السبت 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

المجتمع الدولي المصطلح المزوّر

السبت 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par منير شفيق

تصرّ الولايات المتحدة الأميركية على تسمية مجلس الأمن “المجتمع الدولي”، وتصرّ على تسمية قراراته بالشرعية الدولية.
الإسمان أو المصطلحان “المجتمع الدولي” و“الشرعية الدولية” مزورّان“، ولا ينطبقان على واقع الحال. فالأول يتشكلّ من خمس دول كبرى تحظى على حق الفيتو في مجلس الأمن، وتأخذ قرارتها وفقاً لما يدور بينها من مساومات وبلا مرجعية”دستورية“متفقاً عليها تستند إليها تلك القرارات. بل يمكن القول أن أغلب قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك الإستناد إلى البند السابع، جاءت مخالفة لميثاق هيئة الأمم المتحدة وروحه. وحتى مخالفة للصلاحيات التي تحدّد حراك مجلس الأمن ولا سيما”المحافظة على الأمن والسلم العالمييْن". وذلك حين فسّر الأمن والسلم العالمييْن من خلال قرارات لا علاقة لها بالأمن والسلم العالمييْن.

ومن يُراجع الكيفية التي تتفق من خلالها الدول الخمس الكبرى على إصدار قرار ما يجد ضابطها الوحيد هو عقد الصفقات بينها على حساب البلد، أو الطرف، الضحية الذي تريد الولايات المتحدة إخضاعه لإرادتها. والأمثلة كثيرة وكثيرة جداً خصوصاً خلال العقدين الماضيين.

بأيّ حق تسمّى إرادة خمس دول بالمجتمع الدولي، إذ يفترض أن يمثل المجتمع الدولي مجموع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة. لأن عبارة مجتمع تشمل الدول مجتمعة أو بمجموعها. فمن هنا يكون اسم المجتمع الدولي، حين تستخدمه الإدارة الأميركية عملية تزوير فاضحة لحقيقة فاضحة. ومن ثمّ يكون كل من ينساق وراء هذا الإستخدام، ولو على سبيل المصطلح، أو العادة، أو ما هو سائد، ومتعارف عليه، قد وقع بالفخ الذي نصبته الولايات المتحدة. فمواجهة الولايات المتحدة ليست مواجهة مع المجتمع الدولي.

فعلى سبيل المثال خلال الأسبوع الفائت صرّح وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط أن “المجتمع الدولي له أسنان” فهل كان يتحدث عن مجتمع مصر شريكة فيه، أم كان يتحدث، عملياً، عن الولايات المتحدة. فهنا نكون أمام عملية إخفاء لأسنان الولايات المتحدة وأنيابها من خلال تسميتها “المجتمع الدولي”.

وإن الأمر لكذلك حين تسمّى قرارات مجلس الأمن بالشرعية الدولية. لأنها قرارات صادرة عن مجموعة صغيرة من الدول ولا سند لها غير إرادة تلك الدول، إذ كثيراً ما تأتي مخالفة للقانون الدولي الذي يمثل وحده “الشرعية الدولية” إذا ما أُريدَ الحديث عن شرعية.

هذا ويمكن اعتبار المواثيق الدولية من مثل ميثاق هيئة الأمم المتحدة يمثل مرجعية لشرعية دولية. ولكن كيف يمكن لمجموعة دول مُجرّحّة بنزاهتها، ومتهمّة بارتكابها جرائم حرب، وبمخالفات صارخة للقانون الدولي من خلال تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. بل واعتدائها على سيادتها بالعدوان العسكري والإحتلال؟ أن تمثل الشرعية الدولية؟
ولكن كيف يمكن أن يُطلق على قرارات تقف الإدارة الأميركية وراءها بأنها تمثل الشرعية الدولية وهي الداعمة للعنصرية الصهيونية، وهي المرتكبة لسلسلة من الإحتلالات المخالفة صراحة للقانون الدولي ولميثاق هيئة الأمم المتحدة فعلى سبيل المثال نشرت أربعماية ألف وثيقة سرّبت لموقع “ويكيليكس” من أرشيف البنتاغون حول ارتكابات مارسها الجيش الأميركي ضدّ المدنيين، وبالتعمّد وسبق الإصرار، في العراق. وكلها مخالفات لبروتوكولات جينيف والقانون الدولي.
من هنا يجب أن تسمّى قرارات مجلس الأمن بـ“قرارات مجلس الأمن” وليس بـ“الشرعية الدولية” فالقرارات التي تصدر عن الدول الكبرى تمثل الدول الكبرى ولا علاقة لها بالشرعية الدولية.

إن تسمية الأشياء بأسمائها وبما يطابق واقع الحال هو الذي يسمح بالرؤية الشفافة ويقود إلى الموقف الصحيح، ويمنع تغطية الإرتكابات الإجرامية. بل أن مجلس الأمن يجب أن يعاد النظر به من حيث أتى.

إذا كانت القوّة: العضلات والأنياب والمخالب هي التي تعطي الشرعية فنحن أمام قانون الغاب. ولا يستطيع أحد أن يخلع عليه اسم الشرعية الدولية. فالشرعية والحق والعدالة شيء والقوّة وتحكّمها وسطوتها شيء آخر. فكيف سيكون مصير العالم إذا سُحبت الشرعية والحق والعدالة من أيدي الشعوب ومن أيدي أغلبية دوله وأُعطيت للظالمين والمعتدين.

ومجموعة أعضاء الجمعية العامّة في هيئة الأمم شيء وبضعة دول كبرى سطت على القرار في مجلس الأمن شيء آخر. فالأولى يمكن أن تسمّى المجتمع الدولي أما الثانية فتسميتها به مزوّرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2181006

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181006 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40