الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010

التنكر الصهيوني للحقوق الفلسطينية

الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010 par د. فايز رشيد

المفاوضات التي جرت مؤخراً في واشنطن في ظل التنكر الصهيوني للحقوق الوطنية الفلسطينية، كما الضغوط الأمريكية الممارسة على «الجانب الفلسطيني»، وبخاصة بعد تجربة مفاوضات شبيهة امتدّت لعشرين عاماً، وأثبتت بما لا يقبل مجالاً للشك عقمها وعبثيتها ولا جدواها، خطوات مدروسة من قبل الولايات المتحدة و«إسرائيل» تحاول إيصال شعبنا إلى مرحلة اليأس بهدف إجباره على رفع الراية البيضاء. صحيح أن اليأس، إذا ما أصيب به الفرد يكون حالة قاتلة لطموحاته وأهدافه، فاليأس يعمل على تدميره تماماً، ويصبح الإنسان ساعتها في أضعف حالاته. لذا من السهل قبوله بالحلول المطروحة أيّاً كانت نتائجها السلبية العكسية عليه.

اليأس مرشحٌ للإصابة به من قبل الجماعة، يصبح عندها حالة عامة، وهذه أخطر حالاته، ذلك أن المصابين به يصلون إلى درجة من البؤس، حيث تتساوى كل الحلول بالنسبة إليهم، ويصبح هدفهم الخلاص من هذه الحالة.

للحقيقة نعترف : إن شعبنا الفلسطيني مرّ بمنعطفات ومؤامرات ومحاولات للتصفية من قبل الأعداء، على مدى ما يقارب المئة عام، كانت كافية لتيئيسه، وبخاصة عند المقارنة بين حالتين : التضحيات التي دفعها في كل مواقعه، وهي هائلة، والمعاناة التي عاشها، وهي أكثر من كبيرة، وبين واقعه الحالي الذي يتبين من المقارنة، وجود خلل كبير بين التضحيات من جهة وإنجازات الواقع من جهة أخرى، فشعبنا يستحق الوصول إلى ظروف أفضل من تلك التي يعيشها حالياً. ظروف كان يتوجب أن يرى فيها ملامح النصر على الأقل.

لكن الواقع الموشحّ بالإحباطات، يشي عكس تلك التمنيات، فالظروف تنتقل من السيء إلى الأسوأ، لذا يضمحل الأمل تدريجياً، في الطريق إلى تحوله إلى حالة من الإحباط واليأس، تتراكم هي الأخرى تدريجياً لتصبح حالة عامة.

شعبنا الفلسطيني بأصالة معدنه وجوهره المعطاء، كان قادراً في كل مراحل تاريخه على إفشال كل المؤامرات والمخططات الخارجية الهادفة إلى تيئيسه وإجباره على رفع الراية البيضاء، على طريق تصفية قضيته الوطنية ومشروعه التحرري، لذلك انصبّت المؤامرات على تفكيكه من داخله، فساعتها يمكن الوصول إلى تصفية قضيته.

الانقسام في الساحة الفلسطينية حالياً لعب ولا يزال يلعب دوراً كبيراً في محاولة إيصال شعبنا إلى الحالة المطلوبة التي يخطط لها العدو تاريخياً، حيث تتساوى الحلول عنده، فيصبح الهدف هو الخلاص من هذه الظروف مستحيلة التحمل من قبل الجميع.

لسنوات طويلة تعامل المجتمع الدولي مع الفلسطينيين كتجمعات لاجئة متفرقة، كانت بحاجة إلى العطف والمساعدة والشفقة.

جاءت الثورة لتقلب هذا المفهوم وتحوّل الفلسطينيين إلى شعب مناضل له حقوقه الوطنية. وبالمقاومة دقّ الفلسطينيون جدران العالم، فبدأ في تفهم قضيتهم، وأصبحت الثورة والكفاح والتمسك بالحقوق هي العناوين الرئيسية للفلسطيني. ترجمت دول كثيرة في العالم الانتقال الفلسطيني إلى الحالة المقاومة، من خلال التأييد الكبير الذي أبدته تجاه الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة.

صحيح، أنه وفي ظل الهجوم الشرس على المشروع الوطني الفلسطيني، يصبح الحفاظ على الذات وعلى المبادئ والحقوق الوطنية هو الهدف، لكن ولا تحت أي ظروف وضغوط يمكن المساومة على التفريط بالحقوق الوطنية للشعب.

خطأ «القيادة الفلسطينية» أنها لفظت المقاومة كنهج أساسي في التعامل مع العدو، وتركت هذا الخيار الاستراتيجي وتبنّت نهج التفاوض. هذا النهج أثبت فشله وصبّ في مجرى أهداف العدو الطامح باستمرار إلى كسب المزيد من التنازلات من «السلطة الفلسطينية».

يبقى القول إن شعبنا الذي يحاولون تيئيسه، وتصفية قضيته الوطنية، يدرك أبعاد المؤامرات الهادفة إلى كل ذلك، ومثلما أفشل حلقات كثيرة منها في السابق هو قادر على إفشال هذه الحلقة الخطيرة، والخروج من مأزقها، وسيظل وفياً ومتمسكاً بحقوقه الوطنية غير القابلة للتجزئة، وبفلسطين غير القابلة للقسمة على اثنين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181140

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181140 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40