الخميس 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الطريق الوحدوي للثوابت الكبرى

الخميس 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par د. علي محمد فخرو

محاولة تكوين منظٌّمة فلسطينية - عربية للدفاع عن ثوابت القضية الفلسطينية وإرجاع الموضوع برمًّته إلى أحضان الشعوب العربية، بعد أن أوصلته مختلف القيادات والسلطات الفلسطينية ومختلف الحكومات العربية إلى الأشلاء التي نراها اليوم أمامنا، هذه المحاولة يجب الترحيب بها حتى ولو جاءت متأخرة عقوداً من الزمن. فمنذ «اتفاقيات أوسلو» المشؤومة المذلًّة الانتهازية تراجعت الثوابت الحقوقية والإنسانية للشعب العربي الفلسطيني وحلًّت محلُّها بهلوانيات وشعارات ومطالب سياسية هامشية أنست العالم كله تلك الثوابت.

بانتظار قيام المنظمة واتفاق أعضائها على ماهية الثوابت وأساليب الدفاع عنها والتنظيمات التي ستقوم بالنضال من أجلها سيكون من المفيد مناقشة هذا الأمر وإبراز مختلف جوانبه، إذ سيساعد ذلك من سيقررون في نهاية المطاف.

في اعتقادي أن هناك ثوابت على المدى القصير وهناك ثوابت على المدى الطويل. على المدى القصير ستكون كارثة لو أن المفاوض الفلسطيني، ومن ورائه الدُّاعم الرًّسمي العربي، تنازلوا عن أيٍّ من الثوابت التالية :

(1) حق عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين من كل المنافي الى الوطن الفلسطيني سواء أكانت تلك الأرض تحت الحكم الفلسطيني أم كانت تحت الاحتلال الصهيوني.

(2) الرجوع إلى حدود ماقبل الرابع من حزيران/يونيو من عام 1967، وستكون فجيعة أخلاقية وسياسية لوسمح الفلسطينيون والعرب لأنفسهم بالاعتراف بالاستيطان السرطاني الذي نهش جزءاً هائلاً من الضفة الغربية، أو ببقاء جدار الفصل العرقي، أو بالتنازل عن شبر واحد من أرض الضفة الغربية أو حتى مبادلته بأرض أخرى أوالتنازل عن أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينيـة.

(3) إن ذلك سيعني دولة فلسطينية على حجم معروف وضمن حدود حقوقية معروفة وبسيادة تامة على الأرض والبحر والجو.

(4) رفض الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني المحتل واعتبار بقاء فلسطيني 1948 في ذلك الكيان كمواطنين متساوين مع اليهود شرطاً من شروط أي اتفاق.

أما الثوابت على المدى الطويل فتتلخًّص في ثابت واحد وهو أن أرض فلسطين هي جزء من الوطن العربي وأن سرقتها واحتلالها، ثم تبرير ذلك بقرارات دولية أو اتفاقيات ظالمة مفروضة بالابتزاز والقوة، أمر مرفوض. وبمعنى آخر، طال الزمن أو قصر، فالثابت الوحيد المقبول هو عودة الجزء السليب إلى أحضان الوطن العربي ليعيش فيه المسلمون والمسيحيون العرب مع اليهود في سلام وكمواطنين متساوين. إنه الثابت الذي ينطلق من أن كل ما بني على باطل فهو باطل.

من الواضح والبديهي أن تلك الثوابت، على المدى القصير والمدى الطويل، لن يقبلها الغزاة الصهاينة ولا حلفاؤهم في الغرب الاستعماري. وبالتالي فانه على الأمدين القصير والطويل يجب الاعتماد على وجود مقاومة فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية لمحاصرة هذا المشروع الصهيوني ومن ثمُ دحره.

ولا يمكن محاصرته في الوقت الحاضر إلاُ بوجود حراك شعبي عربي ـ إسلامي ـ دولي كبير ودائم لمقاطعته اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وإعلامياً وأمنياً ولفضحه على مستوى العالم من خلال إبراز وجهه القبيح الاستيطاني العنصري وإقناع قوى التحرر في العالم بأنه يمارس المنهجية كنشاط مماثل للنازية في أوروبا وللأبارتهايد في جنوب أفريقيا حتى يبقى كياناً محتقراً ومعزولاً. ولنا أسوة في موضوع حصار غزة الجائر والاعتداءات الصهيونية على اساطيل الحرية لكسر الحصار عن شعبها والذي فجًّر الكثير من الاحتجاجات والمقاطعات المجتمعية المدنية في العالم، بل ودفع ببعض الحكومات لأخذ نفس المواقف.

لكنًّ تلك المقاومة لن تكتمل إلاُ اذا احتوت أيضاً، إضافة لمقاومة المشروع الصهيوني، وقوفاً جاداً في وجه داعمي ومغذي ومطعمي المشروع الصهيوني وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية. إن مواجهة المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإعلامية الأمريكية في الأرض العربية لا تقلُّ أهمية عن مقاومة الكيان الصهيوني ذاته.

وأخيراً، دعنا نكون صريحين بالنسبة لفاعلية وقدرات منظمة الثوابت ومشاريع لمقاومة في وجه الكيان وحليفته أمريكا. تلك الفاعلية والقدرات ستعتمد على مدى وجود كتلة شعبية عربية متماسكة ومتناغمة المكونات لتحتضن وتسند نشاطات الجهتين. بدون وجود مثل هذه الكتلة التاريخية، التي تضم كل القدرات والقوى النضالية في الوطن العربي كلًه وتتكامل وتتعاون مع مثيلاتها في العالم الإسلامي والمجتمعات المدنية في العالم كلًّه، سنتكلُّم عن ثوابت لا تزيد عن أحلام وتمنٍّيات. لنذكُّر بأن المشروع الصهيوني يقوم في الأساس على دعم مترامي الأطراف من كتلة صهيونية تاريخية متناسقة تتواجد في العالم كلًّه. هل قيام تلك الكتلة ممكن؟ نعم، ممكن وواجب، لا للانتصار في الصراع العربي الصهيوني فقط بل لإخراج هذه الأمة من هوائها وتخلُّفها وتمزُّقها واستباحة أرضها واستعباد شعوبها. قضايا أمة العرب مترابطة وأي تعامل معها خارج هذا الفكر الوحدوي لن يقود إلاً إلى مزيد من الانكسارات والهزائم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2181428

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181428 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40