الجمعة 7 نيسان (أبريل) 2017

«الاستنزاف» أول حرب خسرتها «إسرائيل»

الجمعة 7 نيسان (أبريل) 2017 par عوني فرسخ

في تقويم نتائج حرب 1967 كتب الخبير العسكري «الإسرائيلي» حاييم هرزوغ يقول: «بعد حرب الأيام الستة تغير الموقف الاستراتيجي لمصلحة «إسرائيل» تغييراً جذرياً. وأصبحت الأوراق بيد «إسرائيل» في شكل المناطق التي كانت تستخدم كنقاط انطلاق للهجوم على «إسرائيل». وبشكل عام، فإن الانتصار في حرب الأيام الستة كان مذهلاً».. ما أسس لشيوع ثقافة الهزيمة لدى قطاع واسع من النخب العربية، لدرجة أن كثيرين منهم لما تزل أنظارهم مسمرة عند الهزيمة العسكرية في الخامس من يونيو 1967.
ولكن الانتصار العسكري «الإسرائيلي» المذهل لم يترجم لانتصار سياسي، إذ فشل العدوان في إسقاط إرادة الممانعة والمقاومة العربية. إذ ما إن أعلن الرئيس عبدالناصر مساء 9 يونيو تحمله المسؤولية الكاملة، وتنحيه عن جميع مناصبه الرسمية، واستعداده للعودة لصفوف الشعب لمقاومة الغزاة الصهاينة، حتى انتفضت الجماهير رافضة تنحيه، ومصرة على مواصلة الكفاح بقيادته. وعمت الانتفاضات الوطن العربي من المحيط إلى الخليج معلنة رفض الاستسلام، مفشلة ما استهدفه العدوان الصهيوني المدعوم أمريكياً.
واستجابة للإرادة الشعبية، وإجماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، ومجلس الوزراء، تراجع عبدالناصر عن تنحيه. وقد تحددت رؤيته الاستراتيجية بأن مصر خسرت معركة، ولم تخسر حرباً، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وأن الغاية استرداد الأرض العربية المحتلة، وإنشاء الوطن الفلسطيني، وأن لا بد من ترتيب الجبهة الداخلية، وإعادة تنظيم القوات المسلحة، وبأن لا يجوز أن يشعر العدو بأي نوع من أنواع الاستقرار في مواقعه الجديدة، ولا بد أن تبدأ المقاومة في الحال بالإمكانات المتاحة، وأن تتصاعد بتصاعد قدرة مصر القتالية. وفي 11/‏‏6/‏‏1967 أصدر قرارات تنظيم الجيش، بعد تطهيره من القيادات المترهلة والفاسدة.
وجرى تطوير بنية القوات المسلحة، بأن أصبح المجند خريج الجامعة والمعاهد العليا أبرز عناصرها باعتباره الأقدر على استخدام الأسلحة والمعدات الحديثة والمعقدة. وجرى إنشاء لجنة للحرب النفسية لدراسة وسائل تدمير معنويات العدو، ورفع معنويات القوات المسلحة المصرية، بغرس روح القتال العالية للقادة والجنود، كما جرى التركيز على القادة بإعداد القائد القدوة القادر على أن يحظى بثقة جنوده، بما يتميز به من حكمة وإخلاص وشجاعة ولا تنقصه الطيبة والصرامة.
وكانت «إسرائيل» احتلت شبه جزيرة سيناء عدا جزء صغير من الأرض شرق وجنوب مدينة بور فؤاد، تمركزت فيه قوة صغيرة من الصاعقة والمشاة والمدفعية المضادة للدبابات فشل العدو في احتلالها في 1/‏‏7/‏‏1967 بحيث اعتبرت معركة راس العش باكورة المعارك الصغيرة في حرب الاستنزاف، وبمعارك جوية ناجحة يومي 14 و15/‏‏7 تمكنت طائرات «الميغ -17» من السيطرة على منطقة قناة السويس ما أعاد ثقة الطيارين المصريين بأنفسهم وسلاحهم. وفي 21/‏‏10/‏‏1967 نجح لنشا صواريخ «كومر» السوفييتية يقودهما ضابطان من البحرية المصرية بإغراق المدمرة «إيلات» أكبر قطعة بحرية «إسرائيلية»، مدشنين معارك الصواريخ البحرية. وتصاعدت العمليات العسكرية على جبهة القناة. وبدأت «اسرائيل» في 24/‏‏10/‏‏1967 قصف مستودعات الوقود، ومعامل تكرير البترول في السويس بمدافع الميدان. فسارعت مصر بنقل المستودعات والمعامل التي لم تصب إلى منطقة القاهرة، كما أخلت مليونين ونصف المليون مواطن من منطقة القناة كي لا يستغل العدو معاناتهم سياسياً. فيما تواصلت عملية إعداد منطقة غرب القناة عسكرياً بإنشاء التحصينات.
وبرغم تصاعد عمليات الاستنزاف المضاد بالدعم الأمريكي المتزايد، إلا أن محصلة حرب الاستنزاف كانت في مصلحة مصر جيشاً ونظاماً. وهذا ما يؤكده ماتي بليد، عضو هيئة الأركان «الإسرائيلية» في حرب 1967، الذي نقل عنه زئيف شيف المراسل العسكري لصحيفة «هارتس» قوله. «لقد فشل الجيش «الإسرائيلي» من الناحية العسكرية في حرب الاستنزاف، وهذه أول معركة نهزم بها في ساحة القتال منذ قيام الدولة، لدرجة أننا قبضنا على أول قشة ألقيت لنا، أي وقف إطلاق النار. لأننا لم نستطع التسبب بانهيار النظام المصري بواسطة القصف في الأعماق. لأننا تخلينا عن سيطرتنا على سماء مصر، لأن مصر هي التي حددت الأهداف في حرب الاستنزاف، وهي التي فرضت على «إسرائيل» الدفاع عن النفس» ، بحيث كانت حرب الخامس من يونيو آخر انتصارات «إسرائيل» في صراع الوجود واللاوجود مع شعب فلسطين وأمته العربية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2165239

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني فرسخ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165239 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010