السبت 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2016

هل تصحو أمتنا العربية؟

السبت 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 par د. فايز رشيد

أن ترى صورة الصهيوني برنارد ليفي حول الموصل أو في مكان ما..عليك أن تدرك أن الكيان الصهيوني له يد فيما يجري في هذا المكان. المعني , واحد من الذين تثيرهم جدا وتمتعهم مناظر الدم الأحمر القاني, وبرك الدماء التي يخلفها بعد مغادرته مقاعد المتفرجين في ميادين النزاعات. شوهد في شهر آذار/مارس من عام 2011 في ليبيا, حيث شارك في المفاوضات مع “الثائرين” في بنغازي, ودعا دول العالم إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي. وفي وقت متأخر من الشهر نفسه أعلن مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن مبادرة للتدخل العسكري في ليبيا. ويقال إنه كان صاحب “الفضل الكبير” في إقناع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بشن غارات جوية في هذا البلد العربي. برنارد ليفي من ناحية, لا يؤمن بأي قيمة إنسانية, ومن ناحية أخرى يستغل بمهارة كل المشاعر الإنسانية, فيصرخ بصوت عال مؤججا الرعب والمخاوف .. ربما لأنه يهيم بمناظر القتل, ويعشق صوت انفجار القنابل المدمرة للعمارات السكنية على رؤوس أصحابها.. فإذا ظهر في مكان ما, مثلما قلنا, فذلك يعني أن مسلخا بشريا سيبدأ عمله في الجوار, وأن الدماء ستتدفق هناك. إنه مثل كيانه الفاشي, نذير الشؤم المرتبط بإثارة الفتن المرعبة الكبرى وموقد نارها.
بالمقابل للأسف,فإن الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية هي العناوين البارزة في العديد من الساحات العربية, وتهدد بالانتقال إلى ساحات أخرى. الصراعات بدأت تنحر الجسد الشعبي العربي, وقد أصبحت تتمثل في: صراعات تناحرية على حساب صراعات أخرى, من المفترض أن تكون هي الأساسية, هي التناحرية، التناقضية الرئيسية: كالصراع مع العدو الصهيوني. وأيضا على حساب صراعات أخرى: كالصراع مع استهدافات عموم المنطقة لإفراغها من محتواها التاريخي وسماتها الرئيسية المرتبطة بالتاريخ والحضارة العربية, كالاستهداف الطامح إلى تحويل المنطقة إلى شرق أوسط جديد أو كبير تكون فيه إسرائيل: ليست القوة الرئيسية فحسب وإنما المكون الأساسي من مكوناتها التاريخية والحضارية, المهيمنة على المنطقة ليس سياسيا فحسب, وانما اقتصاديا بالشكل الذي تساهم فيه, في فرض جدول أعمال المنطقة مثل أيضا على الصراعات المفترضة: الصراع ضد الاستهداف الطامح إلى تفتيت الدولة القطرية العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية, متنازعة فيما بينها ومتحاربة مستقبلا.
نعم, وبجوار المعارك الدائرة في كل من منطقتي الموصل وحلب, هناك نشاط سياسي وحراك دبلوماسي, واتصالات واجتماعات تثير الشكوك. ولأن الشك يثير التساؤل, والسؤال يقود إلى اليقين, نسأل ونتساءل حول نوايا هذا الحشد الدولي العسكري والسياسي والإعلامي المتعلق بتحرير كل من الموصل وحلب! وما حولهما وبعدهما. ما يثير الشكوك اكثر, أن هذا الحشد العراقي والإقليمي والدولي المتحمس لتحرير الموصل, وتخليص المدينة واهلها من ظلم داعش, لم يقرر ضرب التنظيم والحاق الهزيمة به, بل يريد له الخروج من الموصل والتوجه إلى الشمال السوري. وبالتحديد إلى ادلب ودير الزور والرقة, حيث الامارة السلفية. والعجيب الغريب المدهش هو, أن الدول الغربية, وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تدعو وتدعم وتشارك في معركة الموصل, ولكنها هي ذات الدول, التي تدعم بقاء التنظيمات الإرهابية الأصولية المتطرفة في حلب, وتعمل على حمايتها, لدرجة التهديد بالتدخل العسكري! او التلويح بفرض عقوبات على سوريا وروسيا.
الثابت ان هذا التناقض في الموقف الغربي, ما بين معركة الموصل والحرب في حلب, يشير بكل وضوح إلى النوايا الساعية إلى تقسيم العراق وسوريا, وان اختلفت الوسائل والمواقف والأساليب. فدخول الأكراد في المعركة بهدف التوسع والفوز بحصة من الغنائم, وظهور تركيا في المشهد العراقي, وحديث اردوغان عن مقعد تركي حول طاولة التفاوض وخطابه, الذي ذكر فيه بالحرف: بأن الموصل ومنطقتها كانت تابعة لتركيا! كما أهداف السلطان العثماني في السيطرة على جزء كبير من الشمال السوري وحلب تحديدا, يؤكد التوجه الغربي نحو تقسيم العراق, على قاعدة طائفية وعرقية, بوجود حكومة عراقية محشورة في زاوية محاربة داعش وتحرير الموصل. اما بالنسبة إلى حلب, هناك قضية اخرى, فالمشهد يختلف في تفاصيله واهدافه. نعم, في حلب يخوض التحالف الغربي معركته الأكبر والأهم, فهو يريد حماية التنظيمات المتطرفة في حلب وشمالها وشرقها, واستخدام هذه التنظيمات ورقة للتفاوض والضغط في وقت واحد, بهدف عرقلة الحسم العسكري الرسمي السوري, رغم الجهود السورية والروسية للتخفيف من حدة المواجهة عبر الدعوة للهدنة وفق برنامج زمني محدد, الا أن التحالف الغربي والتنظيمات المتطرفة يعملان على خلط الأوراق من جديد, لإفشال المشروع الروسي.
الثابت أن الدول الغربية تريد اسقاط النظام وتفكيك الدولة السورية, أو اقامة نظام حكم فدرالي فيها, من اجل انهاء حالة الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني, وبالتالي تصفية قضية الشعب الفلسطيني. وهناك اطراف بعض عربية, اقليمية ودولية عديدة, تعتقد أن الأمة العربية أمة مريضة خرجت من التاريخ, ويجب توزيع تركتها, وأن الفرصة التاريخية قد حانت لتغيير الحدود والشعوب في المنطقة, فالأكراد يتوسعون في الشمالين العراقي والسوري. واذا كان اردوغان قد فتح دفاتر الجغرافيا فنحن نفتح كتب الجغرافيا والتاريخ أيضا للرد على مزاعمه. في التاريخ والجغرافيا نعرف ان حلب والموصل مدينتان عربيتان, وأن فترة الحكم العثماني للبلاد العربية لا تعطي الرئيس التركي حق التلاعب بحقائق التاريخ, وهو يعرف ان معاهدة لوزان اقتطعت العديد من المدن والمناطق السورية العربية وضمتها للدولة التركية مقابل التنازل التركي عن بعض جزر بحر ايجة.
الحقيقة أنه كلما تقدمنا في المسير إلى الأمام تتضح معالم المشهد, وتتكشف اهداف هذه الحرب التي لا تحمل اسما محددا سوى دمار العالم العربي, ومقاصدها اوسع من الساحتين العراقية والسورية، فالأمة العربية في وضع نتلقى الهجوم, والهدف هو اسقاط الهوية العربية, واستبدالها بهويات طائفية ومذهبية, وبالتالي انهاء قضايانا القومية لصالح الوجود الاسرائيلي في المنطقة. هل نصحو كأمة عربية من المحيط إلى الخليج؟ السؤال برسم كل جماهير أمتنا العربية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165485

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165485 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010