الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017

مصالحة لعلها الأخيرة

الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017 par علي قباجة

أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً، وصول لطالما ترقبه الشعب الفلسطيني المنهك من عدوان «الإسرائيليين» المتواصل. لكن وبإرادة فلسطينية، ومن رحم الألم والمعاناة، بارك الفلسطينيون على امتداد الوطن وفي الشتات ولادة مصالحة إخوة الدم الواحد؛ لكن المصالحة رغم ما فيها من أمل وتفاؤل، إلا أن الحذر والترقب هما سيدا الموقف، فالشعب لن يؤمن بصدقها إلا بعد أن يراها ماثلة أمام عينيه واقعاً يعيشه بكل تفاصيل حياته، فهو لن يلدغ من جحرها مرة أخرى، بعد أن أدمته سنوات عشر عجاف. فطرفا الانقسام لطالما التقيا واتفقا على الخروج من هذا الوحل، لكن في نهاية المطاف كانت اللقاءات كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء؛ حيث إنها كانت تذهب أدراج الرياح مصطدمة بعوائق لا حصر لها، ويزيد الطينة بلة العداء المستفحل الذي كانت تخلفه في كل مرة؛ لكن مع ما مر لا بد من النظر للنصف المملوءة من الكأس دون إهمال أن هناك نصفاً آخر ما زال فارغاً بمعنى أن التشكيك حق في ظل معطيات منطقية عدة، من خلال مسارات التسويات الداخلية السابقة؛ لكن ربما حظوظ النجاح في هذه المرة مغايرة لمحاولات عشر خلت للم الشمل.
أسباب كثيرة دفعت المتخاصمين للجلوس إلى طاولة الحوار، منها الأزمة الداخلية وانعدام الأفق. فالسلطة حوصرت سياسياً، ومبادراتها في تقديم إنجازات ملموسة للشعب على صعيد إنشاء دولة قوبلت بالفشل بعد أن عصفت بها الضغوط ««الإسرائيلية»» المتنامية عليها، كما أن المتغيرات الإقليمية والدولية وأولوياتهم أصبحت مغايرة لما كانت عليه سابقاً، وهذا ما أفقد قيادة رام الله الزخم والقدرة في التأثير والمبادرة، وبالتالي أفقدها الثقة داخلياً، بينما على صعيد «حماس»، فإنها كانت تحمل عبء الغزيين؛ لأنها مطالبة بتوفير كل أسباب المعيشة لهم؛ كونها حكومة الأمر الواقع في القطاع، إلا أنها عجزت عن ذلك؛ بل ربما الأصح أنها فشلت في كسب رهان تلك الجولة، كما أن إجراءات السلطة الأخيرة ضدها دفعتها للتنازل، وإنهاء عمل اللجنة الإدارية في القاهرة، بعدما كانت في السابق تصر على أنها باقية حتى تتراجع السلطة في رام الله عن قراراتها.
معطيات داخلية وخارجية عدة حدت بأبناء الوطن الواحد للتوصل إلى صيغة توافقية مبدئية، على أن يتم لاحقاً بحث التفاصيل. و«مكمن الشر يبرز في التفاصيل»، وهذه (التفاصيل) كثيرة، وتحتاج إلى عزم أكيد ونية صادقة لتجاوزها، والتوصل لصيغ مشتركة ترضي الشعب، المتضرر الوحيد من هذا التشظي. كما لا بد من النظر بعين متبصرة، لإنشاء حكومة خدمية ترعى مصالح الفلسطينيين الحياتية بعيداً عن المناكفات السياسية على أن تقودها نخبة من المستقلين تنأى بنفسها عن التدخل في القضايا السياسية العميقة. بينما تقوم منظمة التحرير بإعادة بناء ذاتها وإدخال الفصائل كافة ببرنامج تحرري نضالي يواجه الكيان وتغولاته، على أن تكون المنظمة غطاء للحكومة. وربما نجاح هذا الطرح يعد أمراً صعباً في ظل وجود برنامجين بخطين متوازيين غير متقاطعين بين «حماس» و«فتح»، إلا أن الحل ليس مستحيلاً، خاصة إذا تمت صياغة خطة تجمع بين خطيهما، طاولة مفاوضات مستديرة تناضل لكسب الحقوق تحت مظلة البندقية الفلسطينية الواحدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2180753

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2180753 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40