في عز تقاذف الاتهامات بين حركتي «فتح» و«حماس»، قفز فجأةً ملف المصالحة الفلسطينية إلى الواجهة، مع حصول اختراق في بعض الملفات يمهّد لتوقيع الورقة المصرية.
«اختراق» يأتي في ذروة العملية التفاوضية، التي يقوم بها «رئيس السلطة» محمود عبّاس، والتي تعارضها حركة «حماس» بشدة. توقيت يثير العديد من علامات الاستفهام، لا سيما أن تسريب ممهّداته لم يكن قويّاً إلى درجة تنبئ بإمكان تحقيق نهاية للانقسام، خصوصاً أن العائق أمام المصالحة، وبإقرار من «فتح» و«حماس»، كان «الفيتو» الإقليمي والدولي. وبحسب الحركة الإسلامية، فإن الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، كانت تمنع «فتح» من المضيّ في إجراء الصلح مع «حماس»، فيما كانت «فتح» تلقي الاتهام نفسه على عاتق إيران بالدرجة الأولى، وسوريا بالدرجة الثانية.
ما الذي تغيّر في المعطيات الإقليمية؟ لا إجابة واضحة، لكن مؤشرات إلى تحولات إقليمية بدأت مع انطلاق عجلة المفاوضات على المسار الفلسطيني والمساعي لإطلاقها على المسار السوري. تحوّلات تبدأ من القاهرة ولقاء مدير الاستخبارات عمر سليمان مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في جدّة، وتمر بزيارة المبعوث الأمريكي إلى «الشرق الأوسط» جورج ميتشل إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، لتصل ربما إلى حاجة محمود عبّاس في الظرف التفاوضي الراهن إلى تقليص المعارضة إلى الحد الأقصى. من هنا يأتي لقاء عزّام الأحمد مع قادة «حماس»، وفي مقدمتهم مشعل في دمشق، الذي خرج بعده وفدا الحركتين لإعلان الاتفاق على «مسار وخطوات التحرك نحو المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام».
اتفاق على نقاط محاصصة وتوزيع مناصب وصلاحيات بين الحركتين. فجأة ومن دون سابق إنذار سقطت كل المحرمات، وفي مقدمتها الخلاف السياسي الجذري، الذي لم يجد له مكاناً في تفاهمات الحركتين. هل باتت «حماس» راضية عن المفاوضات، وهي مستعدة لتأمين الغطاء إلى محمود عبّاس في حال قرر المضي بالعملية السياسية. وهل الاتفاق على اللجنة الانتخابية أو لجنة تفعيل منظمة التحرير أو الأجهزة الأمنية، يُسقط ما دونه من اعتراضات على أداء (السلطة الفلسطينية) «وتفريطها بالحقوق»، الذي كانت تعلن عنه «حماس» صبح مساء.
الأمر من الأساس لم يكن له علاقة بالملاحظات أو الامتعاض من الورقة المصرية. هي محاصصة لتكريس الثنائية كانت ممنوعة بقرار إقليمي ودولي. غير أن المعطيات يبدو أنها اختلفت، والمشهد بات بحاجة إلى مصالحة قد تكشف الأيام المقبلة عن مغزاها وأهدافها.
RLS
