامجها السياسي موضع التنفيذ وأن لا تخضع لللاجتهادات الشخصية على أي مستوى كان ، وعلى اللجنة المركزية أن تنهض بحركة “فتح” على كافة
المستويات وذلك بأن تتحول حركة “فتح” من حركة مناسبات إلى حركة برنامج سياسي مترجم على الأرض .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165851

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165851 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010