السبت 17 شباط (فبراير) 2018

إسقاط الطائرة يؤسس لمرحلة جديدة

السبت 17 شباط (فبراير) 2018 par د. فايز رشيد

عربدة إسرائيل في الأجواء السورية بدت, وكأن سوريا غير قادرة على الرّد! بالرغم من أن الرئيس السوري ذكر في أكثر من مرة: بأننا “سنردّ في الوقت المناسب”! جوقة من المستهزئين بهذا الجواب, كانت وأنها تتشفى بهذه الضربات التي تأتي من عدو سوبر فاشي يستهدف لا الفلسطينيين أو السوريين فقط, بل كامل الدول العربية من المحيط إلى الخليج, حتى لو كان لإسرائيل ما يسمى بـ “اتفاقيات سلام” معها. جاء الرد السوري في 10 فبراير/ شباط الحالي, وكان قاسيا ومؤلما للكيان الصهيوني, فدرّة سلاحه الجوي ,الطائرة إف-16 سقطت في الجليل بصاروخ سام -5 الروسي الصنع. الأشد تأثيرا أن الصواريخ الإسرائيلية التي وجهت إلى قواعد عسكرية سورية ,اعترضتها منظومة الدفاع الجوي السورية ودمّرتها قبل أن تصل إلى أهدافها. بدت إسرائيل كالذي ضُرب على رأسه. كذلك لدقائق اختفت عنجهية نتنياهو وصار مثل طفل صغير يخشى فقدان لعبته, فبدلا من التهديد والوعيد, اتصل بالرئيسين بوتين وترامب من أجل التهدئة.
نعم التاريخ يكرر نفسه, ولكن على شكل مهزلة في الحالة الإسرائيلية. الكل يذكر عنجهية وزير الخارجية الأميركية حينها كونداليزا رايس في بداية العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006, فعندما طلب لبنان وقف إطلاق النار في بداية الغزو, رفضت بصلف, وردت بأن “الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها! وبعد أسابيع قليلة, وبعد مجزرة الدبابات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني وتحديدا في بنت جبيل, وبعد أن خسرت إسرائيل ما يزيد عن الـ 1500 جندي, وبعد أن فشلت إسرائيل في تحقيق أيّ من أهدافها, أخذت الوزيرة الأميركية توسط أصدقاء لبنان, ليضغطوا بدورهم على المقاومة اللبنانية للقبول بوقف إطلاق النار. هذه المرة أرادت إسرائيل تكرار التجربة, ففشلت, اعتقد قادتها لحماقتهم, أن الأجواء السورية ستظل ملعبا لهم. قلناها منذ نصف قرن, أن دولة الكيان الصهيوني لا ترتدع إلا من خلال لغة القوة, الحقيقة الثانية في الصراع, أن تبجح القادة الإسرائيليين بقوة دولتهم وعظمة تسليحها, يخفي وراءه قلقا مصيريا على مستقيلها. هذا لا يعرفه سوى المواصل لقراءة إسرائيل من داخلها. المهم أن ذات الجوقة التي كانت تملأ الدنيا نباحا لعدم الرد السوري في السابق, تحاول تهميش الرد الأخير من خلال القول بأن الخبراء الروس هم من قاموا بالرّد, وكأن لا كفاءات عسكرية موجودة في سوريا!.
نعم, بالاستطاعة القول: ان الرد السوري الذي فاجأ الإسرائيليين, يؤسس لنمط من الردود مختلف ليس من قبل سوريا فحسب, بل من المقاومة اللبنانية ومن إيران أيضا, فيما لو فكّر العدو الصهيوني بالاعتداء على أحد هذه الأطراف! فهي تشكل محور مقاومة, أصبح أساسياً في المنطقة, كما أن تلاحمها القتالي تجسد في مزيد من الوحدة الميدانية بفعل معطيات الواقع. قلنا على صفحات “الوطن” مرّة تلو أخرى, أن روسيا تعتبر سوريا خطّ الدفاع الأول عنها,لأن خط الدفاع الثاني هي حليفاتها من الجمهوريات الآسيوية التي كانت منضوية في الإطار السوفييتي قبل انهياره ( وللعلم الآلاف من أبناء هذه الجمهوريات انضووا تحت لواء منظمات التطرف سواء في داعش أو النصرة), أما خط الدفاع الثالث فهو حدود الفيدرالية الروسية, روسيا لا تود أن يقترب خطر الإرهاب الأصولي من حلفائها ومنها أيضا, وهي لن تسمح مطلقا بتحويل سوريا إلى أفعانستان ثانية. بالنسبة لمواجهة الخطط الأميركية في سوريا, وأهمها تحقيق تواجد دائم لها على الأراضي السورية من خلال جيش عميل تقوم بإنشائه, فإن روسيا وبالحسابات السياسية الهادئة, التي تعمل وفق مبدأ “مراكمة الإنجازات” واحداً تلو الآخر, وبعيدا عن التسرع, ستكون قادرة وبدبلوماسبة بوتين وصلابته على إفشال المخططات الأميركية والتركية, الهادفة إلى استمرار الصراع في سوريا على طريق تقسيمها, كما إفشال المخطط العدواني التركي, الذي غرق بحسائره الكبيرة في وحول ومستنقعات الشمال والشرق السوري.
نعم, ربما ما دفع نتنياهو إلى الاعتداء الدائم على سوريا هو مأزقه الداخلي, فهو حاول ويحاول تصدير أزمته للخارج عبر عمليات استفزازية وتسخين الجبهة مع لبنان وسوريا, وسيظل يسعى من أجل حرب أميركية تشنها الولايات المتحدة على إيران, لكن أميركا, بإدارتها الجديدة المنحازة كليا لإسرائيل, غير مستعدة لمثل هذه الحرب, في الأفق المنظور على الأقل, ولديها من الهموم والأزمات الداخلية والخارجية ما يكفيها. كما إن الهدف الأساسي من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا, هو إضعاف الجيش وعرقلة عودة سوريا الى الساحتين العربية والدولية, وارباك دورها العربي, وتأثيرها السياسي الأقليمي, من أجل الاسراع في مشروع تصفية للقضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي الصهيوني وفق الشروط والرؤية الاسرائيلية. إسقاط الطائرة مؤشر ربما بسيط لمرحلة قادمة تحتاج حهودا كبيرة من مخور المقاومة لإفشال كل هذه الأهداف. إسقاط الطائرة أسقط رهانات بعض عربية على “الحليف الإسرائيلي”, وانتصار معارضة فنادق الخمس نجوم, التي رحبت بالضربات الإسرائيلية للوطن المفترض أنه وكنها, نعم فهي تسعى إلى تقسيم سوريا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 73 / 2178712

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178712 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40