الخميس 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

التهديدات الفلسطينية والانطواء «الاسرائيلي»

الخميس 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par زياد أبو شاويش


رغم أن هناك تقدير يقول بأن التهديد الفلسطينيي والرد «الإسرائيلي» ليسا حقيقيين وأنهما يستخدمان إما لذر الرماد في العيون أو كتكتيك للتغطية على مواقفهما غير الشعبية إلا أنه يجدر بمن يتابع مجريات العملية التفاوضية أو “السلمية” أن يتفحص إمكانية تنفيذ أحد الطرفين لتهديده أو كليهما.

على الجانب الفلسطيني صدرت عدة تصريحات وبيانات تتحدث عن مجموعة خيارات متاحة أمام القيادة الفلسطينية أهمها إعلان الدولة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ومن ثم اللجوء للأمم المتحدة للحصول على اعترافها بشرعية هذه الدولة عضواً في الأمم المتحدة والطلب من الدول الأعضاء الاعتراف بها.

جاء الرد الاسرائيلي سريعاً على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بتحذير السلطة الفلسطينية ورئيسها بالتوقف عن التفكير في أي إجراء أحادي وخاصة اللجوء للأمم المتحدة، لأن ذلك سيدفع الدولة العبرية لتطبيق خطة الانطواء باعتبارها حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية وعلى الفلسطينيين تدبر أمرهم بعدها، وبلغة أوضح: “أعلى ما في خيلكم اركبوه أيها الفلسطينيون”. إن خطة الانطواء تعني أن يقوم العدو الاسرائيلي بالانسحاب من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة باستثناء القدس وإعادة تمركز قواته في مناطق استراتيجية وفي أعالي الجبال وإبقاء جيش الاحتلال في منطقة الأغوار على الحدود مع الأردن، وبالطبع إبقاء المستوطنات بعد تعزيز قدرتها على الدفاع عن نفسها وإبقاء قوات كافية حولها لهذا الغرض. إذن هناك تلويح فلسطيني باللجوء للأمم المتحدة جاء متأخراً جداً ردت عليه حكومة “تل أبيب” العنصرية بخطة جاهزة منذ زمن طويل. ولأن القضايا تتداعى حين نفتح على الحل النهائي أو مآلات التسوية مع “إسرائيل” فقد لاحظنا قيام الكيان بمناورات لترحيل عرب فلسطين ممن بقوا في أرضهم منذ عام 1948، وهي مناورات لاستكشاف إمكانية تطبيق مخطط جرى رسمه منذ زمن طويل أيضاً وليس وليد التداعيات السياسية والمفاوضات المتعثرة كما قد يبدو أو يخطر على بال أحد.

دولة الإحتلال ترسم الخطط وجاهزة لتنفيذها في كل لحظة فهل نحن كذلك؟ وهل حقاً نملك اليوم خيارات كثيرة كما يصرح قادة السلطة الفلسطينية؟

قبل الإجابة عن السؤال لابد من التأكيد على أن تكرار التهديد مترافقاً مع تصريحات عن وجود خيارات أخرى يفقد هذا التهديد قيمته ومغزاه، كما أن صدوره في ظل الرعاية الأمريكية للعملية يعني يأس القيادة الفلسطينية من الدور الأمريكي واتضاح حدود الدور الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة للضغط على الكيان «الاسرائيلي» لدفعه لتسديد فاتورة السلام، أو بالحد الأدنى كسر تعنته في مسألة الاستيطان. ولأن الأمر على هذه الشاكلة وكان دوماً كذلك، وعلى ضوء تجربة طويلة تمتد لسنوات مع مفاوضات لم يغير فيها الطرف الآخر تكتيكه أو استراتيجيته فيها ولا مجال لمثل هذا التغيير مستقبلاً فإن المنطقي لجوء السلطة الفلسطينية وبالتحديد رئيسها لخيارات أخرى يعلن اليوم عن توفرها، وهي كانت متوفرة على الدوام، لكنها تزداد صعوبة وتزداد كلفتها السياسية والأمنية يوماً بعد يوم.

إن مغادرة العملية الحالية واللجوء لخيار الأمم لمتحدة حتى لو أغضبنا الولايات المتحدة ونفذت دولة الاحتلال تهديدها بتطبيق خطة الانطواء، بل حتى لو كان ذلك سيجعل المواجهة مع العدو بوتيرة أعلى وأكثر كلفة هو أفضل كثيراً من البقاء وإطلاق التهديدات الجوفاء، ولو مددنا هذا المنطق على استقامته فإن قراراً بالتوقف عن العبث التفاوضي كان يجب أن يصدر منذ خمسة عشر عاماً حين كسرت “إسرائيل” تعهداتها بالامتناع عن القيام بأي إجراء أحادي (والتي وقعتها مع الراحل ياسر عرفات عام 1995).

نعم يمكننا اللجوء لخيارات أخرى بالاضافة للأمم المتحدة وإعلان الدولة مثل العودة لخيار المقاومة حيث يمكننا بجهد مصالحة صادق أن نتفق على الصيغة والأسلوب والإطار القيادي لهذه المقاومة في الداخل والخارج، وبالتأكيد كل الخيارات تصبح بلا معنى إن استمر الانقسام.

الكيان الصهيوني في ضائقة وباتت سياسته في تخريب العملية السلمية موضع نقد من كل دول العالم كما أنه يعاني حصاراً إعلامياً جدياً ويفقد قسماً من حلفائه وأصدقائه بسبب جرائمه المتكررة، فلماذا لا نتقدم ونتخذ الخطوات الملائمة لاستعادة موقعنا الصحيح في المعادلة ولتعود الورقة الفلسطينية هي الورقة الحاسمة في كل ترتيبات المنطقة الجارية اليوم على قدم وساق؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165501

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165501 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010