السبت 1 كانون الثاني (يناير) 2011

الانخلاعات في حركة فتح

السبت 1 كانون الثاني (يناير) 2011 par سميح خلف

في المنهج العلمي المادي تظهر الانخلاعات اذا كان الجسم المادي يتعرض لقوى خارجية وهي مقدمة لعملية الكسر والتشوه اذا لم تتوفر العوامل اللازمة من المرونة التي تحافظ على تركيب المادة والحفاظ على هويتها وكينونتها وهذا ما فعله ياسر عرفات في مواقفه الوسطية بين شرفاء فتح و المستزلمين فيها بل الذين لهم علاقات خارجية تمولهم،في النهاية اصبحت تلك الانخلاعات واقعاً ملموسا ً بل مدمراً لطموح شعب وحياة مناضلين وكيانية يجب ان تصمد امام كل العواصف والقوى الخارجية .

تقبلت الأنظمة العربية فكرة حركة فتح في وقت عصيب وفي موقف احراج بين جماهيرها وشعوبها،فكرة حركة فتح الجديدة في عملية الصراع العربي الصهيوني الذي حشد الجيوش وحشد الاسلحة ليهزم مرة تلو الاخرى مع قوى الصهيونية عسكريا ً وسياسياً،تلك الانظمة التي لم تستفيد بشكل جاد من موازين القوى في حقبة القرن العشرين.

تمحورت الانخلاعات في داخل حركة فتح عن اتجاهين:

الاتجاه الاول:انخلاعات داخلية اخدت وجه الديمومة الدائمة في مواجهة الفساد والانحراف السياسي والامني وتمخض عن تلك الانخلاعات عمليات كسر محدودة حاولت ان تشكل لها ماديات للحفاظ على بنيتها امام تيار تسووي انقلابي على كل مفاهيم الانطلاقة الاولى بما يعبر عنه علميا ً باجهاد الصمود امام انجراف كامل لتشويه البرنامج النضالي ومحاولة صنع اجهاد خضوع علوي وسفلي للحفاظ على هوية البندقية والمبادئ الاخلاقية التي انطلقت بها حركة فتح.

الاتجاه الثاني:

هو اتجاه فاعل في تركيب البنية المادية لحركة فتح يمتلك المال والقرار وصنع القوى المؤثرة وصناعة مادية التشوه والتشويه للاخرين استطاع هذا التيار ان يلملم قواه المختلفة والتي تتأقلم مع ماديات المحيط من انظمة عربية غير قادرة على اتخاد قرار صريح في مواجهة الصراع العربي الصهيوني بالاضافة الى ماديات الوجود الدولي المبني على بناء القوة الصهيونية لتستمر لأكثر من قرن او قرنين ووفرت العوامل الذاتية لوجود تلك الانظمة لكي يتم سقل هذه الكيانية العدوانية لتكون هي القوة المؤثرة من حيث البناء المادي في منطقة الشرق الاوسط.

البناء المادي الذي رسمته بشكل اساسي ودعمته الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وهما كيانيتين مبنيتين على العنف وخاصة الولايات المتحدة الاميركية وهناك تشابه في الوصف والصفات بين نشوء ما يسمى دولة اسرائيل وبين نشوء الولايات المتحدة الاميركية .

الاتجاه الثاني تساوق بل تبادل المصالح في حفاظه على مصلحته الذاتية والاعتراف به كقوة مادية مثل قيادة منظمة التحرير التي اصبحت لا تمثل الا نفسها وتمثل تيارها في وسط 11 مليون فلسطيني،حاولت ان تساهم بالقدر المطلوب منها بالاعتراف بالدولة الصهيونية على ارض فلسطين ووصل الامر الى اعتبارها دولة جارة وصديقة.

لم يكتفي التيار الثاني بهذا الحد من التنازلات بل اطلق عدة قوى مجيرة لمنهجيته لمصارعة التيار الاول في افكاره وملاحقته وهنا كان ائتلاف مادي بين قوى الامن الصهيونية وقوى الامن للتيار الثاني التسووي في ملاحقة وجمع المعلومات عن التيار الأول مما ادى الى عدة تصفيات هامة وانخلاعات دائرية وانخلاعات عمودية على اثرها تم تصفية قادة كبار كان يمكن ان يؤثروا في حركة النضال الوطني الفلسطيني ويقودوا شعبهم نحو النصر مثل ابو جهاد الوزير واغتيال كمال عدوان مبكراً وابو علي اياد مبكراً ايضاً واخر حجر لاحداث انخلاعات في التيار الاول هو تصفية ابو اياد وعاطف بسيسو وسعد صايل.

انها معركة شرسة لا تقل ضراوة بين التيارين مع العدو الصهيوني ومستمرة رحاهى الى ساعة كتابة هذا المقال وهذا التحليل.

يفتقد التيار الاول ويفتقر الى الوجوه القيادية القادرة الان على قيادة المادية الفتحاوية المؤمنة بالاهداف والمنطلقات،هناك ارهاصات ومحاولات مستمرة لصنع كينونة موحدة تستطيع السير بتقدم امام اخفاقات وانكشاف التيار الثاني وخاصة في العملية السلوكية الأمنية والسياسية والشخصية لهؤلاء،فلم تخلو الصحافة الدولية والعربية والفلسطينية من نشر فضائح متتالية للتيار التسووي الذي يقامر بحياة شعب وارض على حساب حسابات خاصة وشخصية لمن يقودوا التيار الثاني وعلى رأسهم رئيس السلطة واشخاص معروفين من حوله.

التيار الاول وهو تيار المبادئ والاهداف والمنطلقات الفتحاوية الذي يحاول بشتى الوسائل الحفاظ على مادية التكوين الحركي الاول كما قلنا يفتقر للاجماع الفتحاوي الذي عبر عنه بالفتحاويين الشرفاء،قاموا بمبادرتهم مستندين الى العم والخال في رجوع غير منطقي للحفاظ على ماديتهم عندما اشتعلت المعركة بين السيد ابو اللطف من جانب ومحمود عباس من جانب والقضية كانت قضية ياسر عرفات والقضية الاساسية التي تختلف عن هذا المنطلق هي قضية الدائرة السياسية والصلاحيات.

لم نتفائل كثيرا لتشكيل قيادة الانقاذ الفتحاوي لاعتبارات متعددة ومآخد متعددة ان تلك المجموعة نصبت نفسها قائدة للفكرة في حين ان الفكرة هي موجودة اساسا ً بين كل فتحاوي شريف نقي لم يلوث بالظواهر التي ذكرت سابقاً،اتخذت من نفسها قيادة تصدر البيانات بدون الرجوع الى القاعدة الفتحاوية العريضة وفي عمليات اتصال اقليمي مع بعض الدول والفصائل وبدون الرجوع ايضا الى القاعدة الفتحاوية التي تم اقصاؤها في عملية انخلاعات مقصودة لعزلهم واقصائهم عن مركز القرار والفعل.

هناك تيار الكفاح المسلح ويقوده اخوة اعزاء ايضاً يعملوا بشكل كبير وبشكل انتشاري ولكن ينقصهم الروابط بينهم وبين الكفاءات الحركية النظيفة وايضاً يقعوا في ظاهرة تنصيب انفسهم قادة على واقع حركة فتح الكفاح المسلح الذي يؤمن به كل شعبنا.

في الايام الاخيرة وفي ذكرى الانطلاقة حلت نفسها قيادة الانقاذ لتلتحق بتيار الكفاح المسلح ايضاً بتوافقات شخصية وفي مطبخ في احد شوارع دمشق وبدون الرجوع الى قيادات في العاصفة تلك القيادات التي حركتها محدودة لعدة اعتبارات ومن تجاهل للاخرين ورسم التمثيل من خلال بوس اللحى مع بعض الفصائل المؤثرة في دمشق وهذا عامل من عوامل الاخفاقات ويعرض أي عملية استنهاض حركي للكفاح المسلح لانخلاعات يمكن ان تؤثر على درب الانطلاق من جديد والاستنهاض.

التيار الثاني الذي تفجرت في اوساطه انخلاعات تحاول ان تفرز ماديات اخرى وواقع اخر وكل من تلك التيارات الداخلية تتأثر بقوى خارجية تتلاعب في الشأن الفلسطيني الرسمي المزوز والمنصب من الانظمة العربية واميركا واسرائيل تحت قاعدة اوسلو - خارطة الطريق.

كل ما ظهر على السطح في هذا الصراع والانخلاعات الداخلية واعتقد ان الامور اعمق من ذلك بين دحلان ومحمود عباس كانت هي عبارة عن تهجم شخصي على محمود عباس والكلمة الرئيسية ان دحلان قد اتهم عباس بضعف الشخصية وهذا لم يكن جديداً اذا كان دحلان قد استخدم هذا التعبير فقد استخدمناه مراراً منذ عام 2000 عن شخصية محمود عباس اما ابنائه يحكى ان في احد زياراته لبلد عربي في بداية الـ2000 طلب من احد السفراء ان يبحث عن أي مشروعات لابنائه وهذا ما يعزز منطق ان محمود عباس يستغل موقعه لتقوية ابنائه وتعزيزهم مادياً وذكرت بعض الاوساط الاعلامية منذ عام ان محمود عباس ارسل ابنه الى شمال العراق عند اكراد العراق للبحث عن مشاريع والقائمة تطول في هذا المجال.

اصدر محمود عباس قراراً من مركزيته التي تم تعيينها في مؤتمر لا يخلو من عملية النصب التنظيمي والاحتيال لكي يصدروا قراراً بتجميد او بتعليق عضوية دحلان واستدعائه للتحقيق.

ماهو المقصود من كل تلك الانخلاعات في التيار التسووي التنازلي التفريطي،هل يبحث هذا التيار عن كبش وضحية لمستقدمات جديدة في واقعهم؟ام هناك صراع على المصالح ؟ام هناك مخطط اقليمي جديد تقوده اميركا نحو اتجاه الاردن وبالتالي يجب ان تكون السلطة في الضفة الغربية هي سلطة يخضع افرادها للقانون الاردني ومنهم قادة دخلوا انتخابات مجلس النواب ونجحوا في التمثيل وخطة اوباما الذي تخلى عن فكرة الدولتين يطرح الآن فكرة التمدد الفلسطيني المشترك بين الاردن وواقع الضفة الغربية في ظل تعثر أي سبل للمصالحة مع قطاع غزة وحماس،فهل يمكن ان تكون خطة اوباما هي اندماج الضفة الغربية في تكوين سياسي وديموغرافي مع الاردن واعتبار غزة دولة منفصلة يمكن وضع تسهيلات لحكامها من حماس تحت بند الهدنة طويلة الامد واجماع فصائلي على عدم ممارسة أي عمل مقاوم مبادر واطلاق الحريات لعمليات دفاعية لاي مناوشات على حدود غزة.

اجمالا تلك الانخلاعات التي لا يقبلها عقل في منطقها ولا شرعية في قراراتها فاللجنة المركزية لحركة فتح غير شرعية وقيادة محمود عباس لحركة فتح غير شرعي وقيادته للسلطة غير شرعية.

اذاً انخلاعات في اوساط اللاشرعية

نحن بحاجة لا ان نلمع محمود عباس وتبرئته على حساب دحلان كما تلمع الاوساط الاعلامية قرارات محمود عباس بمحاكمة دحلان تحت بند اخطاء سابقة لمحمد دحلان في حين ان الانخلاعات الامنية والسياسية مسؤول عنها بالدرجة الاولى محمود عباس والطيب عبد الرحيم ونمر حماد وياسر عبد ربه وابو ماهر غنيم بالاضافة الى هؤلاء محمد دحلان واخرين تم لمهم تحت ما يسمى المجلس الاستشاري لعباس.

اذا فليتم التحقيق أولاً مع محمود عباس ومن ذكر اسمائهم سابقا تحت بند التفريط والفساد ولتكن المحكمة مؤجلة الآن لحين بلورة اطار وقيادة موحدة تضم خط الكفاح المسلح بكل كوادره ونأمل ان يتجاوز الاخوة اخطائهم وتصرفاتهم المبنية على القرارات الفردية لا الجماعية للقاعدة والا ستتعرض حركتهم لانخلاعات مشابهة سيكون اثرها مدمرا ً لحركة فتح التاريخ والهوية والمصير والشهداء .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165776

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165776 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010