الجمعة 31 آذار (مارس) 2017

ناقل الكفر ليس بكافر!

الجمعة 31 آذار (مارس) 2017 par د. فايز رشيد

الإعلام قضية, هدف ورسالة. قد تختلف الأهداف بالطبع وفقا لطبيعة منطلقات الوسيلة الإعلامية, ولكن من أنبل الأهداف أن تكون الرسالة والهدف ممزوجين في تعبير بسيط, اسمه “الوطنية” التي يتفرع منها تعبير “المقاتل” أو “المقاوم”, كصفة توسم بها وسائل تحقيق الهدف, وفي حالتنا المعنية, الفضائية كوسيلة إعلامية.
من الصعب على مطلق مراقب, فهم البيان الإعلامي للناطق الإعلامي باسم حماس الأخ فوزي برهوم, الذي اتهم فيه فضائية “الميادين” بـ”نشر الادعاءات والأكاذيب”, هذا فيما يتعلق باعتراف الحركة بـ”حل الدولتين”, وفقا لما صرّح به وأعلنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو, في قاعة “نادي الصحافة الوطني الأميركي” في واشنطن, عندما سُئل عن عدم تقييم بلاده لحركة “حماس” كتنظيم إرهابي! أجاب الوزير بالحرف الواحد: “مارسنا ضغوطًا على حماس لإلقاء السلاح والدخول في مفاوضات مع إسرائيل, وقد أبدت استعدادها للقبول بإسرائيل في حال حصول أية تسوية”. فورًا, كان الواجب يقتضي على الإخوة في حماس نشر تكذيب فوري للخبر, ردًّا على أوغلو. لكن بيانا عن الحركة لم يصدر حتى اللحظة. فضائية الميادين نشرت الخبر, كما مواقع أخرى كثيرة, الأمر الذي دعا حماس لشن هجوم على الفضائية العربية المقاتلة, والتي ـ وبصدقٍ أقول ـ لولا جهودها الجبارة في هذه المرحلة, الغاية في الرداءة من التاريخ العربي المعاصر, لما سمع مطلق عربي بحركات المقاومة في العالم العربي, وفي القلب منها المقاومة الفلسطينية, ولا بالمقاومة والمعارضة بشكل عام على الصعيد العالمي, إلا من باب رفع العتب, وليس كقضية وطنية وقومية عربية, باعتبار الفضائية جزءًا أساسيًّا في عملية المواجهة.
بداية, لستُ موظفا في فضائية الميادين, وإنما أكتب رأيي عنها كمواطن فلسطيني عربي مهتم بما يجري لقضية شعبه الوطنية, وما يجري حولنا من أحداث على الأصعدة العربية والإقليمية والدولية. نعم, بات مواطننا العربي قادرا على التفريق بين الغثّ والسمين في الإعلام: بين من يهدف إلى تعويد المواطن العربي على التآلف في التطبيع مع الكيان, باعتباره مسألة عادية ومقبولة, ولهذا بدأ هذا الإعلام في إدخال الصهاينة إلى بيوتنا, في عملية تدرّجية مخطط لها ومدروسة بعناية! وبين إعلام متمسك بمبادئ المقاومة ومحاربة التطبيع, فيبدو الأخير مثل القابض على الجمر, في الوقت الذي نرى فيه علاقات شبه طبيعية بين البعض العربي والعدو الصهيوني, إلى الحد الذي بدأ فيه هذا البعض يجاهر بعلاقاته الإسرائيلية, من خلال تبادل الوفود والزيارات لمسؤولين من الطرفين! ناسين أو متناسين أن الكيان الإسرائيلي هو دولة أكبر إرهاب منظم في التاريخين القديم والحديث! وبالفعل تتوهم كل دولة عربية أنها ستكون بمنأى عن الإرهاب الصهيوني الذي إن لم يستهدفها الآن, سيستهدفها حتما في المستقبل القريب. وأمام القراء الأعزاء الكثير من الأمثلة عن صحة ما أقول, ولقد نشرتُ مقالات عديدة على صفحات “الوطن” عن الإرهاب الصهيوني في الأرض العربية, منذ إنشاء الكيان الصهيوني عنوةً وقسرًا, حتى اللحظة, هذا الذي لن يتوقف إرهابه, إلا بإنهاء وجود دولته, التي في أحد أسباب قيامها كان ممارسة الاعتداءات والحروب الإرهابية على الدول العربية, وعلى كل ظاهرة تحررية في العالم, إضافة إلى نسج أفضل الوشائج مع كل الأنظمة العنصرية على صعيد الكرة الأرضية.
نعم, في الجعبة الكثير من التصريحات لقياديين وناطقين رسميين في حماس, أذكر, وعلى سبيل المثال لا الحصر: لقد اعتبر أحمد يوسف في أحد تصريحاته, وهو أحد الناطقين باسم الحركة: “أن شطب حركة حماس من قائمة الإرهاب بات مجرد مسألة وقت”, كاشفًا في تصريح صحفي له النقاب عن أن اتصالات تجريها الحركة بمساعدة من دول عربية وإسلامية لإقناع الدول الكبرى والأوروبية, برفع اسم حماس من قائمة الإرهاب. وأضاف يوسف مستغربًا: ليس من المعقول أن تدعم الدول الغربية, الأنظمة الإسلامية في كل من تونس ومصر(أيام الرئيس السابق محمد مرسي العياط بالطبع), وتواصل مقاطعة حماس, التي خرجت من رحم هذه التيارات الإسلامية, وتضعها على قائمة الإرهاب, هذا خطأ في المعادلة الدولية”. تصريح يوسف عنى فيما يعنيه إعطاء مصداقية كبيرة لكافة التقارير والأنباء التي تحدثت عن مباحثات سرية بين حركة حماس والعديد من الدول الأوروبية في العديد من العواصم. كما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها, نقصد بذلك الاتفاق السري الذي جرى إبرامه وبوساطة مصرية بين حركة حماس ودولة الكيان الصهيوني على إثر العدوان الصهيوني على القطاع وعقد هدنة غير معلنة, وإزالة حماس من قائمة الإرهاب والاعتراف بها, مقابل قبولها بحل الدولتين. من جانبه فإن رئيس المكتب السياسي للحركة (حتى اللحظة) الأخ المناضل خالد مشعل, كان قد قال في مقابلة له مع فضائية “سي إن ان” الأميركية عندما سأله المحاور عن إمكانية اعتراف حركة حماس بإسرائيل؟ أجابه يومها: بأننا نعترف بالواقع ونريد إقامة دولة في حدود عام 1967, هذا غيض من فيض, ثم ما يجري الحديث عنه من إمكانية إقامة دولة للفلسطينيين في غزة.
إن أحد أهم شروط الإعلام هو: التزامه بقضايا أمته الوطنية, واقترن جوهره دوما بمدى التزامه بعدالة القضايا التي يدافع عنها, بالتالي: فإن دوره كبير, إلى الحد: أنه يفرض حقائقه. “الميادين” هي إحدى الفضائيات الرائدة في هذا المضمار. هي من أنجح الفضائيات في العالم العربي. ولذلك, استقطبت ولا تزال تستقطب جزءا كبيرا من جماهيرنا الفلسطينية, وأمتنا العربية من المحيط إلى الخليج. الإعلام قضية, هدف ورسالة. قد تختلف الأهداف بالطبع وفقا لطبيعة منطلقات الوسيلة الإعلامية, ولكن من أنبل الأهداف أن تكون الرسالة والهدف ممزوجين في تعبير بسيط, اسمه “الوطنية” التي يتفرع منها تعبير “المقاتل” أو “المقاوم”, كصفة توسم بها وسائل تحقيق الهدف, وفي حالتنا المعنية, الفضائية كوسيلة إعلامية. قال الرئيس عبدالناصر يوما “المقاومة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة عربية”, ومن النبل بمكان نقل دقائق صورة مقاومة شعبنا للسوبر فاشيين الجدد, هذا الإعلام المعني بذلك, يستحق أن يُطلق عليه “الإعلام المقاتل”.. الميادين هي الفضائية المقاتلة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010