الجمعة 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

احذروا الجمهوريين إذا وصلوا

الجمعة 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par د. عبدالمعطي سويد

حصل الجمهوريون على الغالبية في مقاعد مجلس النواب يوم 2/11/2010 وسيقتربون بفوزهم من مجلس الشيوخ، وقد يغزون مقاعد حكام الولايات، وعندها ستتحقق المعجزة، إنه نجاح الطرف الأقصى وسيطفح فنجان الشاي في الحياة السياسية الأمريكية، وسيطرة اليمين المتطرف الذي لا يهادن في أي أمر من أمور العالم، ومشكلاته السياسية والاقتصادية ولنبدأ الحكاية من الجذور.

أخذ النظام الرأسمالي يتطور في الغرب منذ منتصف القرن الثامن عشر، وهذا النظام هو اقتصادي في جوهره، أي أنه ينطلق إيديولوجياً من التفسير الاقتصادي لحركة التاريخ أو التركيز الشديد على أهمية العامل الاقتصادي الذي يحرك البشر، وبعبارة ثانية يقوم النظام الرأسمالي على نشوء الطبقة الرأسمالية أو ما يسمى في أيامنا «الأغنياء» الذين يحوزون على موارد الدولة، ويسيطرون على القوى العاملة فيها يتحكمون بمصائرها، ولقد تطور هذا النظام وصولاً إلى اعتبار الطبقة الرأسمالية هذه مالكة لحق إدارة النظام السياسي والاقتصادي، والثقافي والاجتماعي وبالتالي الوصول إلى قناعة كاملة بأهلية الطبقة في أيامنا هذه في إدارة العالم، في صورة «الإمبريالية» التي جسدها هذا النظام في القرن التاسع عشر، ومنتصف القرن العشرين، وفي «ظاهرة العولمة» المعاصرة.

والنقطة الثانية في الأيديولوجية الرأسمالية هي : التنافس في المجال الاقتصادي، والتنافس هذا يخلق مجالاً للصراع، والمواجهة وتضارب المصالح الاقتصادية داخل المجتمع الرأسمالي، ويمتد هذا الصراع نحو الخارج بحثاً عن مناطق نفوذ اقتصادية.

في الصراع والحرب تبرز نظرية القوة، فالرأسمالية لتحقيق مصالح الرأسماليين تضطر إلى اعتماد نظرية القوة، وبنائها لتدعم التمدد والنفوذ، وعندما شرع الغرب في حروبه الاستعمارية منذ أكثر من ثلاثة قرون كان يستند نظرياً إلى نظرية القوة التي تفيض عنفاً، وحروباً سواء داخلياً أو مع الخارج.

وبعد الحرب العالمية الثانية تربعت الولايات المتحدة «اقتصاداً، وقوة»، على عرش الغرب الرأسمالي، وجيشت الغرب الأوروبي ليعيش حرباً باردة طوال سبعين سنة ضد المعسكر الاشتراكي، وانتهى الأمر إلى سيادة الغرب الرأسمالي، وخاصة في صورته الأمريكية.

في أمريكا حزبان رئيسيان هما الحزب الديمقراطي، والحزب الجمهوري، ورغم أن كليهما وجهان لعملة واحدة، إلا أنه وجهاً من وجهي العملة فقد شكله الخاص واستراتيجيته السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والحزبان يتصارعان، وبينهما حرب أهلية دائمة منذ نشوئهما وحتى يومنا هذا.

يتبنى الحزب الجمهوري نظرية القوة في تحقيق المصالح، ويعتبرها الوسيلة الأنجع لتحقيق كافة المصالح الأمريكية في العالم.

وعندما نقول نظرية القوة، نعني استخدام وسيلة: المواجهة والصراع، والحرب، وتتوارى مسائل : الشرعية والمبادئ الانسانية والاخلاقية، وتتراجع إلى الخلف، وتتضاءل أهميتها في العمل السياسي. وفي استخدام القوة، والعنف، والحروب، يبرز التطرف كوسيلة للتعامل مع المشكلات المطروحة، ولذلك فالجمهوريون باعتبارهم يتبنون نظرية القوة في العمل السياسي، يتصرفون بمحض إرادة التطرف في الرؤية والسلوك، وانتهاج السبل المؤدية إلى تحقيق المصالح، ويجسدون ببساطة شديدة أيديولوجيتهم المتطرفة في مقولة لا تتعدى الكلمات الخمس «من لم يكن معنا، فهو ضدنا»، أي علينا أن نواجهه، وبعبارة أخرى نحاربه، حتى يفيء إلى طاعتنا الكاملة.

يريد (الجمهوريون) إعادة بناء العالم على أساس نظرية القوة والعنف المقدس، وهذا هو الخطر الأكبر، وجوهر الكبائر في الحياة وهو يهدد بالفناء.

إن التيارات اليمينية، في الغرب عموماً «صعود اليمين في أوروبا» إمكانية صعود الجمهوريين في أمريكا، يضع هذا الواقع العالم على حافة الفناء.

ربما أراد الناخبون الأمريكيون البسطاء، والسذج أن يخرجوا من رتابة الحياة، والرغبة في التغيير، وحل مشكلاتهم اليومية بالسرعة القصوى، وهم غاضبون، وساخطون على أوضاعهم، ولكن ما سيدفعون من جراء الحروب الأمريكية الدائمة من ضرائب وخسائر يهدد وجودهم أكثر مما هو مهدد اليوم.

إن الحروب خسارة لجميع الأطراف المتحاربة لسبب بسيط، وهو أن المحاربين يريدون دوماً المزيد من الانتصارات، والخاسرين يريدون الثأر لهزائمهم، ويستعدون للمواجهة من جديد، باستثناء الرابح الأكبر، وهي : الصناعة العسكرية.

عام (2006) صدر كتيب صغير الحجم مترجم عن الفرنسية تحت عنوان لافت (الاعتداءات غير الشرعية للولايات المتحدة) منذ الحرب العالمية الثانية، وبغض النظر عن حروب الإبادة التي شرعت بها الولايات المتحدة ضد الهنود الحمر عند ولادة القارة الجديدة، نقفز مع كاتب الكتاب المذكور إلى العصور الحديثة ليعدد صاحبنا الحروب التي شنتها أمريكا على : تشيلي، وفنزويلا، وصربيا، وأفغانستان، والعراق. فضلاً عن : الأمريكيين في فيتنام، وكمبوديا، ولاوس، والكوريتين. وفضلاً عن الحرب العربية «الإسرائيلية» (1967) والمدعومة كلياً من أمريكا، إن الحرب، بالنسبة لأمريكا وللجمهوريين خاصة حقيقة ثابتة، ووسيلة لابد منها لتحقيق المصالح الحيوية، ويقول «ويليام استوري» : «إن غالبية الأمريكيين ليسوا فقط مقتنعون بأننا نملك أفضل جنود، وأفضل تدريب، وأفضل سلاح، لكنهم مقتنعون كذلك بأن أمريكا لديها أنقى الدوافع، وإن من يخوضون حروبها يقدمون الحرية والخير لسواهم». ولكن هذه الغالبية تتجاهل ما تصنعه الحروب وما ينتج عنها من مضاعفات.

وإذا كانت الحرب ضرورة تاريخية للمجتمع الأمريكي للحفاظ على اندماجه وتماسك فئاته المتنوعة والمختلفة ألا يستطيع العقل الإنساني الأمريكي ابتداع وسائل أخرى أكثر نجوعاً لتحقيق المصالح.

على كل حال، إن الخوف والهلع، وصناعتهما مزدهرة في أيامنا هذه، وستستمر هذه الصناعة وسيستمر تجييش مختلف وسائل الترويج للخوف، والهلع، وصناعة الموت، وثقافة الموت والعنف، وخاصة بوصول أصحابنا الجمهوريين إلى إدارة الأمور داخل أمريكا وخارجها، وباختصار، وعلى ضوء هذا الاحتمال، فسيكون عالمنا الغريب أمام التوقعات المستقبلية التالية :

◘ استكمال تفكيك، وتشتيت العالم العربي بكامله وخلق الصراعات والحروب المحلية واستخدام «إسرائيل» لتحقيق هذا الهدف.

◘ المواجهة الممكنة مع الاتحاد الأوروبي الذي وصفه «رامسفيلد» بالرقعة العقارية، والقارة العجوز.

◘ المواجهة مع الصين، وقد بدأت الحرب التجارية بين الطرفين منذ فترة وجيزة.

◘ تهديد روسيا، بزرع الدرع الصاروخية وسط وشرق أوروبا.

تُظهر بعض الأفلام الأمريكية، والألعاب الالكترونية وشرائط سينمائية صوراً للرؤيا الدينية APOCALYPSE وتصويرها وإمكانية إفناء العالم، وبواسطة مختلف أسلحة الدمار الشامل ما الهدف من الترويج لهذه الصور، والتخيلات؟ لقد تم ذلك في فترة الإدارة الجمهورية الماضية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2181706

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181706 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40