الأحد 29 آب (أغسطس) 2010

اشتراطات نتنياهو لسلام أوباما!

الأحد 29 آب (أغسطس) 2010 par عبداللطيف مهنا

ليقبل التفاوض المباشر، الذي لطالما رفع شعاره، اشترط نتنياهو مفاوضات مع «سلطة» رام الله بدون شروط مسبقة، بمعنى قوله سلفاً، أن لا لكل ما كان من تحفظاتها أو مطالباتها، التي ظلت تتواضع لتستقر على مجرد ما قد يتيسر من مجرد تطمينات من قبل رعاة هذا التفاوض، وأكد ذهابه إليها دونما التخلي قيد أنملة عن سياساته التهويدية، أو الالتزام بما قد يقيدها.

تراجع الجميع، الراعي الأمريكي، والمتعهد العربي، والمتحفظ الفلسطيني... وأطلقت الرباعية الدولية، دخان بيانها الملتبس لتستر عورة هذا التراجع... كان المنتصر الوحيد في هذه المعمعة التصفوية هو نتنياهو، وهذا ما حدا بالداهية بيريز لأن يعقب منوّهاً : إن ««إسرائيل» تقف على عتبة عهد جديد»، ولم يكتم حبوره فأضاف «الكثيرون لم يكونوا يصدقون أننا سنصل إلى هذه اللحظة»!

تقرر موعد الكرنفال التسووي المرغوب في واشنطن. وجهت الدعوات، فقبلت الأطراف المعنية والمدعوة مرحبة، واستعدت إدارة أوباما للإفادة ما استطاعت من عروضه المنتظرة لمداواة تراجع شعبيته، وبعض العدة لقريب ملاقاة الجمهوريين في ساح المعارك الانتخابية التي تطرق الأبواب منذرة الديموقراطيين بما يقلقهم. وتوخت بعض التغطية على فشله في تضميد الجروح الإمبراطورية الغائرة وهو يتابع تنفيذ جوهر سياسات سلفه بوش، في العراق وأفغانستان، وسائر ساحات مطاردة العدو اللامرئي المسمى بـ «الإرهاب»، تلك الكائنة والمرشحة مستقبلاً...

لم يفوت نتنياهو الفرصة، استل شروطاً من جعبته التي لا تنضب، وشهرها سلفاً، وليسمع القاصي والداني أن لا تنتظروا تسوية بدون :

أولاً : «ترتيبات أمنية حقيقية على الأرض»، بمعنى تثبيت الاحتلال في الأجزاء المطلوبة من الضفة... وجاءت التفسيرات «الإسرائيلية» اللاحقة لهذا الشرط لتتحدث عن البقاء الدائم في غور الأردن، أي على امتداد الحدود مع المملكة الأردنية، وكذا قمم الجبال المشرفة على هذا الغور. وزيادة في التوضيح يضيف «نحن نناقش اتفاق سلام بين «إسرائيل» ودولة فلسطينية منزوعة السلاح». وتضيف إلى ما أضافه هذا المصادر «الإسرائيلية» مفسرة فتقول : «ولا يجوز لها عقد اتفاقيات أمنية مع أي طرف دون موافقة «إسرائيل»»... هذا حول هذه «الترتيبات الأمنية الحقيقية»، وتلك الدولة المفترضة التي بلا سيادة، فماذا عن باقي الشروط؟!

يقول نتنياهو : «وثانياً الاعتراف بـ «إسرائيل» كدولة قومية للشعب اليهودي، ما يعني، أن مطلب حق العودة للاجئين سينفذ ضمن إطار الدولة الفلسطينية»... أو بالأحرى، شطب حق العودة نهائياً، والتبرير المسبق لتنفيذ مخططات تليدة لطرد فلسطيني المحتل عام 1948 من فلسطين لاحقاً، أو ما يعرف بمخطط الترانسفير للتخلص من الخطر الديموغرافي الفلسطيني في داخل دولته اليهودية.

... ويضيف «وثالثاً، انهاء الصراع»... بمعنى تصفية القضية الفلسطينية نهائياً والتسليم بانتصار المشروع الصهيوني، فلسطينياً وعربياً وبضمانة دولية.

ما لم يذكره نتنياهو في شروطه، وهو يذهب، كما يقول، للتفاوض على الحل النهائي، هو القدس التي هي عنده قد غدت يهودية وأمسى موضوعها خارج البحث تماماً... ثم ما قاله لاحقاً وهو أنه يرفض تمديد ما عرف بقرار «تجميد الاستيطان» الذي لم يجمد يوماً...

وكالعادة، عندما يصمت نتنياهو يتكفل ليبرمان فيكمل ما بدأه... ماذا عن تتمات ليبرمان :

أولاً : ورغم كل تراجعات «السلطة»، يشكك سلفاً في وجود «شريك فلسطيني»، ويستبعد التوصل إلى اتفاقات تسووية خلال العام المرصود رباعياً، ويدعو محبي السلام «الإسرائيلي» الذاهبون للكرنفال الأوبامي لأن لا يبالغوا في أحلامهم فيقول لهم : «اعتقد أن هناك مجالاً لخفض سقف التوقعات والتحلي بالواقعية».

وثانياً : فيما يتعلق بالاستيطان، يحذر ليبرمان سلفاً : «لا يمكن لـ «إسرائيل» أن تستجيب لطلب أمريكي آخر بتجميد أعمال البناء في الضفة الغربية، بعد أن قدمت هذه اللفتة في الماضي»... ويعيد التأكيد، وهو يمنن الأمريكيين على «لفتة التجميد» تلك، على مالا يختلف عليه في الوسط السياسي «الإسرائيلي» : «وأعمال البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى يجب أن تستمر كالمعتاد».

وهنا لابد من الإشارة إلى مصطلح «إسرائيلي» تهويدي جديد، أطلقه دان ميريدور، يتحدث عن «استيطان مقلص»، إن لزم الأمر تفاوضياً... لعل ميرادور هذا يبيع الأمريكان المخرج المطلوب من بعض حرج لابد آت نهاية فترة التجميد المزعوم الذي هو قاب قوسين أو أدنى... كما لابد من الإشارة أيضاً إلى أن قادة «المستوطنين» قد أعلنوا أنهم يستعدون لشن «حملة شديدة الشراسة على المستوى السياسي» استعداداً لتهويد بلا حدود أو تقليص...

هذا «إسرائيلياً»، فما هو موقف الأطراف الأخرى التي سوف تسهم في كرنفال أوباما التسووي المنتظر؟!

أولاً : أمريكياً لم يعد هناك ما يزعم الواهمون بوجوده قد يدل على أن ثمة من فارق ما بين المواقف الأمريكية و«الإسرائيلية»، بل لا يعدم الأميركان أنفسهم وجود من يدهشه مدى التماهي بين الموقفين.

وثانياً : دولياً، وحيث لايمكن فصل الدولي عن الأمريكي، بيان الرباعية، وتاريخها، وبليرها، اثبت أنها منذ أن كانت وستظل شاهد زور وطرفاً متواطئاً، أو أقله لا يخرج عن السياق المراد أمريكياً.

وثالثاً : عربياً، الجامعة التي غطت ذهاب رام الله إلى مجمل هذه العبثية التصفوية، عبرت عن «قلقها»، واستراحت... أما الوسيطين المصري والأردني، أو ضيفا الشرف في احتفالية أوباما السلمية، فلهما الباع الطويل دفعاً وتحضيراً لهذا اليوم الموعود!!!

ورابعاً : أما «السلطة»، التي منعت مؤتمراً يعارض التفاوض في رام الله، فيؤكد «رئيسها» أبو مازن بأنه ذاهب للمفاوضات حتى ولو كان نصيبها 1% من النجاح!!!

... وبانتظار الكرنفال التصفوي هذا الأسبوع، حيث سيتفاوض المتفاوضون فيه على ما تبقى مما تسمح لهم به شروط نتنياهو، فإن هذه المفاوضات المفترضة سوف تفضي نظرياً إلى واحدٍ من أمرين : إما الفشل، وهنا لابد من الإشارة، أنه لم يجرؤ أحد بعد على التفاؤل بنجاحها، وفي هذه الحالة يكسب «الإسرائيليون» الوقت الإضافي لإكمال مسلسل التهويد لما تبقى من فلسطين... وإما النجاح، والذي لن يكون إلا بمعنى تحقيق نتنياهو لـ 99% من اشتراطاته، وتحقيق أبو مازن للواحد في المائة، من تلك النسبة من النجاح التي قال أنه سيذهب ولو من أجلها... في كلا الحالتين الفائز الوحيد هو نتنياهو، أو ما يعني أن الخاسر هو الشعب الفلسطيني ومعه الأمة العربية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165940

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165940 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010