الخميس 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

تصريحات استفزازية.. وكالة الأونروا واللاجئون الفلسطينيون

الخميس 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par علي بدوان

أفصح الدبلوماسي الأميركي أندرو وايتلي مدير مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في نيويورك عن مكنونات الموقف الحقيقي للولايات المتحدة ومساهمتها في الجهود الخفية التي تجري منذ فترات طويلة لإنهاء عمل وكالة الأونروا من جهة، وإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين من جهة ثانية وإسقاط حق العودة عبر إيجاد بدائل تقوم على توطين أعداد كبيرة منهم في بلدان الطوق العربي، وتهجير ما يتبقى منهم، خصوصاً من فلسطينيي لبنان باتجاه أصقاع المعمورة الأربعة.

فأندرو وايتلي قال حرفيّاً وبوضوح لا لبس فيه أمام المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية في اجتماعه الأخير : «إن على اللاجئين الفلسطينيين أن لا يعيشوا على وهم تحقيق حق العودة (لاحظوا عبارة على وهم)، وأن على الدول العربية الاستعداد لتوطينهم في أماكنهم، أو أن يختاروا أماكن أخرى حسب رغبتهم».

إن تصريحات وايتلي ليست بريئة أو اجتهاد شخصي منه، بل هي (مسؤولة ومدروسة ولها أساسها) فهي لم تأت من بنات أفكاره، بل جاءت في سياقات معلومة حيث تجري منذ سنوات طويلة جهود حثيثة لإنهاء صيغة عمل وكالة الأونروا نظراً لما يحمله استمرارها في تأدية خدماتها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين من تعبير سياسي عميق، ومن تعبير مؤسساتي على المستوى الدولي بشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تشكل لباب القضية الوطنية للشعب الفلسطيني.

وما يجعلنا ننحو باتجاه نزع الاجتهاد الشخصي عن تصريحات وايتلي، أنها تأتي في سياقات متواترة من المواقف الأميركية التي تطل بين الحين والآخر. ففي تطور ملحوظ يخفي نفسه وراء كواليس الدبلوماسية الأميركية، تقدم قبل فترة زمنية ليست ببعيدة في مجلس الشيوخ الأميركي، النواب : الجمهوريان نورم كولمان ولوت ترنت، والديموقراطيان ريتشارد دوربن وفرانك لوتنبرج، بمشروع قرار، إلى مجلس الشيوخ، حول اللاجئين في «الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا»، ركزوا فيه على فكرة «للاجئين الفلسطينيين حقوق... وهناك لاجئون يهود... لهم الحقوق ذاتها أيضاً»، وتكمن حقوق اللاجئين الفلسطينيين من وجهة نظرهم في «التوطين والمساواة حيث هم»، في ظل عملية «التبادل السكاني التي حصلت بين يهود البلدان العربية الذين هاجروا إلى «إسرائيل»» وبين اللاجئين الفلسطينيين الذين حلوا في البلدان العربية.

وعليه اقترح النواب الأربعة في حينها، اعتبار مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بديلاً لوكالة الأونروا التي يجب إلغاءها وفق مشروع القرار الذي قدم من قبلهم في حينه إلى مجلس الشيوخ. ومشروع القرار المذكور جاء متناغماً مع جهود «اللوبي اليهودي وبعض الجماعات الضاغطة في الكونجرس الأميركي» التي تنشط منذ فترات طويلة بنقل صلاحيات الوكالة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وللدول المضيفة.

وانطلاقاً من ذلك فإن المواقف الأميركية في كواليس الدبلوماسية السرية بشأن مستقبل الأونروا، تعد الأساس في توالد الأزمات التي باتت تحيق بوكالة الأونروا بعد تراجع خدماتها المقدمة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين، وبعد الجفاف المتواصل في إيراداتها المالية من الدول المانحة، فالولايات المتحدة الأميركية تعمل منذ عقد ونيف من الزمن على تمرير القرارات التي تفتح الطريق أمام إنهاء عمل الوكالة وإحالتها على التقاعد، بينما يتمسك ببقائها واستمرارها العالم بأسره نظراً لما تحمله من دلالات قاطعة تتعلق بحق العودة وحقوق اللاجئين الفلسطينيين وفق لقرار إنشائها عام 1949، وهو القرار الذي ربط بين توقفها والحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس عودتهم إلى أوطانهم الأصلية في فلسطين.

وفي هذا السياق، وأمام ردود الفعل الفلسطينية المختلفة على تصريحات أندرو وايتلي المشار إليها أعلاه، حاولت وكالة الأونروا وعبر مقرها المركزي في قطاع غزة، أن تنأى بنفسها عن هذه التصريحات التي أدلى بها مدير مكتبها في نيويورك أمام المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية في مؤتمره المنعقد بمدينة واشنطن يوم 22 أكتوبر الماضي، معتبرة في بيان لها أن هذه التصريحات «لا تعبر ولا تعكس بأي شكل من الأشكال سياسات أو مواقف الوكالة، وإنما هي تعبر عن وجهة نظر شخصية».

ومع هذا، إن التوضيح الذي أصدرته وكالة الأونروا من مكتبها المركزي في قطاع غزة لا يكفي، بل يفترض بها أن تقدم على إعادة النظر في وجوده كمسؤول بوكالة تعنى باللاجئين الفلسطينيين، وأن تقدم على اتخاذ إجراء ولو كان إداريّاً بحق أندرو وايتلي الذي خول نفسه على تجاوز مهام عمله في إطار الوكالة، فوكالة الغوث الدولية أنشئت بقرار من الأمم المتحدة رقم 302 وأوكلت لها تقديم خدمات الإغاثة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين وهذه هي مهمتها الأساسية وأن التدخل بالشأن السياسي لقضية اللاجئين من قبل أحد مسؤوليها هو أمر مرفوض. فقد كان من الأجدر بالدبلوماسي وايتلي في هذه الحال أن يطالب «إسرائيل» بتطبيق قرارات الأمم المتحدة التي ترفض الانصياع لها واحترام مبادئ حقوق الإنسان التي تنتهكها يوميّاً في الأراضي الفلسطينية، بما فيها إعاقة عمل الوكالة في عموم الضفة الغربية وقطاع غزة. كما كان عليه أن يطلق تصريحاته لحث الدول المانحة على الوفاء بالتزاماتها المالية لحل الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة الغوث نتيجة العجز المالي في ميزانيتها والتي تسببت في تقليص خدماتها المقدمة لخمسة مليون لاجئ فلسطيني إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين حق مشروع كفلته قرارات الأمم المتحدة وأكدت عليه عبر عشرات القرارات وفي مقدمتها القرار 194، وأن اللاجئين الفلسطينيين بصمودهم وتشبثهم بحقهم العادل في العودة رغم ضنك الحياة داخل المخيمات أثبتوا فيه أن حق العودة ليس وهمًا وأنهم سيحصلون عليه عاجلاً أم آجلاً.

فالذي يعيش بالوهم هو الذي ينتظر ويراهن بأن اللاجئ الفلسطيني سيتخلى عن حقه العادل في العودة ويقبل بالتوطين، داعياً وكالة الغوث أن تسير وفق القرارات والقوانين الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة التي هي جزء منها. العودة حق فردي وجماعي للاجئين الفلسطينيين لا يسقط بالتقادم، ولا يحق لأي جهة أو مؤسسة دولية أو غير دولية إسقاطه.

أخيراً إن على جامعة الدول العربية التحرك الفعال لإسكات تلك الأصوات التي تتنكر لحق الشعب الفلسطيني، وتدعو لإنهاء قضيته بالشكل الذي تريده وتراه. كما يقع عليها ضرورة حماية وكالة الأونروا وضمان استمرارها بالقيام بمهامها داخل مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمسة إلى حين انتفاء أسباب وجودها بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الأم في فلسطين، طبقاً لقرار إنشائها، وبحل قضيتهم حلاً عادلاً وشاملاً طبقاً للقرار 194، وهذا الحل هو مسؤولية المجتمع الدولي بأسره.

كما في السعي لتطوير مداخيل الوكالة من خلال تحفيز وتشجيع المساهمات الدولية (أوروبا وكندا واليابان ...) والمساهمات العربية. فالمجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الكاملة عن مأساة ونكبة الشعب الفلسطيني، ويقع على عاتقه مهمة توفير الرعاية والإغاثة والصحة والتعليم للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ارض وطنهم. ومعالجة الأزمة المالية للوكالة لا تأتي من خلال تقليص الأونروا للخدمات المقدمة للاجئين بل من خلال حث الدول المانحة والممولة الوفاء بالتزاماتها المالية لدعم ميزانية الأونروا وتلبية احتياجات اللاجئين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178373

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178373 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40