لأن هذا الشعب الفلسطيني العظيم هو الشعب ـ المعلم، الذي لا ينكسر أبدا، ولأن قضيته هي قضية الأمة المركزية مهما وقع من أحداث وتحولات، فإن الترحيب القومي واجب لهذا الحدث الهام الذي ينطلق الخميس (23/9/2010) من بيروت، عبر التشاوري العربي بشأن فلسطين، الذي ترعاه وتنظمه «الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني»، وهذا اللقاء ستشارك فيه شخصيات عربية، وفلسطينية هامة، مثله، مثل (الهيئة) الداعية والراعية له، ويمثلان مرحلة جديدة، في مسيرة العمل الشعبي العربي الجاد لدعم النضال الفلسطيني ولتأكيد الحقوق الثابتة، وبخاصة حق العودة وحق تقرير المصير، في مرحلة قلقة وخطرة من مراحل الصراع، مرحلة تحول فيه فريق من الفلسطينيين والعرب إلى حراس لأمن «الإسرائيليين»، وحماة لمستوطناتهم من تلقاء أنفسهم، أو برعاية أميركية، كما هي الحال مع الجولة الجديدة من جولات المفاوضات العبثية، لبيع ما تبقى من القضية الفلسطينية برعاية باراك أوباما ومشاركة الملك عبد الله الثاني والرئيس حسني مبارك، مع دعم من خادم الحرمين الشريفين، عبر مبادرته المسماة بمبادرة السلام العربية.
وسط هذه الأجواء الخانقة أتت مبادرة نفر من خيرة أبناء فلسطين منهم عزمي بشارة، منير شفيق، والأنبا عطا الله حنا، محمد العبد الله، عبد الباري عطوان، ماجد الزير، بسام الشكعة، بلال الحسن (شفيق الحوت ـ أنيس صايغ ـ رحمهما الله) والصديق المناضل أحمد الدبش، ولفيف من الرموز والقيادات الفلسطينية، ليطرحوا مع بداية هذا العام في (24/2/2010) إنشاء هذه الهيئة الوطنية الفلسطينية، التي ينطلق مؤتمرها التشاوري العربي الأول غدا من بيروت العروبة، بحضور شخصيات عربية بارزة وباستقلالية كاملة بعيداً عن التنظيمات والدول. يأتي هذا المؤتمر ليمثل بارقة أمل جديدة وسط ظلام عربي حالك. ووفقا للورقة التأسيسية فإن الهيئة الوطنية منظمة شعبية مستقلة تجمع ناشطين وناشطات ومثقفين ومثقفات وشخصيات من جميع التيارات الفكرية الملتزمة بالقضية الوطنية، وهي منفتحة لعضوية الفلسطينيين المنتسبين إلى الفصائل والشخصيات المستقلة، بالإضافة إلى العرب الذين يعتبرون قضية فلسطين قضيتهم، وهي تمثل حاليا المنظمة الوحدوية الوحيدة التي يجتمع فيها على الثوابت نفسها، مستقلون وأعضاء ومؤيدون لحركتي «فتح» و«حماس» وغيرهما. وقد أطلقت الهيئة في ظل المخاطر المحدقة بالحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة والناجمة عن استمرار نهج التسوية منذ اتفاقات أوسلو، وعن اعتبار فلسطين قضية الفلسطينيين وحدهم. ومن هنا، حرصت الهيئة في أوراقها ووثائقها التأسيسية على التأكيد الدائم على الحقوق الوطنية الثابتة، ومنها حق العودة وحق تقرير المصير، مستهدفة تعميمها على جيل الشباب، مع دعم كامل وبكل السبل لنهج المقاومة.
إن الهيئة بهذا التوصــيف، وبتلك الأسمــاء المناضلة المشــاركة في انطــلاقها، تمثل في تقديرنا، بداية جديدة للنهوض من النكبة الثانية، نكبة الفتــنة الفلسطينية الداخلية، والمؤامرة العربية ـ الغربية الخارجية، والتي تديرها أميركا ـ أوباما، عبر وسطاء عرب غير شرفاء وغير أمناء لا مع عروبتهم ولا مع دينهم ومقدساتهم التي يزعمون أنهم خدامها.
إن هذه المبادرة، إن قدر لها الاستمرار والصبر على مكاره (الأصدقاء) قبل الأعداء، فإنها بذلك تكون أداة للجمع، والتوجه خلف خيار المقاومة الذي لا يزال شرفاء «فتح» و«حماس» و«الجهاد» و«الشعبية» وباقي الفصائل الفلسطينية يعضون عليه بالنواجذ. وفي المقابل، المطلوب عربياً الدعم الكامل بالمال والسياسة والإعلام لهذه (الهيئة الوطنية). وفي اللقاء التشاوري العربي هذا، الذي يسبق المؤتمر العام الأول للهيئة الوطنية والذي سيعقد في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في دمشق، نتمنى أن يتم إنجاز برنامج عمل للإنقاذ، وللمواجهة.
المؤامرة على فلسطين كبيرة، وأية قوة أو تيار أو اتجاه بعينه غير قادر على التصدي لها منفرداً، وإذا كان لا بد أن نختلف، فلنختلف بعد التحرير وليس قبله. لنختلف على توقيت أو نوع السلاح المستخدم في مقاتلة العدو الصهيوني، وليس على شرعية استخدامه من عدمه.
لقد فشل مشروع التسوية، ولم يبق غير القـوة سبيلا لاسترداد فلسطين، فحولها، وحدها، لنلتق وليس بالمفاوضات البائسة، لقيادات، فقدت بالفعل، إحساسها بالقضية، قبل أن تفقد رجولتها في الدفاع عنها. تحية إلى من دعا لإنارة هذه الشمعة، وسط ليل المهزومين.
RLS
