الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

في فلسطين اليسار الرجعي يتوحد أمام اليمين التقدمي!!

الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par حسن خليل

جرت العادة المغلوطة على وصف التنظيمات اليسارية بالتقدمية، ووصف الأحزاب اليمينية بالرجعية. وأصحاب هذا المنطق المعكوس يعدّون اليسار هو الذي يعمل لصالح الوطن والمجتمع في جميع مناحي الحياة التعليمية والدينية والنضالية والحرية والاقتصادية والحضارية، ولو كان ذلك باتباع أساليب لا أخلاقية ولا إنسانية، مثل تدمير المثل والفضائل والتراث والتاريخ، بينما هم يعدّون اليمين بكلّ مسمّياته سبباً في تأخر الشعوب والأمم؛ لتمسكه بمفاهيم قديمة رجعية عفنة، ولا يؤمن بالأساليب والأفكار العصرية التي تجاري التطور الزمني. ولذلك استطاع شياطين الإنس أن ينحرفوا بالمعاني السامية للعمل والنضال، فإذا باليسار يعدّ الصراع ضدّ اليمين هو أسمى وأنبل مظاهر النضال، بينما اعتقد اليمين بأن اليسار هو سبب كل المصائب والنكبات التي تصيب الأوطان والشعوب، وبالتالي غدا الصراع الطبقي والمحلي يحتل المكانة الأولى لدى أبناء الوطن الواحد؛ ما يؤكد أن هذا المنطق العدمي إنما هو من صنع أعداء الإنسانية بكلّ شعوبها وعناصر رخائها وسعادته.

وقد نشأ هذا الفكر التخريبي مع ظهور الثورة الصناعية وما رافقها من اغتصاب لثروات الشعوب الآمنة الضعيفة، والاستيلاء على خيراتها، حيث ظهر مصطلح الاستعمار وهو اسم خداعي لأهداف شريرة. أي إنّ هذا الفكر قد برز منذ قرون العصر الحديث، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وبلغ الذروة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

وها نحن في فلسطين قد رأينا وعايشنا أسوأ مظاهر الصراع بين فريقي اليمين واليسار!

فما يسمى باليمين الفلسطيني «حركة فتح» مارس أسلوب الكفاح المسلّح من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، فقام أتباع ما يسمى باليسار الفلسطيني من قوميين وملاحدة وشعوبيين واشتراكيين بمهاجمة ذلك التيار اليميني وثورته واتهامه بأقذر أنواع السباب والصفات، وعندما وجدوا أن ذلك كان سبباً في صعود اليمين وتقوية بنيانه قاموا باتباع نفس الأسلوب الذي أدى إلى سطوع نجم هذا اليمين، ومارسوا الكفاح المسلح، ولم يكن ذلك عن قناعة وإيمان بقدر ما كان وسيلة تقليدية ربما تساهم في ازدهار تنظيماته، وفي الوقت نفسه دفعوا بأدهى وأذكى عناصرهم؛ ليندمجوا في ثنايا اليمين ممثلاً بحركة «فتح»، وتمكنوا في ظل سذاجة قادة «فتح» وتخوفهم من وصفهم بالرجعيين من أن يصلوا إلى قمة الهرم القيادي لحركة «فتح» رائدة الثورة الفلسطينية المسلحة، ومن ثم راحوا يبثون أفكارهم وسمومهم العدمية المتخلفة التي تمزق الشعب الفلسطيني، ونخروا في أوصال وعروق هذه الحركة كما ينخر السوس في الخشب الصلب فيفتته خاصة بعدما آلت مقاليد الأمور إلى قادة ضعاف مهزوزين مرتعشي العقول والسيقان، وقد انحنت ظهورهم بعدما أصبحوا في سن الشيخوخة وما يرافقها من أمراض الرعاش بكل أنواعها.

فانحرفت بوصلة النضال الفلسطيني، وأصبحت محرمات الأمس مبادئ جديدة لا بد من اعتناقها واتباعها لمواكبة الظروف والتطورات العالمية، وأصبحت «إسرائيل» لنا جارة وصديقة، ولم يعد الاقتراب منها جوسسة وخيانة عظمى، وصار العناق مع قادتها أمراً عادياً.

وعندما ظهرت حركتا «الجهاد الإسلامي» و«حماس»، وقوي عودهما، والتفت الجماهير حول أسلوبها النضالي الشريف النظيف المتمسك بكل الفضائل والقيم أحست «إسرائيل» وحلفاؤها بخطورة النضال التي تمثلت في تعاظم حركة «حماس» التي عشقتها الجماهير، وآزرتها الجماهير العربية ثم الإسلامية في كلّ أنحاء العالم تحرك دهاة الصهاينة، وتمكنوا من التأثير على شركائهم الجدد المتمثلين في شظايا اليسار الفلسطيني، فتكاثفوا جميعا سادة وعملاء وحلفاء ووقفوا في وجه التيار اليميني الذي يسعى صادقاً إلى توحيد الصف الفلسطيني وتقويته، ومن ثم تحرير الوطن السليب بكل مقدساته والتقدم نحو آفاق الحرية والرخاء والعدالة؛ ما سيضع شعب فلسطين ودولة فلسطين على خريطة العالم التي لا تعترف إلا بالأقوياء والسادة الأعزاء الكرماء وتهمل لاعقي الأقدام وماسحي أحذية الكبار شياطين الإنس.

وها نحن نرى كل شظايا اليسار الفلسطيني الرجعي المتهالك يتحلقون حول التيار الفلسطيني الانهزامي المرتد مقابل أن يقدم لهم فتات موائد العالم بعضاً مما أفاء به عليه دهاة العالم ومفسدوه.. نسمع ضجيج شظايا يسار فلسطين واعتراضاتهم، ولا نراهم يتحركون فلقد تخدروا بما يقدم لهم من مساعدات تمكنهم من العيش الترفي المهين.

واحسرتاه على يسار فلسطين!! فلقد أصابهم ما أصاب سادتهم في الجمهوريات الشيوعية والماركسية والاشتراكية.. والمجد والخلود للمجاهدين المخلصين في فلسطين!!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2177830

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2177830 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40