حشدت «إسرائيل» جيشها وآلياتها؛ لتخوض حربها ككل مرة على الفلسطينيين العزل، وتوجهت إلى قرية أم الحيران في النقب المحتل؛ لتهدم المنازل فوق رؤوس البدو، الذين يقيمون منذ ردح من الزمن في قريتهم، التي بنوها عام 1956 بعدما هُجّروا قسراً من قراهم في حرب ال48. عقلية الاحتلال التوسعية لم تستثنهم، وأبت إلا أن تهجرهم مرة أخرى. فهدمت المساكن فجراً، واعتدت على السكان، وقتلت فلسطينيين وحاصرتهم، ومنعت المصابين من الخروج.
جاء الاعتداء بعد، يوم واحد، من تصريحات جون كيري، الذي ودع اليوم منصبه وزيراً لخارجية الولايات المتحدة، الذي أكد فيها أن الاحتلال يقوم بعمليات ضم للأراضي الفلسطينية ببطء، ويدمر حل الدولتين. وبهذا التصريح يمكن تفسير إقدام الاحتلال على هدم أم الحيران، رداً عليه. ف «إسرائيل» خاضت معركة كسر عظم مع إدارة أوباما، التي عدتها عدواً لدوداً، لعدم دعمها المطلق لسياساتها.
الكيان الآن في مواجهة محمومة مع العالم، خاصة بعد اجتماع باريس، الذي ضم 70 دولة، فالمؤتمر الفرنسي يعد ضربة قاصمة للاستيطان والحكومة اليمينية الداعمة له، وجاءت تصريحات كيري المتتابعة التي تنتقد الكيان، صفعة إضافية أصابت الكيان بالصرع، لتجعله يقدم على خطوات مجنونة انتقاماً. فشرع في سن قانون لضم مستوطنة «معاليه أدوميم» المقامة في الضفة والقريبة من القدس، وباعتبار هذه المستوطنة تابعة ل«السيادة «الإسرائيلية» يعني قطع أوصال الضفة، وفصل شمالها عن جنوبها. ولم يقتصر الأمر على هذا فهي قد أقرت سابقاً قانوناً يُتبع المناطق المصنفة «ج»، التي تشكل 60% من أراضي الضفة للكيان.
الاحتلال بهجومه على الضفة، والقرى العربية في الداخل المحتل، يحاول تغيير التركيبة الديموغرافية، من خلال تجميع الفلسطينيين في تجمعات معينة، ومن ثم عزلها وخنقها، ليطرح بعد أن يرسم حدوده كما يريد، مبادرات الحل مع الفلسطينيين، لكنه يكون قد قتل جوهر أي دولة حقيقية.
الاحتلال لن يتوقف عن حربه الوجودية، فهو يضرب في كل مكان، ولا يستثني أحداً، وهذا يتطلب من الفلسطينيين بمناطق تواجدهم كافة، التوحد في المواجهة، والتعاضد والتعالي على التقسيمات التي فرضت عليهم، فالضفة وغزة وال48 سواء، والجميع يتعرض للظلم نفسه.
ويقع على عاتق العالم إعادة الأمور إلى نصابها برد المظالم، وإنصاف الفلسطينيين بعد أن ذاقوا الويلات، وعدم الاعتراف بالحقوق فقط، بل عليه أن يتبع تصريحاته بخطوات عملية، تردع الكيان. فتصريحات كيري مهمة، ويمكن البناء عليها، لكن لا يمكن الوثوق بنواياه تجاه القضية الفلسطينية، فغالباً هذه مناكفات مع الغريم نتنياهو، أكثر من كونها انتصاراً للحقوق المشروعة للشعب الأعزل. فإدارة أوباما قدمت دعماً كبيراً للكيان، وأخيراً مولته ب 38 مليار دولار، لبناء برامجه العسكرية. من أراد نصرة فلسطين فلينصرها عملياً، لا بأقوال وبيانات هنا وهناك بغرض المناكفة.
الجمعة 20 كانون الثاني (يناير) 2017
حرب وجودية
الجمعة 20 كانون الثاني (يناير) 2017
par
علي قباجة
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
38 /
2178803
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2178803 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 16