الاثنين 30 آب (أغسطس) 2010

البحث عن الواحد بالمئة في واشنطن

الاثنين 30 آب (أغسطس) 2010 par جمال الشواهين

ليس هناك ما يمكن أن يزيل تعنت «الإسرائيلي» ويجبره على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية لجهة حقوق الشعب الفلسطيني، سوى جعل الحياة في كيانه مستحيلة، وغير ذلك سيبقيه على حاله متعجرفاً وضارباً بعرض الحائط أي جهود تبذل أو مواقف تعلن. ليس من بين كل الحكومات «الإسرائيلية» من كانت مستعدة فعلاً للتفاهم مع العرب والفلسطينيين على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة فوق التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس.

وليس من بينها مجتمعة من أعلن تخليه عن الإجرام اليهودي بحق أبناء الشعب الفلسطيني قتلاً وتدميراً وتشريداً، أو حتى أوقف الإجرام لمجرد يوم واحد فقط.

أما الحديث عن دعاة سلام من بينهم إنما هو مجرد كذبة كبرى، وخديعة أكبر، حتى إن التغني بإسحاق رابين كرجل سلام «إسرائيلي» لا يغدو كونه تضليلاً مكشوفاً، لا ينسجم أساساً مع تاريخه الدموي بحق أطفال ونساء فلسطين عندما كان يقود معارك قذرة لذبحهم.

لقد أخفقت كل المحاولات الدولية لإيجاد أرضية يلتقي عليها الطرفان العربي و«الإسرائيلي»، وظل الصراع بأشكاله المختلفة هو السمة السائدة، وإن تراجع واقعه إلى ما نحن عليه اليوم من سلبية، غير أنها حالة - مع قلة حيلتها- تظل شكلاً قابلاً للتطور، ومؤهلاً للنهوض من جديد نحو مواجهة أكثر فاعلية، وأقدر على تحقيق إنجازات.

ليس في واقع السلام النظري مع الكيان الصهيوني ما يشي إلى تطوره نحو ما هو عليه، وها هي «اتفاقية كامب ديفيد» مع الجانب المصري مستمرة في التكلس، ومثلها «اتفاقية وادي عربة» مع الأردن، وهذه وتلك، رغم عقود على توقيعها، كان حال الكراهية وجوهر الصراع مستمرين على ما كان عليه قبل ذلك، وليس هناك ما يشير إلى تغير في إنتاجيتهما إلا لجهة المزيد من تكريس مقاومتهما، وهما أقرب إلى السقوط من أي أمر آخر، وستذهبان كاتفاقيات أخرى إلى الهاوية عاجلاً أم آجلاً.

الحكومة «الإسرائيلية» الحالية لا تؤمن بالسلام، ولا حتى التعايش مع العرب والمسلمين، وتجدها أكثر ما تكون غير معنية بأي علاقات حسنة وطبيعية مع أي دولة من الدول الـ57 العربية والإسلامية، وإن كانت لا تمانع من علاقات هيمنة عليها تحت يافطات مختلفة وخادعة.

وذهابها الآن إلى مفاوضات واشنطن لا يعني تغييراً في برامجها وأهدافها، وهي كحكومة ليكودية ترتكن إلى برنامج محدد في مسألة إنهاء القضية الفلسطينية أساسها الجغرافي خارج حدود فلسطين التاريخية، إنما يؤكد عدم جدوى المفاوضات أساساً، ذلك أن حزب «الليكود» لم يعلن بأي شكل من الأشكال عن مجرد استعداده لبحث المبادئ التي يقوم عليها، وجوهرها أن شرق الأردن جزء من الأرض الموعودة لليهود، ويكفي أنه مستعد للتخلي عنها للفلسطينيين بشروطه، وما يتطلبه ذلك من استحقاقات لتوفير حماية الكيان اليهودي وتأمين سلامته عبر ذلك، وهذا ما يسعى إليه على أرض الواقع.

إن الاعتقاد بوجود فرص للحل مع الكيان «الإسرائيلي» لا يصمد أمام الممارسات التي تقترفها حكوماته الإجرامية، ولو أن هناك مجرد الواحد بالمئة فقط التي يبحث عنها محمود عبّاس بواشنطن في قاموس حكومة «الليكود» لكان في الأمر ما يستحق العناء فعلاً.

غير أن الجميع يعرف أن هذه النسبة لم تكن موجودة في أي وقت من الأوقات، فإن مجرد الحديث عنها إنما يعد جهلاً ما بعده غباء.

الحديث عن طبائع «الإسرائيليين»، وأنهم اعتادوا العيش الحذر، والاستعداد للحرب حقيقي ولا غبار عليه، أما المراهنة على تغييرها فإن فيه تفاؤلاً غير حسن، والخسارة فيها أكيدة.

لو أن أياً من الحكومات «الإسرائيلية» أرادت السلام الشامل، لوجدنا ما يشير إلى ذلك حقاً منذ انطلاق مفاوضات مدريد عام 1982.

ولو أن في قاموسها الاستعداد للعيش بسلام فيما هي عليه، لأعلنت قبولها بدولة فلسطينية بحدود عام 1967، وبإعادة الأراضي اللبنانية المحتلة، والانسحاب من الجولان، وهذه مناطق بقاؤها محتلة يعني بقاء الصراع وليس البحث عن سلام.

على أرض الواقع تجري ترتيبات أمنية مشددة بالضفة الغربية، وإعداد لقيادات فلسطينية من نوع جديد، فقوات دايتون وقيادتها من «الفلسطينيين» هم من الذين جرى تأهيلهم للإيمان بحق دولة «إسرائيل» على أساس ما هي عليه من عجرفة واعتداءات، وبات استعدادهم لحمايتها يفوق ما هو معتاد عليه، واستنفد مبررات استمراره، وعليه فإن الخطوة «الإسرائيلية» القادمة ستكون بالضرورة نحو برامج إزاحات بالأدوار والوظائف، ومن جهة أخرى استمرار الوضع في سوريا ولبنان على ما هو عليه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2178916

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2178916 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40