السبت 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

من متابعة المفاوضات الى متابعة المقاومة

السبت 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par د. عصام نعمان

في مباريات كرة القدم، يُعطى الفريقان المتنافسان «وقت بدل ضائع» عند إصابة أحد اللاعبين. بعض لاعبي فريق «السلطة الفلسطينية» أصيب في نهاية «مباراة» المفاوضات المباشرة فأعطاهم الحَكَم الأمريكي، ثمانية أيام بدل وقت ضائع ليطببوا إصابتهم لدى لجنة المتابعة العربية.

هل إصابات الفريق بالغة؟ مشاهدو المباراة ومتابعوها جزموا بأن إصابات الفريق بالغة وأن لاعبيه لن يستطيعوا بعدها متابعة اللعب.

لا يشاطر لاعبو «فريق السلطة» الناس رأيهم. هم يعرفون قدراتهم وقد تعودوا على مثل هذه الإصابات منذ «مباريات» أوسلو عام 1993 التي تجاوزوها بسرعة وتابعوا اللعب بهمة ونشاط لافتين.

ربما تشاطر لجنة المتابعة «فريق السلطة» رأيه وقد لا تتأخر في الإعلان عن أهلية لاعبيه لمعاودة اللعب.

لماذا قرر «فريق السلطة»، اذاً، مراجعة اللجنة؟

كي يأخذ لاعبو الفريق منها فتوى صحية حاسمة يشعر بها ومعها أنصاره بأنهم ما زالوا مؤهلين وقادرين على اللعب.

الحقيقة أن «فريق السلطة» قادر على اللعب. لكنه غير قادر على الفوز. هو يعرف ذلك ولجنة المتابعة تعرف أيضاً. لكن، ما العمل؟ ليس لدى «السلطة» فريق آخر غيره يجيد اللعب مثله. ثم، ليس لدى لاعبي الفريق المحترفين لعبة أخرى يزاولونها غير المفاوضات، فلماذا تقطع اللجنة «رزقهم»؟

آسف لهذه السخرية في توصيف «مباراة» المفاوضات. لكن الطير يرقص مذبوحاً من الألم.

لعل الجانب الأكثر مدعاة للسخرية والألم معاً في هذه المباراة الخديعةُ التي تستبطنها على جميع المستويات وتنطلي على السلطة، أو هي تتظاهر بأنها تنطلي عليها.

الكل يعرف، أولاً، أن بنيامين نتنياهو غير ملتزم بحل «دولتين لشعبين»، وأن قبوله اللفظي به كان مجرد خديعة لتسويغ شرط الاعتراف بيهودية دولة «إسرائيل» لاحقاً.

الكل يعرف، ثانياً، أن الولايات المتحدة «لا تستطيع ولا تنوي فرض حل للنزاع على الطرفين» كما أعلن باراك أوباما، ورددت من بعده هيلاري كلينتون خلال الاحتفال في واشنطن ببدء المفاوضات. بذلك تكون «رعاية» أمريكا للمفاوضات مجرد خديعة لترغيب الفلسطينيين والعرب «المعتدلين» بولوجها.

يعرف، ثالثاً، أن ما سمّي تجميد البناء الاستيطاني خلال الأشهر العشرة الأخيرة، لم يكن سوى خدعة اعلامية لاطلاق المفاوضات مع «السلطة الفلسطينية». فقد كشفت جريدة «هآرتس» (28/9/2010) كما الناشط في حركة «السلام الآن» اليسارية درور اتكس أن السلطات «الإسرائيلية» عمدت في النصف الثاني من العام الماضي بالتنسيق مع المستوطنين الى رفع عدد الوحدات السكنية الجديدة التي تمّ الشروع في بنائها الى 1204 وحدات، قياساً بـ 669 وحدة خلال النصف الأول من العام ذاته، أي بزيادة 90 في المئة مقارنةً مع النصف الاول. «وإذا أضفنا لهذه الوحدات السكنية 600 وحدة سكنية أعلنت حكومة نتنياهو الشروع في بنائها في موازاة إعلانها التجميد، يتبين لنا مدى الخدعة «الإسرائيلية» وراء إعلان التجميد».

حتى لو افترضنا أن «فريق السلطة الفلسطينية» وأعضاء لجنة المتابعة العربية كانوا مخدوعين، فقد جاء خطاب وزير الخارجية «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكشف بلا مواربة عن موقف «إسرائيل» الحقيقي من المفاوضات والسلام مع الفلسطينيين. فقد دعا الى حل «على مرحلتين للصراع لأن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يتطلب عقوداً، معتبراً أنه يجب أولاً معالجة الخلاف مع ايران، وعارضاً خطته التي تسعى الى التخلص من أكبر عدد من عرب «إسرائيل» بتبادل أراضٍ مأهولة»!

الأنكى من ذلك أن نتنياهو حاول التنصل من قنبلة ليبرمان السياسية بالقول إن وزير خارجيته لم ينسّق معه، مع الحرص على عدم تضمين بيانه أي تنكّر لمضمون خطاب ليبرمان!

ماذا ينتظر «فريق السلطة« من لجنة المتابعة العربية بعد كل هذه الواقعات وافتضاح التمثيليات؟ هل ما زال يؤمّل خيراً بمفاوضات تقوم، جهاراً نهاراً، على الخديعة والكذب الصريح؟ هل يريد من لجنة المتابعة أن تشاطره متابعة المفاوضات على أساس الخديعة المتمادية؟ هذا عن الفلسطينيين والعرب المخدوعين أو المصرّين على خداع أنفسهم. ماذا عن الفلسطينيين والعرب غير المخدوعين؟

لعله آن أوان القطع مع منطق ما يسمى «العملية السياسية» والمفاوضات والمراهنة على دعم دول غربية وقائدتها الولايات المتحدة الأمريكية. لقد جرى تجريب هذه السياسة الخرقاء أكثر من ثلاثين سنة، فما جنى الفلسطينيون والعرب جرّاءها إلاّ الغش والخداع والحروب والاحتلالات والتشريد والإفقار واختلال الأوزان وانعدام الاعتبار.

فلسطينياً، يقتضي فتح صفحة جديدة في كتاب «فتح» تعود معها كما كانت في مطلعها حركة تحرير وطني فلسطيني، وتسريع المصالحة الوطنية الفلسطينية وبالتالي الوحدة العضوية بين فصائل المقاومة الناهضة فعلاً بمهامها الكفاحية، وتثوير منظمة التحرير بما هي الكيان الوطني للشعب الفلسطيني والإطار الواسع والفاعل لحركات المقاومة، المدنية والميدانية، في جهادها الموصول لتحرير الوطن والإنسان الفلسطيني في سياق كفاح الأمة من أجل نهضتها وحريتها ووحدتها وبناء دولتها المدنية الديمقراطية الاتحادية.

عربياً، يقتضي الخروج من إسار النظام العربي الرسمي المترهل بممارسة العمل الوطني الديمقراطي الاجتماعي، والدفاع عن مصالح السواد الأعظم من شعبنا وحقه في الخبز والعمل والصحة والعلم والحرية والعدالة والتنمية، بإقامة مؤسسات وجبهات وحركات العمل الشعبي والدفاع عن الحريات الأساسية وحكم القانون وحقوق الإنسان.

آن اوان القول والفعل معاً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2165883

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165883 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010