السبت 6 أيار (مايو) 2017

عباس واللقاء الملغوم

السبت 6 أيار (مايو) 2017 par علي قباجة

وأخيراً، التقى محمود عباس بدونالد ترامب، هذا اللقاء الذي عُوّل عليه الكثير فلسطينياً، وحشدت لأجله الطاقات، وحُضّرت الكثير من الأجندات لمناقشتها في المكتب البيضاوي. ربما لأن الغريق يتشبث بقشة، فقد تمسك الفلسطينيون بأمل أن يمنحهم ترامب بعضاً مما يطمحون إليه أو أن يقابلهم بليونة وتفهم، لكن الواقع أشد تعقيداً من الآمال، والرئيس الأمريكي ليست له معايير الحق والباطل في التعامل مع الصراع، بل معاييره هي المصلحة والحفاظ على الثوابت الأمريكية الداعمة للكيان بكل المقاييس.
عُقد اللقاء، وتحدث الرئيسان. ترامب أشاد بدور الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمكافحتها «الإرهاب»، ووضع الكرة في ملعب الفلسطينيين بأن عليهم محاربة «العنف» لتحقيق السلام، وأكد أنه يسعى جاهداً و«جاداً» لتسوية نهائية، ولمح أن على السلطة تقديم فروض الطاعة قبل أي تقدم لمصلحتهم، ووضع اشتراطات عديدة على الفلسطينيين، وأثقلهم بمجموعة من المسؤوليات. في المقابل كان حديث الرئيس الفلسطيني أشبه بالتوسل، وأكد أن اعتماده على الله ثم على ترامب لإنصاف الفلسطينيين، وبدا غاية في الانفتاح على الكيان، وشدد فيه على حقوق الفلسطينيين، وعلى دولة بحدود 67، وأبدى أنه حريص على التعايش، كما أشار إلى حق «الإسرائيليين» بالعيش والأمان!
اللقاء، أراد به ترامب أن يفرض على عباس رؤاه التي طالما بشر بها «إسرائيل». فلا يتوقع من رئيس يسعى بشكل محموم لنقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، أن يمنح الفلسطينيين دولة كاملة السيادة. فترامب خلال لقائه نتنياهو قدَّم قرابين التحالف والتوأمة مع الكيان ووعده بدعم لا محدود، بينما إدارته غضت الطرف عن غول الاستيطان الذي نخر الأرض الفلسطينية.
لا يمكن التفاؤل برئيس جاء في برنامجه السياسي، ما يجعل «إسرائيل» الابنة المدللة، التي يحق لها أن تفعل ما يحلو لها ولو على حساب العرب جميعهم، فضلاً عن مواقفه الكثيرة المتناقضة حول العديد من القضايا العالمية، وليس على صعيد الصراع فقط، لذا لا يمكن التعويل عليه بتحقيق أي تقدم لمصلحة القضية.
الفلسطينيون أصحاب الحق، ولا يمكن لصاحب الحق أن يستجدي الآخرين طلباً لإنصافه في مظلمته. القيادة الفلسطينية يتطلب منها أن تصيغ مبادئها بما يتوافق مع مصلحة شعبها والقضية والأرض، وألا تخفض سقفها خاصة أنه وفي المقابل فإن الاحتلال يرفع سقفه. الشعوب الحرة الساعية للاستقلال يترتب عليها التعاطي بندية، وأن تجبر العالم بثباتها على مواقفها، بدعمها.
اللقاء مع ترامب مهم، والمعارك السياسية لا تقل أهمية عن المعارك الميدانية، ولكن بشرط أن تكون مدروسة وأن تكون في إطار الإجماع الوطني، دون تقديم أي تنازل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165440

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165440 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010