الخميس 23 أيلول (سبتمبر) 2010

فلسطين الأولى.. أولاً

الخميس 23 أيلول (سبتمبر) 2010 par نصري الصايغ

لقاء تشاوري عربي بشأن فلسطين، تعقده في بيروت الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني... فما هذا؟

هذا أمل جديد.

أو، هذا استيلاد لأمل آخر. ذلك أن الأمل بفلسطين، لا زال يراود قلة كثيرة، تناضل وتقاتل، وإن كان اليأس منها، هو لغة كثرة عربية، تبنت عقيدة العجز واستقالت طوعاً، من فلسطين.

هذا أمل جديد، باستعادة فلسطين من التيه السياسي الرسمي العربي، ولإعادتها إلى نصابها العروبي والقومي والإنساني، بعد سنوات التخلي العجاف، وتفضيل السلامة على كل ما له علاقة بالمقاومة... ولو بالكلمة.

هذا أمل جديد، ولتكن الكلمة المفتاح : «تعالوا نستعد فلسطين»، لتصبح العنوان الأول لوجودنا القومي والنضالي والتحرري والتقدمي.. لنستعد فلسطين لتكون لغتنا السياسية الأولى، والتي منها نستولد اللغة السياسية في كل دولة عربية، وفي كل متكأ سياسي دولي أو إنساني.. لنستعد فلسطين، لتحتل المرتبة الأولى في جدول أعمال النخب الفكرية والثقافية الملتزمة، لأن فلسطين بحاجة إلى تحريرها مما لحق بها من تجنٍ ومن إهمال ومن تخلف ومن تداع ومن بؤس ومن فقدان الهوية.

إذا لم تعد فلسطين الفلسطينية عربية، فستظل أسيرة أجندة ثنائية: المفاوضات أو المقاومة، إلى ما شاء ربك من أزمنة تتهالك فيها القضية، وتنعدم منها الجاذبية... وإذا لم تعد فلسطين الفلسطينية إلى الحضن الثقافي القومي، فستظل مرمية على قارعة التجاذب الديني والمذهبي والنفطي، وما تيسر من فقه التنازلات ومن فتاوى المزايدات عندنا، فيما هي لقمة سهلة يصار إلى تهويدها يومياً، بآيات استيطانية مبرمة.

وإذا لم تعد فلسطين الفلسطينية إلى أساس قضيتها، كجوهر ننطلق منه إلى السياسة، نكون قد جعلنا من فلسطين، قضية يهودية، لا قضية عربية... والعمل جار عالمياً في هذا السياق.

المهمة شاقة ولكنها ليست مستحيلة.

فلنعد فلسطين، أينما كنا وكيفما كانت حالنا، إلى الحكاية، بشرط أن نبدأها من أولها: وأول الأول، وعد بلفور. ومنه إلى اليوم، فصول تحت عنوان، الاستيطان، لإحلال شعوب متناثرة، محل شعب مقيم... بات مهجراً ومحتلاً... أول الأول، استعادة الحقيقة الفلسطينية كحدث في التاريخ، وليس كفصل من فصول السياسات العربية والدولية... وأول الأول، ان نستعيد فلسطين، كقضية أمة، سعت إلى الوحدة والتحرير والاستقلال، فكوفئت بالتجزئة والتقسيم والاحتلال والاستتباع.

فلنعد فلسطين إلى بداياتها. لأن قراءة فلسطين من النهايات التي آلت إليها مفزع ومحبط، ويفضي إلى تبني السلامة والتخلي عن المقاومة.

ليست فلسطين هذه التي يتحدث عنها العالم، هي فلسطين الحقيقية. هذه، في عرف السياسة اليوم، عبء على العرب، وعبء على العالم، وعبء على «إسرائيل»... لذا، تجهد القوى كلها، لتصفيتها، تارة على حساب الأردن، وتارة على حساب لبنان وتارة على حساب الأرض، وتارة على حساب لا أرقام فيه، سوى أرقام مبعثرة لأهل فلسطين، غير قابلة لأن تجمع معاً، كشعب، في دولة، في كيان، في أرض، في مكان لائق تحت الشمس، يسمى وطناً بتمام عناصره.

فلسطين الزمن الحالي، لا علاقة لها بفلسطين التاريخ. هذه، بنت الهزائم التي سارع العرب إلى تبنيها والبناء عليها. هذه بنت الأنظمة والمنظمات التي تشبهت بالأنظمة. هذه بنت ما تيسر من فضلات «لعبة الأمم»، (ولم يجر تسييلها حتى الآن في المفاوضات). هذه بنت الشعار: «أهل مكة أدرى بشعابها». فاتركوا فلسطين للفلسطينيين.

لنستعد فلسطين ولنضعها في المعادلة التالية :

إما فلسطين وإما «إسرائيل».

لا زواج بالقهر. لا حل بالاحتلال. لتعد الحقيقة التاريخية لتكون قاعدة الحق ومنطلق الكلام وموئل الذاكرة الشعبية.

ليست فلسطين أرضاً متنازعاً عليها. إنها أرض منتزعة من شعبها بالقوة العظمى المؤلفة من «إسرائيل» ودول العالم... وأنظمة الاستبداد العربية.

ليست فلسطين إلا حكاية أرض محتلة بكاملها، وشعب محتل، وأمة مجزأة لم تقم بواجب استعادتها بالقوة.

وعليه، فأمام الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني تكريس مبدئية وصوابية وصلاحية هذه الحقوق الثابتة، واعتبارها قانون إيمان قومي بفلسطين. كقانون الإيمان الخلقيدوني في المسيحية، فمن دونه، لا إيمان ولا مسيحية.

المهمة صعبة، ولكنها أشرف وأنبل وأقدس المهمات. فهناك من يبذل دمه من أجلها، في فلسطين وفي لبنان. وهناك من هو مستعد لذلك في دنيا العرب. وهناك من يتشوق لخدمة فلسطين، ولكنه ضائع في غياهب الاستبداد ومضيّع في غابات الاستهلاك والاستتباع. وهناك من لا يعرف عن فلسطين، إلا ما يشيّعه النظام الرسمي العالمي والعربي في وسائله الإعلامية.

فلنعد فلسطين إلى الكتاب والحكاية.. لنعدها إلى المدرسة والتربية.. لتكن الشهادات العربية متوجة بمادة فلسطين.. وهذا أقل الإيمان. فإذا كان الزمن العربي خائنا وخائباً، في الراهن، فعلينا أن نجعل الزمن الآتي، أملنا، تحمله أجيال، تربت على فلسطين.

فلسطين الكتاب، توطئة، لفلسطين البنادق ومقدمة لفلسطين الحرة.

شكراً للقاء التشاوري العربي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178155

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178155 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40