الجمعة 15 كانون الأول (ديسمبر) 2017

“الكون” احترم نفسه تجاه القدس

الجمعة 15 كانون الأول (ديسمبر) 2017 par طارق أشقر

بعد مرور أسبوع من الحزن العميق الذي خيم على الشارع العربي والإسلامي بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وتوجيهه لإدارته باتخاذ الإجراءات الهندسية للعمل على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، جاءت القمة الاستثنائية العاجلة لمنظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت أمس بمدينة اسطنبول بتركيا لتؤكد رفض العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه التعدي على القدس، مؤكدين على أن القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين التي ينبغي أن تتجسد على الخريطة الطبيعية لفلسطين المحتلة.
وبهذا التأكيد الشامل من منظمة التعاون الإسلامي بعضويتها البالغة 57 سبع وخمسين دولة إسلامية كثاني أكبر منظمة دولية بعد منظمة الأمم المتحدة التي تضم في عضويتها 193 مائة وثلاث وتسعين دولة، تنجلي حقيقة تسر النفس مفادها بأن “الكون” قد احترم نفسه، وأكد أنه ما زالت فكرة “النظام العالمي الجديد” أحادي القطب لم تكتمل حتى الآن، وذلك رغم انتهاء نظام القطبين ومنظومة الحرب الباردة منذ السنوات البعيدة التي تسببت فيها البروستريكا الجورباتشوفية في وضع اللبنات الأولى لانتهاء الحرب التي كانت باردة بين اكبر قطبي العالم سابقا.
وقد تأكد للجميع احترام “الكون” لنفسه عندما تبين عمليا أن الرفض الدولي لم يكن مختصرا على عدد السبع وخمسين دولة التي تكون عضوية منظمة التعاون الإسلامي فحسب، تلك التي رفضت القرار أمس الأربعاء، بل سبق ذلك رفض الغالبية العظمي من أعضاء الامم المتحدة تلك المنظمة العالمية ذات المائة وثلاث وتسعين دولة، حيث قاد دفة الشجاعة والاقدام في الرفض و- رغم انها من المرات النادرة للقيادة الأممية – الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيرس الذي أعلن رفضه الصريح لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا في الوقت نفسه ان القرار يقوض مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية .
ورغم أن رفض غالبية العضوية الأممية يعتبر تأكيدا على عالمية الرفض، غير ان الموقف نفسه اخذ طابعا نوعيا آخر من خلال الاجتماع الطارئ لإحدى اهم منظمات الأمم المتحدة ألا وهو مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة طارئة الجمعة الماضي اكدت مداولاتها ان دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وايطاليا والسويد وغيرها من غالبية دول الاتحاد الأوروبي التي شذت عنها جمهورية الشيك، حيث رفضت تلك الدول عدا الشيك قرار الرئيس الأميركي.
وعليه ومع اعتبار الرفض الذي لم تفارقه “عبارات الشجب الروتينية” من جامعة الدول العربية التي ما زالت غير فاعلة في اتخاذ قراراتها تجاه القضايا العربية المصيرية، تتعظم مواقف الرفض الأممية بإضافة موقف الجامعة خصوصا وانها بعضويتها تعتبر جزءا اصيلا من منظمتي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.
خلاصة القول ان احترام “الكون” لنفسه باستثناء بعض الأصوات النشاز من بعض الدويلات المؤيدة لقرار الرئيس الاميركي بشأن القدس، يؤكد الكون كما اسلفنا على احترامه لنفسه ولسيادته، موضحا بأن التراكم التاريخي لاتخاذ قرار أن تكون القدس عاصمة أبدية لاسرائيل لا قيمة له ولا معنى سواء كان عمره 22 اثنين وعشرين عاما أميركيا منذ أن صادق عليه الكونجرس الأميركي في 23 أكتوبر 1995 كقانون يسمح بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، او كان عمره 37 سبعة وثلاثين عاما اسرائيليا منذ أن سن الكنيست الإسرائيلي في 30 يوليو 1980 “قانون القدس” بأن تكون هذه المدينة عاصمة ابدية لدولة اسرائيل، حيث أكد الجميع أن “الكون” لم يتضاءل ولم يتشرذم ليصبح ولاية أميركية، أو كنتونة أو مستوطنة اسرائيلية، فهو عالم يحترم نفسه وله سيادته وما زال يملك قراره ، وان مسألة النظام العالمي الجديد أحادي القطب لم تتبلور حتى الآن …وأن القدس من قضايا الحل النهائي وستظل عربية التاريخ والتراث والانتماء، وان الشرقية منها هي عاصمة لفلسطين ان كان لا مناص من حل الدولتين ليكون للجميع حق الحياة جنبا الى جنب كبشر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 82 / 2165612

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165612 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010