الجمعة 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الصندوق القومي للاستيطان العربي في فلسطين

الجمعة 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par زهير أندراوس

نحن أمام منعطف خطير، لا بل يمكن المجازفة والقول إننّا بصدد نكبة ثانية، يُشارك في تنفيذها بدرجات متفاوتة، الجلاد والضحية على حدٍ سواء، ويقوم بدور المشرف العام باراك حسين أوباما، وتلعب أوروبا في قلب الدفاع والهجوم، في حين يجلس زعماء العرب، كعادتهم، على دكّة الاحتياط، في مباراةٍ حُددت نتائجها مسبقاً، ولا يحتاج الخصمان، لا للوقت الضائع ولا لبدل الضائع، ولا للاعبي الاحتياط.

ولكي نحاول قطع الطريق على قطّاع الطرق، الذين يعرضون فلسطين في هذه الأيام للبيع في المزاد العلني، علينا أن نطرح توجهاً، ربما يبدو لأول وهلة، خارجاً عن السياق، أو استثنائياً أو بعيد المدى، وبالتالي نُشدد قبل الخوض في غماره، على أنّه يُقدّم كمادةٍ للنقاش الهادف والحضاري والبنّاء، لأنّه لا صوت يعلو على صوت المصلحة الوطنية العليا للشعب العربيّ الفلسطيني في جميع أماكن وجوده، هذا الطرح يفتح الباب على مصراعيه لدراسة علاقة «إسرائيل» بمواطنيها الفلسطينيين، وبحقهم في استثمار ديمقراطيتها المزعومة وقوانينها.

حيال ذلك نُسجّل هذه الملاحظات لوضع عددٍ من النقاط على قسمٍ من الحروف، وأيضاً لوضع الأصبع على الجرح النازف :

أولاً : الصراع بين الحركة الوطنية الفلسطينية والحركة الاستعمارية المسماة مجازاً بـ «الصهيونية»، وبصنيعتها «إسرائيل»، كان وما زال وسيبقى صراعاً على الأرض، ومن هنا تكمن أهمية كل حبّة تراب في الوطن الغالي.

ثانياً : في بعض الأحيان، تضطر حركات التحرر الوطني في جميع أصقاع العالم إلى اللجوء لتجيير مصطلح الغاية تُبرر الوسيلة لتحقيق أهدافها، وبما أنّ الثورة الفلسطينية، هذا إذا كان بالإمكان تسميتها اليوم بالثورة، هي الثورة الوحيدة في العالم، التي لم تتمكن حتى الآن من تحرير شبرٍ من فلسطين، هناك حاجة ماسة لشحذ الهمم وتضافر الجهود من جميع أبناء الشعب على مختلف انتماءاتهم، من أجل وقف التدهور الحاصل في الموقف الفلسطيني، وهذا الطرح لا يطمح في أن يكون بديلاً لأيّ مؤسسة فلسطينية، أوسلوية أو غيرها، كما أنّ هذا الطرح لا يصبو لأن يحل مكان هذه الحركة أو ذلك التنظيم، إن كان نظرياً أو عملياً.

ثالثاً : في كل مجتمع على وجه هذه البسيطة تنشط مؤسسات المجتمع المدني من أجل المساهمة في تحقيق الطموحات الوطنية، وبذلك تُقدم من خلال موقعها، المساعدة للقيادة السياسية، وهذا الأمر ينطبق على المجتمعات في حقبة ما قبل الدولة، وفي حقبة خلال إقامة الدولة، وبطبيعة الحال يستمر هذا العمل أيضاً بعد تحقيق الأهداف الوطنية، المتمثلة في حالتنا الفلسطينية بإقامة دولة علمانية ديمقراطية، تضمن الحقوق لجميع مواطنيها بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، ولا ضير من القول إنّ الدولة التي نريدها تتساوق بشكلٍ أو بآخر، مع فكرة دولة جميع مواطنيها.

رابعاً : نحن هنا في الداخل الفلسطيني، حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني، نحمل الهويات وجوازات السفر «الإسرائيلية»، ولا حاجة للتذكير مرّة أخرى بأننّا وافقنا على تحمل هذا العبء من أجل البقاء في وطننا، وبالتالي علينا استغلال هذه «الأفضلية» في الصراع الدائر مع الدولة العبرية من أجل تسجيل نقاط لصالحنا، إننّا نتحمل في هذا الظرف التاريخي مسؤولية مصيرية تتمثل في النضال من أجل المحافظة على ما تبقى من أراضي الضفة الغربيّة، وبحكم موقعنا، علينا أن نتقدم بطلبات رسمية إلى الوزارات «الإسرائيلية» ذات الصلة، والحصول على قطع أراض للبناء في كل مكانٍ يسمح به قانون الدولة العبريّة، كما يتحتم علينا استغلال مكانتنا القانونية، لأنّ الحفاظ على الأرض هي مهمة مقدّسة لكل من تسري في عروقه فلسطين. وبالمناسبة، المحكمة العليا «الإسرائيلية» اتخذت قراراً مبدئياً أجازت فيه للمواطن الفلسطيني من مناطق الـ48، عادل قعدان، بالسكن في مستوطنة «حريش» اليهودية بالمثلث، داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، وبالتالي يجب اللجوء إلى هذه السابقة القضائية واستعمالها لتحقيق أهدافنا.

خامساً : وبما أننّا نعي أنّ «إسرائيل» هي عنصرية بامتياز، نُشدد على أنّ طرحنا يجب أن يلتزم نصاً وروحاً بالقانون «الإسرائيلي» لتفويت الفرصة على الذين يريدون الاصطياد في المياه العكرة لتنفيذ مخططاتهم المبيتة، التي باتت لا تنطلي علينا، وفي مقدمتها نزع الشرعية عنا وإطلاق العنان للمخابرات لقمعنا وتلفيق التهم «الأمنية» بحقنا.

سادساً : مضافاً إلى ما ذُكر أعلاه، يتحتم علينا أن نخاطب «الإسرائيليين» بندية وأن نرتقي إلى مستوى الحدث، وبما أنّ العمل الجماعي هو خطة أولى نحو تنظيم الأقلية القومية الفلسطينية في الداخل، وحلقة من حلقات تنظيم الشعب الفلسطيني، فنرى أنّه من الأجدر تأسيس صندوق قومي فلسطيني، يُعنى بشراء البيوت والأراضي في الضفة الغربية المحتلة وأيضا في القدس المحتلة.

سابعاً : من نافلة القول إنّ الحكومة «الإسرائيلية» قد تلجأ لسن قوانين عنصرية لمنعنا من ممارسة حقنا القانوني الطبيعي، وعليه يجب أن نكون على استعداد للمواجهة القضائية في «إسرائيل» وعلى الحلبة الدولية، لكي نُوجه رسالة مهمة للعالم برمته : «إسرائيل» عنصرية، فلا يكفي أنّها لا تسمح لنا بالبناء، بل تهدم البيوت على رؤوسنا، ولا يكفي بأنّها لم تُقم منذ تأسيسها ولو قرية عربية واحدة داخل الخط الأخضر، بل إنّها تُمعن في قمعنا وتحاول منعنا من استغلال مواطنتنا «الإسرائيلية» لحل أزمة السكن التي نحاول حلها، وبالطرق القانونية فقط.

ثامناً : لا يوجد لدينا أدنى شك، بأنّ استثمار هذه المسألة بالشكل وبالتوقيت الصحيح سيؤدي إلى ارباك «إسرائيل» عالمياً، وهذا أيضاً يصب في مصلحتنا، لأنّ مقارعتها باللغة التي تفهمها هي الوسيلة الوحيدة، المتبقية آنيا أمامنا، ناهيك عن أنّ سكننا في المستوطنات يعيق «تطورها» الديمغرافي والجغرافي، ويُشكل تحدياً لها ولسياساتها ولمخططاتها، ومن غير المستبعد أن تكون خطوتنا عاملاً مساعداً لنسف أحد أسس المشروع الاستيطاني الصهيوني.

تاسعاً : لكل من يريد الزعم بأنّ هذا الطرح قد يُحول فكرة الترحيل الجماعي إلى فكرةٍ عمليةٍ نقول لا، إذ أنّ شراء الأرض في الضفة الغربية لا يعني بأيّ حال من الأحوال، أننّا نتنازل عن السكن في قرانا وبلداتنا ومدننا بالنقب والجليل والمثلث، لا بل أنّ هذه الخطوة يجب أن تزيدنا تمسكاً بأرضنا ووطننا.

عاشراً : الخطوة بحد ذاتها هي أيضاً تحدٍ لسلطة رام الله، التي يقول أركانها بدون حياء إنّ العرب داخل الخط الأخضر هم «عرب «إسرائيل»»، كما صرح محمود عبّاس في لقاءٍ جمعه بنائبة صهيونية بـ «الكنيست الإسرائيلي»، وعليه وجب التوضيح لكل من في رأسه عينان : نحن لا نستمد عروبتنا وفلسطينيتنا من هذا الفئة أو تلك، فمن رحم هذا الأمّة العظيمة خرجنا إلى النور وليس عن طريق عملية قيصرية، وسنبقى نتمسك بهذا الانتماء، شاء من شاء وأبى من أبى، على الرغم من عمليات التجميل القبيحة والمشوهة، بكسر الواو الثانية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165452

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165452 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010