الخميس 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

حوار فتح وحماس .. مكانك راوح

الخميس 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par علي بدوان

انتهت الجولة الحوارية الأخيرة بين حركتي فتح وحماس بدمشق دون نتائج جدية تذكر كما توقع بعض المراقبين في الساحة الفلسطينية،علماً أن الجولة الأخيرة جاءت بعد توقف وارباك مازالت أسبابه غير مشخصة تماماً حتى الآن، وان تعددت الأقاويل بشأنها، في اشارة لمشكلة المكان تارة، ومشكلة جدول الأعمال تارة ثانية، والدور المصري تارة ثالثة.

فقد بدت أجواء لقاءات دمشق الفتحاوية الحمساوية في جلستها الحوارية الأولى التي عقدت في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي، مشجعة ومثيرة للتفاؤل على طريق التوصل إلى اتفاق مصالحة، فلم يتم هذه المرة وضع شروط بأن تكون التفاهمات المشار إليها أعلاه، بعد توقيع الورقة المصرية أو غيرها، بحيث أن تتم هذه التفاهمات بين حماس وفتح ومجمل الفصائل الفلسطينية، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من توقيع الورقة المصرية نحو إنهاء حالة الانقسام، لكن الجولة الثانية الأخيرة التي عقدت بدمشق في التاسع من الشهر الجاري كانت غير مشجعة، ومثيرة للقلق، بالرغم من الاقتراحات الجديدة بشأن المصالحة والتي تحدثت عن وضع الورقة المصرية والملاحظات عليها وورقة التفاهمات كـ “وديعة” عند جامعة الدول العربية حتى لا يستطيع أي طرف لاحقاً التنصل من التزاماته أو الادعاء لأي سبب كان انه يتهرب منها.

ومع هذا، فان تفاؤل البعض من الفلسطينيين بشأن الحوار الفتحاوي والحمساوي وما قد ينتج عنه، انطلق من الحراكات والوقائع الأخيرة المتعلقة بانسداد أفق التسوية على مسارها الفلسطيني/الاسرائيلي، والتي سحبت بمفاعيلها الحالة الفلسطينية عامة ودفعت بها للبحث الجدي هذه المرة عن السبل الكفيلة بوضع حد للانقسام المدمر واغلاق ملفه بعد أربع سنوات من التشرذم والتفكك الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنه الباهظ على كل المستويات، واضعف الحالة الفلسطينية بشكل عام.
فقد تركت التفاعلات الحية المباشرة التي أحدثتها الانتكاسات التي وقعت خلال الجلسات الثلاثة الأولى من المفاوضات المباشرة، وعودة حكومة نتنياهو لتنشيط عمليات التهويد والاستيطان، تركت وقائعها المباشرة على مسار المصالحة الفلسطينية/الفلسطينية المنشودة، وعلى الجهود المبذولة من قبل مختلفة الأطراف العربية والصديقة والهادفة للوصول إلى برها. حيث علت الأصوات المنادية بضرورة ردم الهوة وإغلاقها في الساحة الفلسطينية.

لكن الإدارة الأميركية التي لاتريد أصلاً للمصالحة أن ترى النور “لإتاحة الفرصة للجانب الإسرائيلي للانفراد بمفاوض ضعيف في المفاوضات المباشرة” على الأقل، تعمل الآن وفي سياق جهودها لإدامة الانقسام الفلسطيني من جانب، ولإدامة المشاركة الفلسطينية في اللعبة التفاوضية من جانب أخر، تعمل على إخراج “أرنبا جديداً” من جعبتها عنوانه وجود “تعهدات من قبل الرئيس اوباما بإقامة دولة فلسطينية” وأن تلك التعهدات “معرضة للسحب الفوري” حال أوقف الفلسطينيين مشاركتهم بالمفاوضات المباشرة احتجاجاً على استمرار عمليات الاستيطان.

وفي هذا المسار، فان واشنطن مازالت تضع العراقيل التي تحول دون تحقيق المصالحة، ومازالت تروج لمقولتها المعروفة بأن قبول رفع الحصار كلياً عن قطاع غزة والتعاطي مع مجمل الحالة الفلسطينية بتشكيلاتها السياسية المختلفة، يستوجب من الجميع “الاعتراف بشروط الرباعية الدولية” التي تتضمن الاعتراف المباشر بإسرائيل وحقها التاريخي بالوجود (لاحظوا العبارة : الاعتراف بحقها التاريخي في الوجود وليس الاعتراف بها)، ونبذ المقاومة بوصفها إرهاباً والالتزام بالاتفاقيات الموقعة كاملة بين “إسرائيل” والسلطة الوطنية الفلسطينية، علماً بان الطرف الذي ماطل وخرج عن الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة هو الطرف الإسرائيلي قبل غيره، خصوصاً حين قام الجنرال شارون باستخدام مواقع السلطة الفلسطينية التي دمرها الطيران الحربي الإسرائيلي أثناء حصار المقاطعة ورحيل الشهيد ياسر عرفات.

ورغم محاولة الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو الالتفاف على المطالب الدولية بوقف عمليات الاستيطان والتهويد، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وسد الطريق أمام إمكانية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وبذلك فقد بات ملف المصالحة الفلسطينية يمر الآن (قياساً بالمرحلة الماضية) بمنعطف حاسم، خصوصاً بعد الاجتماع الأخير بدمشق بين وفد قيادي من حركة فتح ووفد مواز من قيادة حركة حماس، حيث تشير العديد من المصادر بأن القاهرة تلقت دعماً عربياً من مختلف الأطراف العربية الفاعلة والمؤثرة وصف بـ“القوي” لتحريك الجمود في ملف المصالحة الفلسطينية المتعثرة، ولتقريب وجهات النظر مع حركة حماس بشأن الورقة المصرية إياها، والوصول إلى صيغة توافقية في ملف المصالحة. فيما أفادت المصادر ذاتها بأن القاهرة باتت تقبل من ناحية مبدئية الاقتراح الذي قدمته مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المستقلة برئاسة يوسف الوادية من قطاع غزة ومنيب المصري من الضفة الغربية والقدس، وينص على أن تقوم حركة حماس بالتوقيع على الورقة المصرية، على أن يتم إرفاق كل ملاحظاتها على الورقة في وثيقة مستقلة لتصبح جزءاً من الاتفاق.
وعليه، فان النتائج المتواضعة جداً والتي انتجها اجتماع دمشق الأخير بين حركتي حماس وفتح تمثلت في اللقاء بحد ذاته فقط. وبالطبع فان النتائج المتواضعة لاتعني بأن الملف المتعلق بردم الهوة في البيت الفلسطيني قد أغلق، أو أن الأمور انتهت عند تلك الحدود. والسبب الرئيسي فيما نذهب اليه للقول الأخير، يعود للحاجة الملحاحة لكل الأطراف خصوصاً حركتي فتح وحماس لتقديم الجديد للشعب الفلسطيني، الذي بات قلقاً على مصيره الوطني، كما بات أسير (الضجر) والضياع السياسي والتنظيمي الذي استولده الانقسام الراهن.

أخيراً، على كل الحريصين على وحدة الصف الفلسطيني التحرك من أجل إعلاء صوت الوحدة الوطنية قولاً وعملاً، والتوحد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إعطائه أي عذر لمواصلة اعتداءاته وجرائمه. وان لم يحل الفلسطينيين مشاكلهم الداخلية بنفسهم وبقلب فلسطيني موحد فلن يحلها لهم أحد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2180855

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2180855 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40